الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقدة الأجنبي أو تبخيس الذات و الإعلاء من شأن الآخر(أبناء العم سام) الزيجات المختلطة نموذجا.

أحمد عماد أسياخ

2016 / 1 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا شك أن الموضوع سوسيولوجي محض ، يحتاج إلى حفر أعماق أعماقه وسبر أغواره .لكن لا ضير أن نمرر عليه مسحة من الكلمات والرأي تزيل عليه الطبقة الأولى من الغبار أو بتعبير أدق الإشارة إليه.
عقدة الأجنبي أو ما يصطلح عليه بمرض (الزينوفيليا) وما أنسبه من مصطلح ، فهذه الحالة النفسية التي ترسخت وتغلغلت في المجتمعات العربية المعطوبة لا يمكن أن تكون سوى مرضا ، بل وسرطانا فتاكا يقتل كل الخلايا الساعية إلى تمجيد الذات والحالمة بمجتمع راق ومتفوق.
إن عقدة الأجنبي في المجتمعات العربية ليست وليدة اللحظة بل هي متجذرة في الوعي الجمعي وتعود إلى عصور الإستعمار ، حيث تخللت لحظة دخول المستعمر الغازي إضافة إلى لحظة الإنكسار نظرة إنبهار ، إنبهار بالآخر المختلف ،القوي.
في نظري قد وجدت هذه البذرة-الفكرة الذهنية الخصبة لزراعاتها ونموها عقب عام النكسة حرب 67 فما كان من هول الهزيمة الشنيعة التي مني بها العرب إلا أن تولد في المخيال العربي الشعور بالقزمية والدونية والذي للأسف لم يقتصر على المجال الحربي والقوة العسكرية بل تعداه ليشمل مختلف مناحي الحياة وعلى رأسها العنصر البشري حتى غدى هذا العنصر الأجنبي - (العيون الزرقاء) يحمل علامة الجودة وكل صفات الكمال وميزات فارس الأحلام في عيون أبنائنا وبناتنا السوداء.
فحتى الدين لم يستطيع كبح جماح هذا الإنبهار-الهيام ، نتحدث هنا عن الدين بإعتبار مجتمعاتنا ذات مرجعية دينية من الناحية العاطفية وليس العقلية ولعل مقولة محمد أركون قدس سره أبلغ ما قيل في هذا الطرح " لا يوجد أي فهم تاريخي عقلاني للإسلام في العالم العربي .. الموجود هو مخيال عاطفي جبار يحرك الشارع بالملايين".
فالإنسان العربي يقبل الإرتباط أو يحلم به بالشخص الغربي وبكل عيوبه التي تحرمها دياناته ،إلهه،أعرافه ،قبيلته ...،كل شيء يهون من أجل زرقة العيون الزرقاء ، والويل كل الويل للطرف الاخر من إبن جلدته إن فكر أن يقوم بذرة ما قام به الأجنبي ولو خيالا ،وفي إعتقادي هذا أصدق تعريف للجنون ،اللاعقل ، اللاوعي ، السكيزوفرينيا .
الكثيرون يعزون الأمر للعامل الإقتصادي ، الوضع المعيشي وقلة ذات اليد حيث يعتبر الأجنبي المنقذ وسوبرمان زمانه ، وهذه النقطة بالذات تعني لي شيء واحد ووحيد هو موت الإنسان ، فعملية الإنقاذ المزعومة هنا تشمل الإنسان ، طيب السؤال الفلسفي العميق الذي يطرح نفسه لآن وبشدة : ما الإنسان ؟ إذا كان الإنسان هو ذلك الكائن الذي يتميز بتلك الطاقة العظيمة والقوة الخفية المسماة الروح والتي تتحكم في سكاناته وحركاته المصقولة بالهوية الثقافية : لغة ، عادات ،تقاليد ....، هنا نجد أن هذا الإنسان في مأزق ونفق الخروج من الإنسانية بلا رجعة . فهذا الكائن المسمى هنا تجاوزا (إنسان ) والذي قدم الجانب المادي في الحياة على كل الجوانب قد أصابته لعنة التعاريف وطرد من وطن الإنسانية سواء وعى ذلك أم لا.
ختاما أختم بطرح سؤال ما العمل ؟ ولعل هذا السؤال يحيلني على كتاب القائد الكبير لنين بنفس العنوان والجواب سيكون هو حيث بدأ لنين نفسه : الثورة الثقافية فهي الحل الوحيد والأوحد لإعادة تشكيل العقل العربي وجبر الذات المكسورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد يطالب عضو مجلس الحرب ب


.. عالم الزلزال الهولندي يثير الجدل بتصريحات جديدة عن بناء #أهر




.. واشنطن والرياض وتل أبيب.. أي فرص للصفقة الثلاثية؟


.. أكسيوس: إدارة بايدن تحمل السنوار مسؤولية توقف مفاوضات التهدئ




.. غانتس يضع خطة من 6 نقاط في غزة.. مهلة 20 يوما أو الاستقالة