الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سؤال بناء الوعي في عالم متحرك

هيثم بن محمد شطورو

2016 / 1 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ما من شك ان جل ما يحدث حولنا هو في نهاية الامر مشهد يأخذ مكانا في ثـنايا وعينا المتموجة بدورها و المتـنـقـلة في حركة سالبة موجبة في نفس الوقت. هذا الوعي لا يمكن تـتبعه إلا في اطار حركته المستمرة، و بالتالي حين نحدد هذه القاعدة في اطار الحركة البشرية يمكننا تـفهم مجمل التغيرات الممكنة و الضرورية و المصطنعة و الزائفة و الحقيقية. هذه الحركة تـتمازج فيها الثـنائيات و اهمها ثـنائية الزائف و الحقيقي فكل منهما يحمل اخره بدرجة معينة.
فمن الخلل الواضح في واقع متحرك ان تـنظر بعين ثابتة في نقـطة معينة و تـقود نفسك الى التمسك بالملاحظة الاولية او التي تليها كما تمنع منظارك في الذهن من الحركة نحو الزوايا الاخرى. في الحقيقة انك تغالط نفـسك بذلك و تهيؤها لإطلاق حكم مغاير للواقع. اي تكون بصدد بناء وهمك و ليس حقيقـتك بما ان بناء مفهوم ما على موضوع هو بناء مفهوم عن الذات بطريقة انعكاسية مباشرة، ذاك ان العالم انا و انا هو العالم، و حين تبني مفهوما زائفا و واهما عن العالم فانك تبني نفسك ككائن زائف وهمي.
فالشجرة في مكانها ثابت و لكن ضلها متحرك، كما ان النقطة التي تركز عليها ناظريك هي بدورها متغيرة لكن دون امكانك تلمس تغيرها. فكل شيء في حركة دائمة، و مثلما قال الفيلسوف اليوناني "هيرقليط" لا يمكنك السباحة في نفس النهر مرتين لان الماء يجري باستمرار.
و انها اشكالية انسانية تـتماس مع المأزق الانساني الكبير او "الوعي الشقي" حسب التوصيف الهيغلي، و هو كيفية ربط العلاقة بين النهائي و الانهائي. فالنهائي في لحظة ما اي المتعين بشكل ما و بوصف ما و بطبيعة ما هو متغير الى وصف و تـشكل و طبيعة مغايرة بالضرورة، و النهائي في كلتا الحالات له وجود و لكنه متحول على اساس لانهائيته في جوهره و عمقه.
و من هنا فانه اذا اردنا فعلا ان نكون دائما في حالة يقظة فكرية فانه يتحتم علينا ضرورة ان نقبل بهذه الحركة الدائبة بين النهائي الى نهائي غيره مع ربطه بالانهائي في عمق التحولات. فالبذرة التي ندفنها في الارض تحمل في جوهرها كلية الشجرة و صورتها النهائية، و لكنها تموت كبذرة في شكلها و توصيفها لتـتحول الى نبتة و التي بدورها تموت كنبتة شيئا فشيئا حتى تكون شجرة و الشجرة هي صورة البذرة و النبتة و حركتهما الدائبة نحو اكتمال صورتها المجسدة. و هذا المثال المذكور هيغلي و من خلاله يمكننا تحديد منهج عام لرؤية التغيرات التي حولنا و بالتالي نمسك بالعالم من حولنا و الذي يغدو حين تعقـله اي قبوله فكريا في الوعي اي بناء قـناعة ممتلئة، فان المايحدث يغدو دمنا و فرحنا و حزننا، و من جهة اخرى نتمكن من بناء وعي منفتح يتجه نحو الكلي فيخرج عن الجزئي و ينقض نفسه من التجزؤ و الضياع و الاندثار بين الاحداث الجزئية. ان الارتباط بالكلي او بالصورة النهائية لتكون الشيء هو وحده يجعلك كائنا فاعلا بحق و متجسدا بحق في حركة العالم. انك بذلك تخرج نفسك من النهائية او الوجود الضئيل الى ان تكون العالم و تصنع العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أي تسوية قد تحاول إسرائيل فرضها في لبنان والإقليم؟


.. أي ترتيبات متوقعة من الحكومة اللبنانية وهل تُجرى جنازة رسمية




.. خبير عسكري: هدف عمليات إسرائيل إحداث شلل في منظومة حزب الله


.. نديم قطيش لضيف إيراني: لماذا لا يشتبك الحرس الثوري مع إسرائي




.. شوارع بيروت مأوى للنازحين بعد مطالبة الجيش الإسرائيلي للسكان