الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


. وهم البصر ....المرأة الفلسطينية حلم الرغبة .

سليم النجار

2005 / 11 / 10
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


وهـــم البصـــر

اذا كان البصر مسؤولا بالدرجة الأولى عن اللفظ الانطباعي الأول ، في كيفية التفكير نحو الجسد الأنثوي .....

فهل الثقافة تلعب دورا في التمييز بين هذين المستويين ؟!

انطلق من الإجابة على هذا السؤال من المستوى الأولى الرغبة . فما زالت الرغبة في امتلاك جسد الأنثى أي كان هذا الجسد ودرجة القرابة يلعب الباعث الأول على التحكم فيه واللحظة التي يمكن من خلالها في الوقت نفسه إنكار ثقافته . وحصر رؤية الرغبة في الأعضاء التناسلية كدلالة على ضعف هذا الجسد . أي رفض رؤيته كما هو .

ان قصة الرغبة للجسد الأنثوي طويلة ومعقدة ، وتكف ما هي علاقة الرغبة بالجسد الأنثوي ؟ هل يعني الحياة بطبائعها الطبيعية ؟

ام هناك تداخلات ثقافية محمولة على قيم اجتماعية تؤثر حرية التفكير في الرغبة كمحور ينطلق للجسد الأنثوي . والرغبة هنا ليست المقصودة فيها الرغبة الجنسية ، فهذه الرؤية تختصر حقيقة التفكر الرغبوي في نظرته لجسد الأنثى .

ان الرغبة مثل أجسادنا ، غائية على صعيد الوعي الثقافي المنفتح على الثقافـات الإنسانية ، والمحصور بالوعي السياسي ، الذي يخدم أهداف محددة بغض النظر ماهية الأهداف ، ودرجة أخلاقها . وشرعية نيلها الإنساني .

هنا سأتكلم بلغتي الخاصة من منطق مختلف ، بعيدا عن التكرار والتقليد والانصياع لرغبات ثقافية تأخذ طابع الصرعه او " الموضة " كما هو شائع في الكتابات ان المرأة الإنسان . وسأحاول قدر الإمكان الابتعاد قدر ما امكن عن التحليل الذكوري المهيمن عن كتاباتنا ودلالاتنا .

وسأبدأ في هذا الحديث او التكلم ان حق لي قول ذلك عن وهم البصر في الثقافة الفلسطينية المحصورة في حركة المقاومة الفلسطينية ، وسأضرب مثالا محددا . دلال المغربي ، مقاتلة / فدائية / قادت عملية فدائية على شواطئ تل ابيب . واستطاعت هذه المقاتلة من خلال قيادتها لمجموعة من الفدائيين ، اختراق كل الحواجز البحرية الإسرائيلية والوصول للشارع العام في تل ابيب واحتجاز باص ، واعطائهم منشور سياسي ذكوري يعبر عن رغبة الذكور الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس .
هكذا تتلقى الفتاة دلال المغربي تربية سياسية مليئة بالثقافة الذكورية ، والإنكار لجسدهـا ، وفي شكل داع لكل المفاهيم والمعايير الذكورية ، التي توهمت من خلال رغبة إنسانية ، ورؤية بصرية خادعة ، ان تحقق رغبتها في الدفاع عن شعبها المظلوم !

ولم تفرق وقتها دلال المغربي ، ان دم المرأة هو دلالة على التابو ، ليس فقط اجتماعيا في العالم العربي ، الذي اذا لم يملأ فراش الزوجية ، فهي " عاهرة " ولا تستحق الحيـــاة ، وبين دمها المسفوح على ارض فلسطين هو تابو ذكوري ، دفعها لترديد شعارات ذكورية سياسية ، وان اخذت طابع المكياج ، أي تساوت في الموت ولكنها لم تتساوى في الحقوق الإنسانية . وعلى الرغم من ان الشاعر العربي الكبير الراحل نزار قباني خلدها في قصيدة ، واعتبرها او رئيسة لدولة فلسطين ، الا ان هذه الحالة بقيت اسيرة العواطف لم تخرج عن دائرة العواطف .

والسؤال يبرز هنا بشكل قوي ، لماذا الرجل يتكلم عن قدراته الجنسية ، وكأنة وحدة يملك هذه القدرات ، ويهمش المرأة ، ويجعلها متلقي فقط ؟ أليست هذه رغبة ذكورية تفرق قدرات الرجل وتهميش المرأة . واذا جعلنا بحقا من المقاربات او بالأحرى قراءة المشهد على اتساعة ، واخرجنا المرأة الأنثى من نماذج نصبها الذكر / الأب / الأخ إلى اخره .... الم نرى هذا الجسد له وظيفته غير وظيفة الجنس البحث ، وان الدافع اللاوعي والمكبوت في جسدها ، هو الذي دفعها لفعل ما فعلته دلال المغربي ، وان كان الغطاء ثقافة ذكورية .

ان جسدها لم يرضخ لرغبته لا تملكها ، وهذا ما يجعلها مالكة لرغبتها وقت الحدث ، أي لحظة استشهادها . تعرف ماذا تريد حاضرة لتلبية رغبتها السياسية اللاوعيه ، كأنثى انسانه ، والا اذا كانت تملك الوعي الشائع في الثقافة الفلسطينية التي هي امتداد للثقافة العربية السائدة ، لفضلت البقاء كأني مرغوب بها وتمارس ادميتها في الفـــراش الشرعي ، وغير الشرعي ! حسب تعريف الذكر لادميتها !

لم ينحصر اذا الجسد الأنثوي في هذه الحالة ، بين رغبة الجنس والأمومة في حالة متقدمة ، بل تجاوز هذا الجسد هذه الرغبة الفطرية ، وينطلق لرغبة فكرية متقدمة تمارس فيه قناعتها السياسية ، ضمن جندها كامرأة وأنثى ، وهي بالتالي امرأة للداخل للذات الإنسانية ، بغض النظر عن الجنس .

استطاعت هذه الحادثة ان تدلل على انه لا يوجد حيز بين المرأة وذاتها ، بينها وبين الأنثوي .

خاصة والطقوس التي مارستها وهي على ظهر القارب الذي اقلهم على شواطئ تـل ابيب ، وكانت تمارس الغناء كأنثى ، لم يدفعها هذا العمل الغناء بصوت ذكوري ، او قريب من الذكورة ، بل وجدنا دلال تغني كأنثى امرأة بصوتها الأنثوي ، على الرغم من الأغاني ، التي كانت تغني هي أغاني وطنية ، وتدعو للميل للذكورة ، ومع ذلك لم تفعل دلال ذلك . انها رغبة حقيقية من قبل دلال في التعريف على نفسها في لا وعيها انها انسانه قبل أي شيء .

خـــــــداع البصـــــــــر

اذا كان الجواب على المستوى الأول غير محجبا ولا يلبس الغطاء الشرعي السائد في مجتمعاتنا ، والقادم من حراك اجتماعي سلفي ، قائم على ثقافة ان المرأة " عورة " فان فعل دلال فضح هذا الزيف الشرعي ، وقدم نفسه على انه رؤية بصرية إنسانية ، تخضع للحظة الفعل وقتها ، بمعنى ، ان تاريخية الجسد كذبة كبرى ، مارسها فكر امتهن اخذ فتاويه من مناطق مظلمة ، لا تعرف الا الهزيمة المعرفية ، كنصر يمكن تحققه في ظل غياب ثقافة المعرفة .

ان حادثة دلال المغربي ، لا تدفعنا للحيادية الفكرية ، او الاقتراب من الحديث عنها كظاهرة ، وليست فعلا إنسانيا أنثويا صرف . لانها ببساطة لا تخاف مــن الخطأ الذكوري ، أي القيمي ، انه في حال وقوعها الأسر ، ستتحول من مقاتله ذات هدف سياسي ، الى هدف اجتماعي قيمي ، يراد منه الانتقاص من الحالة السياسية ، كالتعرض للاغتصاب من قبل الجنود " الإسرائيليين " .

لم تشعر لحظتها دلال المغربي بالتمايز الجنسي ، كضرورة للبقاء كامرأة أنثى ، بل فعلها اللاوعي والمكبوت في آن معا . دفعها بالتفكير الى تجاوز هذا التمايز والتحليق في فضاء معرفي يجعل من جسد المرأة جسد إنسان لا ينخدع بثقافة البصر . أي البصر الذي يعطي صورة خادعه ، تدفع للرغبة الفطرية من قبل الذكر .

لقد دفعت دلال جسدها بالتحكم عن بصر إنساني يقوم بوظائف إنسانية تستحق ان تقرأ بعيدا عن ثقافة ذكورية .

جغرافيا إنسانية وليست ظاهرة استثنائية ..

وكما ان ضاعة الجغرافيا السياسية في العالم العربي ، كانت نتاج فعل استعماري غربي بامتياز ، كان تحديد هذه الجغرافيا بكوابح قيمية ، هي الأخرى تتاح هذه الضاعة . فهيمنة الثقافة الذكورية التي توهمت انها صنعت الجغرافيا السياسية خلقت نمط ثقافي ذكوري جعل من المرأة كيانا مجاورا في البيئة الثقافية الذكورية ، وملحقا في البيئة الاجتماعية . مجاوزا في البيئة الثقافية ، أي تكون المرأة شعارا لترويج ثقافة ما ، تتصارع في تلك الجغرافيا ، والثقافة هنا ، ليس توصيفا وانما منبها اجتماعيا ، يقذف بتصريحاته الثقافية هنا وهناك ، وحسب تأثرة بما يأتي من ماكينة الإعلام الغربي .

ان حادثة دلال المغربي ، لا يمكن النظر لها من هذه الزاوية ، التي تأثرت بقيم متداخلة غربية وقدرية ، بل محاولة لخلق حالة تتجاوز الظاهرة ، لتترابط في محاولة الدفـع للأمام ، ان المرأة الأنثى تتمثل كحالة سياسية ، لظاهرة عصرية ، يمكن ان تتعم لمشهد كبير تأخذ المرأة / الأنثى / دوراها في المفاصل الهامة التي تمر في حياة الإنسان / الإنسانية / العربية . فلا ذكورية العفوه ، وشيوع الثقافة السياسة الذكورية ، هي التي دفعت دلال المغربي بالإقدام على هذه الحادثة ، إنها حالة اللاوعي الإنساني المكبوت في جسدها الأنثوي ، هو الدافع لما وراء ما قامت به .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: امرأة سودانية تروي تجربتها المؤلمة في الهروب والولادة


.. لقاء يسلط الضوء على رعاية الناجيات من العنف في إطار الأزمات




.. ممثلة منظمة إيد منى كيديري


.. الباحثة في السياسة العامة لمياء مجاهد




.. ممثلة منظمة التحالف من أجل التضامن انتونيا كاريون