الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لامن الانسانيفي المناطق المحررة : الاستراتيجية الغائبة

دهام محمد العزاوي

2016 / 1 / 12
المجتمع المدني


الامن الانساني في المناطق المحررة : الاستراتيجية الغائبة
د.دهام محمد العزاوي
المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق
لم يعد مفهوم الامن يتناول من جانبه الامني والعسكري ، فقد فرضت تطورات العولمة ان يتم تناول المفهوم بمفهومه الاوسع الذي يعني امن الانسان والمجتمع والدولة . فالامن الانساني بات جزءا او ضلعا لمثل الكرامة الانسانية الذي يشمل حقوق الانسان والتنمية البشرية والامن الانساني
ان شرعية وقوة اي حكومة لم تعد اليوم في كثرة جيوشها ولا في قوة قبضتها الامنية ولافي تراكم ارصدتها ولا في صناعتها ولا في ثرواتها من النفط والغاز وانما مصدر الشرعية هو تنمية راس المال البشري عبر تعليم ناجح وصحة مستدامة وسكن لائق وضمان صحي واجتماعي وسياسات تنموية لازالة الفقر، فهذه باتت من اهم مقومات الحكم الصالح والرشيد .
ان الحديث عن المناطق التي تم تحريرها من قبضة ارهاب داعش ولاسيما في محافظة صلاح الدين يتطلب اليوم رؤية شمولية لاحتياجات هذه المناطق تتجاوز مفهوم الامن باطاره التقليدي الذي يتمثل بطرد عصابات داعش وبسط الامن الى مفهوم شامل وواسع يتضمن امن المجتمعات المحلية في تلك المناطق بطريقة تعيد انتاج الحياة من جديد وتبث روح الامل عبر تنمية مستدامة تحقق احتياجات ابناء تلك المناطق في استقرار امني وسياسي وتنمية اقتصادية وقضاء على الفقر وتشغيل العاطلين عن العمل وتطوير مهارات ابناءها فضلا عن سياسات اعادة التاهيل للمواطنين المتضررين من الارهاب ، استراتيجية تاهيل واعادة اعمار المناطق المحررة في محافظة صلاح الدين يعني الحديث عن استراتيجية متعددة الابعاد قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى .
اولا استراتيجية قصيرة المدى تتمثل في الخطوات الاتية :
1- دفع التعويضات للعشائر الشيعية المتضررة من ارهاب داعش في يثرب وعزيز بلد والرواشد وسليمان بيك وامرلي اذ حصل في هذه المناطق احتكاك بين العشائرالمختلطة ونمت ثارات قد تطول عمليات محوها وبالتالي فان احد شروط جبر الضرر للعشائر يتمثل في دفع تعويضات لعوائل الشهداء الذين سقطوا جراء ارهاب داعش ، ان عدم دفع تلك التعويضا سيعطل جهود المصالحة ولن تقبل تلك العوائل بعودة الاهالي الى بيوتهم .

2- مؤتمر اولي للمصالحة بين العشائر الشيعية والسنية يفضي الى وثيقة شرف بتحريم الدم والبدء بمرحلة جديدة من العلاقات تخفف من الضغط والاحتقان الذي ولدته مرحلة داعش والتي ضغط على واقع العلاقات بين العشائر.


3- اعادة الخدمات الاساسية من ماء ومجاري وكهرباء ومدارس وطرق وجسور وازالة الالغام والعبوات الاعتماد على العمل التطوعي لابناء المنطقة ولاباس ان يشارك ابناء المناطق الشيعية في اعادة الاعمار كجزء من مفهوم اعادة اللحمة الاجتماعية .

4- السعي الى اعادة السكان الى مناطقهم والافضل عدم اعادة كل السكان وانما ذوي الحاجة لوجود تهديدات امنية واحتقانات اجتماعية ، اذ ان نسبة كبيرة من شباب العشائر محملون بمشاعر عداء بسبب عمليات الارهاب وحالات الانتقام المتبادل في هدم اليوت وتجفف المزارع وسرقة الممتلكات وهدم البنية التحتية للمناطق والفيسبوك .
5- ايجاد ميثاق شرف وعهد بين العشائر السنية ذاتها لمنع الاقتتال بينهم بسبب اتهامات متبادلة لهذا الطرف او ذاك بموالاة ابناءها لداعش .
6- تاهيل القوات الامنية من ابناء العشائر نفسها واخراج اي قوات اخرى ممكن ان تروع السكان وتبتزهم .
7- تفعيل اللجان الشعبية من شيوخ العشائر ووجهائها لاعادة الاعمار وترتيب الاولويات لتلك المناطق فضلا عن تعزيز العلاقة وتمتين الثقة بين تلك اللجان ومجالس المحافظات والمجالس البلدية .

ثانيا : استراتيجية متوسطة المدى وتتضمن الخطوات التالية :
1- عقد مؤتمر مصالحة وطنية حقيقية يتمثل بخطوات اعادة الشيعة الى المناطق السنية والسنة الى المناطق الشيعية وفتح المساجد والحسينيات هنا وهناك وتفعيل التبادل التجاري والزراعي وبما يضمن عودة الفلاحين الى الاراضي المتداخلة .
2- الاعتراف بشهداء الارهاب من السنة الذين قتلتهم داعش وقتلتهم المليشيات ، فبدون هذا الاجراء تبقى النفوس ثائرة وغائرة بحقد دفين وتبقى التساؤلات قائمة لماذا يتم تعويض الشيعي ولماذا لايتم تعويض السني !.
3- دخول الحكومة بقوة لاعادة اعمار المناطق المحررة ببنيتها التحتية وجسورها وطرقها ومستشفياتها ودوائرها الرئيسة من خلال صندوق اعادة اعمار المناطق المحررة واستراتيجية تنمية الاقاليم في وزارة التخطيط وتنظيم مؤتمر دولي لاعادة اعمار هذه المناطق .
4- ممارسة اعضاء مجلس النواب من ابناء المحافظة واعضاء مجلس المحافظة دورا مؤثرا في اعادة اعمار مناطقهم وهنا قد يلعب المحافظ دورا سياسيا بزيارات لدول الجوار ودول صناعية وتنظين اتفاقيات مع صناديق الاعمار العربية والدولية لاعادة الاعمار بمشاريع استثمارية من خلال توظيف قانون مجالس المحافظات رقم 21 لسنة 2008 .

ثالثا : استراتيجية طويلة المدى وتتضمن :
1- تفعيل برامج اعادة تاهيل ابناء تلك المناطق من الذين قتل ابناءهم وللنساء اللواتي ترملن وبرامج دعم فئة الايتام وذوي الاحتياجات الخاصة .
2- تفعيل برامج محو الامية حيث ان نسبة كبيرة من الشباب تركوا المدارس في اماكن النزوح وحين عودتهم فان الكثير من المدارس هدمت وتظل عملية ترميمها واعادة بنائها تحديا حقيقيا امام السكان ولاسيما في ظل التقشف بالدعم الحكومي .
3- تفعيل برامج وسياسات تخفيف الفقر عبر برامج الحماية الاجتماعية وبرامج التشغيل ودعم الطبقات الفقيرة ويمكن ان تقوم وزارة التخطيط والامم المتحدة بمثل هذه البرامج عبر استراتيجية التخفيف من الفقر فضلا عن برامج الدعم التي تقدمها بعض الدول المانحة والتي عبرت عن رغبتها باعادة اعمار تلك المناطق مثل كوريا واليابان .
4- تفعيل برامج دعم فئة الشباب واعادة تاهيلهم عر برامج تعليمية وتثقيفية ورياضية تتمثل ببناء ملاعب رياضية لمختلف الالعاب وتفعيل بعض النشاطات الفنية التي تفرغ طاقة الشباب باشياء مفيدة وتبعدهم عن الانشغال بالافكار المتطرفة .
5- بناء استراتيجية لترشيد الخطاب الديني المتطرف وبما يمنع فوضى الفتاوى ، التي سحبت المجتمع السني الى الهاوية والمجهول عبر فتاوى مظللة ، وهنا تلعب الدولة عبر الحكومة المركزية او مجلس المحافظة او الوقف السني دورا فعالا في تقنين الخطب الدينية وتوحيدها وانتقاء الشخصيات الدينية المعتدلة لترتقي المنبر وتمارس دورها الارشادي .
6- تفعيل دور القانون وبما يعيد ثقة الناس بالقضاء وبالاجهزة الامنية في محاسبة المقصرين والخارجين على القانون ، ولاسبما ان المرحلة المقبلة في محافظة صلاح الدين وغيرها من المحافظات السنية فان دور المنضمين الى الحشد سوف يزداد والحاجة ستكون ماسة في المرحلة المقبلة لتفعيل دور القانون في نزع سلاح الحشد المناطقي وحصر السلاح بيد الدولة .
7- يجب ان تكون عملية اعادة الاعمار وفق معايير تقوم على اساس اللامركزية دتفعيل دور مجالس المحافظات في هذا الاتجاه وبما يعزز من الشراكة بين الحكومة المحلية والمجتمع المحلي والمنظمات الدولية ، واعادة تفعيل مفهوم المواطنة من جديد وفق صيغ العيش المشترك مع الاخر والقبول به والتعايش معه ، والسعي لاعادة دمج المحافظات السنية بالمجتمع العراقي . فضلا عن تفعيل الارادة السياسية وبما يفضي الى تكريس الشفافية والديمقراطية في انتخاب سياسيين جدد يتميزون بالكفاءة في ادارة المحافظة وقيادتها واعادة اعمارها .
هذه افكار بسيطة نقدمها للمختصين بقضية اعادة اعمار المناطق المحررة في محافظة صلاح الدين وتوطين السلم الاهلي وتكريس الامن الانساني وبما يزيل عن هذه المناطق الحيف والظلم الذي لحق بها ولكن المشكلة التي تواجه القائمين على محافظة صلاح الدين هو ضعف الهمة وفتور العزيمة التي لازالت تلقي بظلالها على عدم اعادة النازحين والمهجرين رغم مرور عام ونصف على تهجيرهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالحبر الجديد | نتنياهو يخشى مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة ال


.. فعالية للترفيه عن الأطفال النازحين في رفح




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - اعتقال عشرات المؤيدين لفلسطين في


.. العربية ترصد معاناة النازحين السودانيين في مخيمات أدرى شرق ت




.. أطفال يتظاهرون في جامعة سيدني بأستراليا ويدعون لانتفاضة شعبي