الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيتُ الله

رائد حسين

2016 / 1 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقول صديقى المَسيحى : فلان الفلانى مُسلم ،لكنه مُحترم .
يقول صديقى المُسلم : فلان الفلانى مسيحى ،لكنه محترم .
وكلنا يعرف المثل الشهير : حالهُ يصعب على الكافر . فالكافرُ بلا قلب أو خلق ورغم ذالك إقشعر لحال المسكين المقصود .
فصديقى المَسيحى خلوقٌ ومُهذَّب ،ورغم أنَّ المُسلمين ،من وجهة نظره، هراطقة ومصيرهم الجحيم لأن عقيدتهم فاسدة ،الإ أنه وجد فيهم ذاك المُحترم ، سبحان الرَّب !
وصديقى المُسلم خلوقٌ ومهذَّب ،ورغم أنَّ المسيحيين ،من وجهة نظرهِ كُفار بنص القرآن ،الإ أنه وَجد فيهم ذالك المُحترم .
فهل هناك علاقة بين الدين والأخلاق ؟
السائدُ بين الناس أن الدين هو منبع الأخلاق الحميدة ،وغياب التَّدين يتناسب طردياً مع الجريمة وضحالة الخُلق ،لكنَّ لماذا يتعجب المسيحى من أخلاق المُسلم والعكس !
جاءت الأديان بمنظومة قيم أخلاقية تنظم العلاقات بين الناس ،لكنها إحتكرت نبلها وكرمها وإختصرت نفسها فى طائفة من الناس ،
حتى ظنَّ كل صاحب دين أن المُختلف معه بالضرورة يجب أن يكون داعراً كاذبا قاتلا لا يملك الرادع الكافى لمنعه من إرتكاب الجرائم .
فى حين إذا تدبَّرنا الأمر سنجد أن مجموعة القيم والاخلاق المُستمدة من الدين ،هى أخلاق إنسانية نابعة من قلب الضمير الانسانى ،لكنها إنعكست فى الاديان ،
وحين يسيطر الدين على الفرد تماما ،تتقلص مساحة الضمير فيُطرد منه كل المخالفين الذين يستحقون الموت فى الدنيا أو العذاب المهين فى الآخرة ،وينقسم المتدين الى قسمين متضادين
الاول حملٌ وديع يدفعُ السيئة بالحسنة ،يكظم الغيط ويحب أعداءه ويبارك لاعينيه ،والثانى مجرم يقتل ويسلب يسب ويلعن .
هل الدين رادع للجريمة ؟
فى التعامل من العقائد الأخرى ، الدين دعوة لإرتكاب الجريمة وتقنينها ومباركتها ، بل حتى بين أصحاب العقيدة الواحدة المختلفين فى سفاسف الأمور ،
الحرب الطائفية فى العراق و سوريا مثالٌ معاصر ، وما فعلهُ الكاثوليك بالبروتسانت فى مذبحة (سان بارتيملى) حيث قُتل 30 الف مسيحى بروتستانتى ،مثال آخر ، والتاريخ جوَّادٌ بالمآسى .
ولكن فى العقيدة الواحدة داخل الفرقة الواحدة.. هل يعد رادعاً ؟
كان حوار بينى وبين صديق متدين عن التحرش ،وكان رأيه أن المتحرش معذور لأنه مفتون بأجساد الاناث ،ومن ثم وَجَب على الاناث أن يرتدين الحُجب .
وطال بيننا الحوار ولم نصل لنتيجة
فباغته بسؤالى قائلا : أنت .. إن توفرت لك فرصة التحرش بأمان هل تفعلها ؟
أجاب بكل صدق : أنا لست ملاكاً .
فالمتدين يرى أن باب التوبة مفتوح ،فما المانع من إرتكاب الجريمة ثم التوبة ، وهو ليس ملاكاً فما المانع من ارتكاب الجرم نزولا الى دونية البشر التى يقرها الدين .
إن الانسان الذى يرى الدين هو الشيئ الوحيد الذى يمنعه من إرتكاب الجريمة ،لم تتوفر له فرصة آمنة لإرتكاب هذه الجريمة ،هذا كل ما فى الأمر ،
بل أحياناً يكون الدين عذراً للعجز عن إرتكاب المحظور ،
فالمتدين الذى لم يمارس الجنس خارج حدود الزواج،يظن أنه لم يفعل ذالك إنصياعاً للدين ، لكنه فقط لم تتوفر لديهِ الفرصة الآمنة أو المهارة الكافية لإختراق عالم الجنس الآخر .
ربما الله يسكنُ فى ضمير الانسان ،لكنَّ الانسان يتخلىَّ عن بيت الله ويبحثُ عنه فى الكتب ،فيُحجِّم ضميرهُ ويصبح كالحيوان المفترس المسجون فى قفص ،
ينتظر لحظة الانقضاض على فريسة دون جدوى ،فيعزى نفسه أن الله منعه من الخروج من القفص.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran


.. 85-Ali-Imran




.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني