الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذبح الرهائن الغربيين دعاية ل-الدولة الإسلامية-

خلف علي الخلف

2016 / 1 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في منتصف أيار من العام 2013 قام ملثمون بإعدام ثلاثة أشخاص في الساحة العامة في مدينة الرقة وسط سوريا. لم تنسب لهم في حينها أي تهمٍ في البيان الذي قرأه أحدُ الملثمين، سوى كونهم "نصيرية". وسائل الإعلام في حينها، والناشطون الإعلاميون نسبوا الحدث إلى جبهة النصرة، علماً أن البيان حمل توقيع "الدولة الإسلامية في العراق والشام" التي كانت قد أعلنت قبل شهر من ذلك تقريباً.

كان هذا أول إعلان لـ "الدولة" عن نفسها على الأرض، في تلك الحادثة استخدمت الرصاص، ولم تستخدم السكين، ومع ذلك احتج سكان المدينة على هذه الواقعة، واستنكروها، ونصب نشطاء حركة حقنا الشبابية "خيمة عزاء وطن" في مكان الإعدام، لم يعترض عناصر "الدولة" في حينها على احتجاج السكان ولم يتعرضوا لأحد، كانوا معنيين بالإعلان عن أنفسهم ووجودهم، بهذا الأسلوب "الرخيص" وغير المكلف، وإثارة الجدل حول هذه "الدولة" الوليدة.

الرسالة كانت موجهة للمجتمع المحلي في الرقة، لزرع الرهبة والخوف في نفوس السكان والفصائل الأخرى التي كانت تسيطر على المدينة.

تلك الحادثة التي دشنت عهد "الدولة الإسلامية" في استخدام القتل المجاني كوسيلة إعلان، ووسيلة لإرهاب السكان والمنافسين؛ لم تعط ثمارها، لأن قتل سوريين لم يعد خبراً مهماً في العالم، كما أنها نُسبت لجبهة النصرة، التي ورثتها "الدولة" للتو في الرقة، ولم ينتبه أحدٌ لتغير الاسم في البيان.

لاحظت "الدولة الإسلامية" عدم اهتمام العالم بقتل السوريين، سواء تم هذا القتل على يد نظام الأسد أو على يدها، وسواء كان المقتولون ضد النظام أو معه. لذلك دشنت عهد خطف الأشخاص الذين ينتمون لجنسيات غربية، لاستخدامهم في الإعلان والترويج عن نفسها.

لم تبتدع "دولة البغدادي" هذا الأسلوب، بما فيه الزي البرتقالي فهي سليلة "دولة الزرقاوي" التي دشنت ذبح الرهائن في العراق. أهمية الضحايا كانت جنسياتهم، فلم تجهد نفسها في تسويغ قتلهم أو تبريره، ولم تكن معنية بالتأصيل الشرعي للأحكام التي أصدرتها ضد هؤلاء "المذبوحين"، فهي ستقتلهم، سواء كانوا صحفيين أو جنوداً سابقين أو عاملين في الإغاثة.

جنسيات هؤلاء القتلى هي التي ستضمن اهتماماً دولياً وإعلامياً بهذه الدولة الوليدة، فلن يستطع خليفتها البغدادي أن يخطب كل يوم لتنقل خطبته وسائل الإعلام، كما أن تحرير مطار أو قتل عشرات الجنود السوريين، لم يعد يضمن لها أن تحتل شريط الأخبار العاجلة، لذلك بدأت باستخدام مخزونها من المخطوفين، والتي خطفتهم أصلاً لهذه الغاية.

مع ذبح الرهائن الغربيين بهذه المشهدية الهوليودية، المتقنة والمدروسة بعناية، احتلت "الدولة الإسلامية" كل وسائل الإعلام في العالم، الصغيرة والكبيرة، واحتلت فضاء الإنترنت وشبكات التواصل، وبكل لغات العالم، ماذا تريد أكثر من ذلك! فهذا الإعلان الضخم عن نفسها كان الأقل كلفة على مر التاريخ. لم يكلّفها سوى قتل بضعة أشخاص أبرياء. وقد استدرجت العالم ليحقق لها ما تريده من الذبح، فقد كرر "إعلانها"على كل وسائل إعلامه لأيام عديدة وكلما تخامد الإعلان استخدمت ضحية أخرى لتجديده.

ضمن لها هذا "الإعلان" أن تصل إلى الفئات المستهدفة، التي كانت تتوجه لها من أجل تجنيدها، بانسيابية شديدة ودون عوائق وحواجز المخابرات التي تتعقب وسائل الاتصال. فهي لديها مكاناً معلوماً وعاصمة وحدوداً، يستطيع أن يصلها "المجاهدون" الذين لم يخيّبوا ظنها وتدفقوا نحوها، بعكس كل التنظيمات الجهادية السابقة التي كان الإلتحاق بها صعباً جداً. كما أنها استدرجت الغرب بقيادة أمريكا إلى منازلتها في أرضها، وهذا ما تنص عليه الأدبيات الجهادية التي تحدثت فيما سبق عن استراتيجية إعلان "دولة الخلافة" والمواجهة مع "الغرب الكافر".

بقي من استراتيجيتها أن تعود أمريكا التي تقود الحلف الدولي ضدها لتقاتلها براً، لتحقق "دولة البغدادي" أهدافها من مسلسل ذبح الرهائن الذي أنتجته وتابعه العالم بتشويق قل نظيره.

@alkhalaf








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah