الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شريعة الصحراء .... هذا الميراث الثقيل ! 1/3

منال شوقي

2016 / 1 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن أحكام الشريعة الإسلامية و ما جاءت عليه من شمولية لم تلقي بالا للحالات الخاصة و التي تتطلب أحكاما خاصة مختلفة عن تلك العامة التي التفتت إليها الشريعة مما يكون سببا في وجود ضحايا لغبن أحكام الشريعة الإسلامية غالبا .
و الأمثلة علي ذلك كثيرة و منها ميراث الأنثي الذي يعادل نصف ميراث الذكر حصرا بلا أي إستثناءات , يقول القرأن : يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأثثيين ( النساء ) ,و قد كانت حجة هكذا تشريع أن المرأة يكفلها زوجها و ليست مطالبة بالإنفاق علي أسرتها في حين أن الرجل كذلك و لذا وجب تمييزه بضعف ميراث شقيقته .
و الحالات الخاصة أو الأمثلة التي يمكن سوقها كدليل علي فساد هكذا علة كثيرة ومنها علي سبيل المثال إمرأة تعول أطفالا و قد توفي عنها زوجها أو زوجة بأطفال تزوج عليها زوجها ثانية و ثالثة فشح ماله لكثرة الزوجات و الأطفال أو أخري مرض زوجها بمرض عضال فأصبح غير قادرا علي العمل , هؤلاء النسوة يصبحن عائلا رئيسيا إن لم يكن وحيدا لأطفالهن و في حين يستطيع شقيق الأرملة أن يعمل بوظيفتين لزيادة دخله , لن تستطيع هي سوي العمل في وظيفة واحدة كي تتمكن من ؟إيجاد الوقت لرعاية أطفالها , فأيهما أحوج لمال يأتي من ميراث ؟
إن أبسط قواعد العدل و الإنسانية تقول بأن ترث امرأة لها ظروف كتلك ضعف شقيقها و ليس العكس .
.
أما عن قول المروجين للشريعة و المدافعين عنها بأن إمرأة في تلك الظروف مسؤولة شرعا من أخيها فليس إلا تحايل لا تعززه أي قاعدة شرعية وردت في القرأن و تكون بقوة و فعالية أية الميراث المحددة الصريحة و الإستشهاد بقوله ( الأقربون أولي بالمعروف ) ليس إلا حلا هلاميا يخضع لدرجة إنعام الأخ إذا أنعم و ليس من حكم شرعي يجبره , فإن فعل فليس من مقدار معلوم لهذا المعروف و الذي قد يكون فتاتا لا يغني و لا يسمن من جوع !
و إن حكم لها القاضي بنفقة شهرية يدفعها لها شقيقها فذاك محض اجتهاد لم تأتي الشريعة عليه بنص و لا حكم و لا يُعد حكما إلهيا بل وضعيا بشريا يأتي ليعوض نقصا في الشريعة الإسلامية و طالما وُجِد النقص و احتاج القانون ا( لإلهي ) للتكميل و التعديل فهو لا يصلح للعمل به من الأساس .
.
و استلهاما من المقولة الشهيرة ( العدل لا يعني المساواة ) و التي يُقصد منها الإستدلال علي أن تحقيق العدل لا يعني بالضرورة توزيعا متساويا للميراث علي نفس خلفية أن الرجل المنفق علي عائلته يحتاج لميراث أكبر من شقيقته الغير مًلزمة به مما يعني أن القاعدة التي إستلهم منها التشريع الإسلامي للميراث هي مدي حاجة الوارثين للمال أفترض وجود شقيقين أحدهما سليم معافي و الأخر يعاني عاهة تمنعه عن العمل بل و تفرض عليه إنفاقا خاصا كشراء أدوية أو وجود مساعد يقوم علي شؤونه بصفة دائمة كما في حالة المقعد أو الأعمي علي سبيل المثال و ليس من شك في أن عدم المساواة بين هذين الأخين في الميراث بتفضيل المعوق مراعاة لظروفه الصحية هو العدل عينة تطبيقا لنظرية ( العدل لا يعني المساواة ) فهل هذا ما يقول به الشرع ؟
بالطبع لا
إلتفت الشرع فقط لتمييز الرجل علي المرأة التي هي في الإسلام تابع يكفله الرجل ماديا و يربطه بحبل الإحتياج المادي فيضمن بذلك وأد أي فرصة للندية التي لا يعترف بها المسلم الحق و يعتبرها إنتقاصا من كرامته و ذكوريته و عكف المبررون أصحاب منطق الثلاث ورقات علي ابتكار الحيل التي تخدع المنطق السليم للوهلة الأولي من مثل مقولة ( العدل لا يعني المساواة ) و التي إن افترضنا جدلا صحتها في حالة عدم المساواة في توزيع الميراث بين الذكر و الأنثي لكون الأول يحتاج للمال أكثر من الثانية لوجدنا أن الشرع نفسه يخالف تلك المقولة في حال إن كان أحد الأخوين الذكور مريضا مرضا عضال يستلزم إنفاقا أكثر من شقيقه السليم و علي أحسن الأحوال فلن يستطيع المريض أو المعاق أن يجني المال كشقيقه السليم !
فهل ظهر العوار ؟
.
يقول أحد مشايخ الإسلام في تفسير حكمة الله من تشريع الميراث : الجل مُكلَّف شرعاً وقانوناً بالإنفاق على أخته من أكل وشرب ومسكن ومياه وكهرباء وملابس وتعليم ومواصلات ورعاية صحية ونفسية ويُزوِّجها أيضاً , أى فأخته تشاركه أيضاً فى النقود التى قسمها الله له ( فى الحقيقة لهما ) , هذا بالإضافة إلى أنه مُكلَّف بالإنفاق على نفسه وأسرته من زوجة وأولاد ، وإذا كان فى الأسرة الكبيرة أحد من المعسرين فهو مكلف أيضاً بالإنفاق عليه سواء كانت أم أو عم أو جد أو خال .. (مع تعديل التقسيم فى الحالات المختلفة) .
.
و أقول له , أما عن قانونا فاتركها جانبا إذ أن القوانين الوضعية لا فضل للشريعة الإسلامية عليها بل هي من أصيل الدولة العلمانية التي نطالب بها و أما شرعا فكنت أتمني أن ترفق الحكم الشرعي الوارد في القرأن و الصريح المفصل الذي يُلزم الأخ بالإنفاق علي أخته مع بيان القاعدة الحسابية التي أقرها الشرع لهذا الإنفاق
.
و من المصداقية أن نذكر أن بعض المشايخ يجيزون قسمة الميراث بالتساوي بين الأخوة ذكورا و إناثا في حال أن وافق الأشقاء علي توزيع الميراث بالتساوي مع شقيقاتهم , و للمرة الثانية يخضع الأمر للمنة و الفضل !
فإن هم رفضوا فليس عليهم حرج فلهم أن يتنازلوا بإردتهم عن حقوقهم أو أن يتمسكوا بها .
.
أما عن العطية أو الهبة أو الوصية التي قد يقترحها حلا لمراعاة ظروف الأبناء الأكثر إحتياجا للمال كالإبن المعوق أو المريض أو الطفل الذي لا يستطيع أن يكسب عيشه , فنجد أن السنة النبوية جاءت قاطعة في تحريمها.
أخرج أبو داود في سننه تحت باب في الرجل يفضل بعض ولده في النُحْل: عن النعمان بن بشير قال: أنحلي أبي نحلاً أو نُحلةً غلاماً له. عنده عبد أعطاه لولده، قال: فقالت له أمي عمرة بنت رواحة: ائتي رسول الله صلى الله عليه فأشهده، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال: إني نحلت ابني النعمان نُحلاً، وإن عمرة سألتني أن أشهدك على ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألك ولد سواه؟) قال: قلت: نعم، قال: (فكلهم أعطيت مثل ما أعطيت النعمان؟)، فقال: لا، فلما قال: لا، قال عليه الصلاة والسلام: (فأرجعه). وفي رواية: (فرده)، وفي رواية: (فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم). فرجع أبي في تلك الصدقة، وفي رواية: (فلا تشهدني إذن، فإني لا أشهد على جور). ظلم، وفي رواية: (فأشهد على هذا غيري). وفي أخرى: (أيسرك أن يكون بنوك في البر سواء؟) قال: بلى، قال: (فلا إذن). وفي لفظ: (أفكلهم أعطيته مثلما أعطيته؟) قال: لا، قال: (فليس يصلح هذا، وإني لا أشهد إلا على حق). وكل هذه الروايات والألفاظ في الصحيح.
وزعم بعض أهل العلم أن التفضيل مكروه، ولكن المتأمل في الحديث ورواياته وألفاظه يعلم علماً بأن التفضيل محرم، وأن المساواة بين الأولاد في الأعطيات واجبة، وأن الذي يخالف في ذلك فهو آثم، واستدل من قال بالكراهية: (اشهد على هذا غيري). وهذا اللفظ تهديد، وليس إذناً أبداً؛ لتسميته عليه الصلاة والسلام بذلك الأمر جوراً. إنتهي
.
و هناك مغالطة ساذجة نسمعها من حين لأخر و لا تمنعنا سذاجتها من الرد عليها !
يقول البعض أن الإسلام لم يظلم المرأة حين شرع الميراث حيث أن المرأة ترث أحيانا أكثر من الرجل كأن ترث الإبنة أكثر من الجد مثلا .
و بقليل من العقل لن يغيب عنا سذاجة هكذا ادعاء إذ أن المقارنات تُعقد بين الأنداد أي بين من هم علي نفس درجة القربي كأن أقارن الإبنة بالإبن و الجدة بالجد .
.
ثم تأتي الطامة الكبري حين يقرر الشرع ميراثا للعم في حال لم يكن للمتوفي إبنا ذكرا يمنع الإرث عن عمه و تلك القاعدة الشرعية تحديدا تفوح منها رائحة البيئة البدوية القبلية بشكل فج .
و كم من رجل خاف أن يوصي بماله لبناته في حياته كي لا يخالف شرع الله فعمد إلي الزواج من شابة صغيرة قد تستطيع أن تلد له ولي العهد الذي عجزت أم البنات عن الإتيان به أو علي الأقل أرهق زوجته بكثرة الإنجاب طلبا للولد الحاجب لعمه .
.
ثم إن كل محاولات تجميل و تعديل الشريعة الإسلامية بما يتناسب مع أحوال الناس و بما يتناسب مع المتغيرات المختلفة ستبوء كلها بالفشل إذا قالها القرأن صريحة : و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون و أيضا و من لم يحكم بما أنزل الله فؤلئك هم الفاسقون , و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون .
فإما شرع الله صرفا بلا أي إضافات و تعديلات بشرية وضعية تربأ به صدعا شرعيا أو أنك فاسق , ظالم كافر !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حتة من الجنة شلالات ونوافير وورد اجمل كادرات تصوير في معرض


.. 180-Al-Baqarah




.. 183-Al-Baqarah


.. 184-Al-Baqarah




.. 186-Al-Baqarah