الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاصلاح التربوي بين الفشل و رهانات النجاح

محمد الطيب بدور

2016 / 1 / 16
التربية والتعليم والبحث العلمي


لو صادفك الحظ.. و مررت من أمام مدرسة أو معهد خاص بأحد الأحياء الراقية...ساعة خروج التلاميذ أو دخولهم...و كيف يخلو الفضاء الخارجي ..سريعا...و لو تمكنت من النفاذ داخل الساحة ...و رأيت كيف يتشكل التلاميذ مجموعات لا تراعي في غالبها
خاصية الجنس... هم في الغالب متجانسون في كل شيء...متشابهون...يقبلون على الدراسة برغبة فائقه...يقتدرون على التفاعل
مع مربين أتقنوا أساليب التعامل مع أفراد و مجموعات تنمو داخل فضاء يطيب فيه العيش ...فضاء أراد له المحيط الاجتماعي
أن يكون لصناعة الذكاء و التفتح على الحياة بما هي أبعاد متكاملة ...و مساعدة على نمو خال من كل تعقيدات التأثيرات
الخارجية السلبية....ذاك نموذج آخذ في الانتشار و بأماكن محدودة جغرافيا...و مرتبطة بفئات اجتماعية كونت لنفسها ..تصورا
للتربية ...ساهمت في توفره منزلقات التعليم العمومي و النظام الاقتصادي الليبيرالي المتوحش....حيث المبادرة الخاصة...بقطع النظر عن مخرجات التعليم بها...ففي النهاية ...محيط يوفر تربية مدرسية بعيدا عن كل أشكال العنف و المعوقات الاجتماعية و المادية ...و ليس المجال هنا للحكم له أو ضده... لكن المؤكد أن النتائج المسجلة ..لهذه المؤسسات و بالمقارنة على المستوى الوطني تفوق بكثير البقية...ليس لأنها فقط تتمتع ببنية تحتية متطورة..و اطار تربوي و مشرف على مستوى عال من التكوين و الكفاءة...و لكن لأسباب أخرى أهمها :
_ ان مستوى المعيشة يمكن هؤلاء الأطفال من النمو السليم في مجال التطور الذهني و العاطفي و الجركي...
_ ينتمي هؤلاء الى أسر من فئات مترفهة أو متوسطة ..و عادة ما يكون الأب و الأم على درجة عالية من الثقافة ..أمر يسهل
كيفية التعامل مع الطفل داخل المنزل...حيث يتوفر الحوار بين أفراد الأسرة ...حوار يساعد في صياغته كنموذج لتعلم لغة راقية
و بنيات لغوية متطوره تعتمد الاستدلال و الحس الراقي ...تهيئة شبه طبيعية لمحتويات التعلم المعقدة..
_ توفر وسائل اتصال متطورة و مكتبات عائلية و ان قلت ..و ندرت فانها بداية ايجابية لثقافة تستهدف تنويع مصادر المعرفة.
و يبقى السؤال...هل مثل هذه النماذج..و ان قلت...تستوجب اصلاحا تربويا ؟
أما البقية..و هي نسبة عالية في تركيبة السكان و كذلك المؤسسات التربوية ...فيمكن تصور ما يجري...و بالعين المجرده...
و أختصرها كما يلي :
_ يعج الفضاء القريب من المدرسة أو المعهد بالتلاميذ ..و بأعداد يحصل لك معها لبس...حيث لن تعرف ما اذا كان ما توفر في الداخل يقل عددا أو يفوقه..
_ مجموعات ...تسير أو تحتمي بجدران مؤسسات قريبة ...يقتنون ما توفر من لمجات من باعة متجولين أو دكاكين يبدو أنها
استثمرت وضعهم فأحدثت.. و تجارتها لن تعرف الكساد في ظل استمرار وضع لا يقدر على احتواء ساعات فراغ التلميذ بما يحميه من
استقطاب خارجي ..يعتمد وسائل ترغيب و محفزات فاقت في جلها ما تقوم به المدرسة ..العاجزة عن حماية الأطفال داخل جدرانها
لضيق الفضاء و غياب استراتيجية واضحة تحمي من منزلقات محيط لم تقع تهيئته لمساندتها...
_ تعرف هذه المؤسسات أشكال عنف آخذة في التطور شيئا فشيئا...نتيجة تدهور واضح في العلاقات التربوية...و محيط يكاد يكون معاد لمؤسسة لم تقدر على التأثير فيه...فاستسلمت لتتأثر به...و تعكس متناقضاته و افرازاته السلبية...
_ كيف نتصور النتائج المدرسية في ظل وضع كهذا ؟ متواضعة ان لم نقل كارثية أحيانا...لأسباب منها :
_ النظرة السلبية للمدرسة و للذات
_ _ مزاولة التعلم بمعوقات تراكمية أهمها...انعدام القدرة على التفاعل الايجابي مع المربي و نشوء صراعات
مع المشرفين و بين التلاميذ أنفسهم ..و نتيجة غياب بنية ذهنية تمكن من مجابهة الصعوبات دون الالتجاء الى العنف
بشتى أنواعه.
_ افتقار المتعلم الى بنيات لغوية و قدرات ذهنية لم تألف الحوار في محيط عائلي محدود الثقافة ...لم يعد يهتم بغير
صعوبات معيشية يومية ...بل على العكس فقد يعمد الى التخلص من الطفل لساعات ...لعجز في توفير المناخ الملائم
لنموه أو اشغاله داخل المنزل...
انه بامكان القائمين على شؤون التربية ضبط ما يرونه ضروريا من محتويات ...و احتياطات لحماية المدرسة...و تكوين راق لمدرسيها و مشرفيها...و لكن كيف ستحل معضلات ...تتناقض أصلا مع روح الاصلاح..؟
_ هل أن اصلاحا في ظل سياسة اقتصادية ليبيرالية لا تراعي عادة العدالة الاجتماعية ...سيمكن كل تلميذ و في ظروف متكافئة من حيث التكوين و بنية تحتية مدرسية ملائمة و تغذية و فضاءات ثقافية...؟
_ اذا كان الاصلاح التربوي مطلبا يهم الأغلبية الساحقة من الشعب ...الذي تعيش غالبية من جهاته الفقر و التهميش
و تدهور المؤسسات التربوية ...و أن مكسبا كالمدرسة العمومية هي آخر معاقل لحماية الأجيال و الانطلاق نحو الأفضل
فمن سيتولى ادارة دفة هدا الاصلاح لتتجانس المحيطات و تتصالح مع المدرسة ؟ قضية معقدة تحيلنا على نافذة أشد تعقيدا....علاقة
تكافؤ الفرص التعليمية بالعدالة الاجتماعية...
هكذا يبدو الوضع...أفكار ...و وجهة نظر ...تجعل من الاصلاح التربوي موضوعا معقدا...عنصر لا يمكن عزله عن اصلاحات
متحتمة ...حتى لا يكون اصلاحا داخليا فقط...يهمل العناصر المرتبطة به ...و التي ينبغي أن يقع تناولها لينسجم الكل و بنمط

تطور يخدم المدرسة بما هي الحياة نفسها بالنسبة للطفل ...و هي المستقبل ...و الا فانه في ظل ما يحدث فان الاصلاح سيكون مزيفا...و سيكون نزيف المدرسة...وبالا عليها و على المجتمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا