الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقد اليوم

تغريد الكردي

2016 / 1 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


متى نتعلم النقد ؟ .. مَن هم أول المعلمون ؟ .. هل النقد فن ؟ .. عبارة ( النقد البناء مفيد ) ما مدى صحتها ؟ .
علمياً يقال ان الاطفال لهم قدرة التميز و هم أجنه في الارحام .. تميز الروائح ,
الاصوات , و حتى الاستطعام و هناك نظرية غريبة تختلط فيها الامور العلمية مع
الاسطورة و هي (( قدرة الجنين على الشعور بالعالم الخارجي و تميز ما اذا
كان صالحاً للخروج له أو لا )) و هناك أجنه من الحساسية الشديدة القادرة على
تميز نوع العلاقة و مدى قوتها بين الأب و الأم , فأذا كانت هذه العلاقة من النوع
الميؤوس منه يقرر الجنين عدم الخروج الى هكذا عالم و يفضل الموت فيقوم بلف
الحبل السري حول رقبتهِ و ينتهي من الامر .
أنا لم أكن بحساسية هكذا أجنه لكن قدرة التميز بدأت مع أول ذكرى نقد في حياتي
بعمر ثلاثة سنوات .. كان نقد والدتي الشديد لرفضي الخروج من البيت و اللعب
مع اطفال الجيران الجدد الذين جاءوا للتعرف إلينا .. كانو ثلاثة أطفال ( بنتان
و ولد كالقمر ) , رفضت في وقتها بسببه ( خجلت منه ) لكن والدتي فَسرت خجلي
( أني بومة على حد قولها ) و غير اجتماعية .. خرجت يومها لكن درس النقد
استمر .
مع كل رفض هناك نقد , مع كل تغير احاول القيام به من اللبس او الشكل او
الاصدقاء و حتى الاكل كان هناك نقد ..
معلمتي الاولى و بجدارة بالنقد السلبي غير البناء مطلقاً ( أمي ) و معلمي الاول
الذي يُخرجني من عزلتي بين اربع جدران بعد كل نقد كان ( أبي ) .. عبارته
الشهيرة ( لاتديرين بال ) عبارة بسيطة علمتني أقف و أستمع و أُكمل .
قانون لكل فعل ردّ فعل هو من أهم القوانين في حياتنا و ردّ الفعل الواجب حدوثه
الان ممارسة النقد على الاخرين و هنا يأتي دور الخبرة و الثقافة و المخزون
المعرفي للمعلومات و بعد عدة تجارب في النقد الجارح مرة و الخطأ مرة أخرى
الحصيلة أن ( النقد أيضا فن ) .
بتطبيق العبارة السابقة على السياسة مثلا نجد ان السياسي المُحنك في الاساس
دبلوماسي شاطر .. ينتقد الآخر لكن بفن بمعنى خضوع المقابل لنقدهِ بغض النظر
عن صحتهِ و الايمان الى حدٍ ما بشخصهِ .
و من دروس فن النقد ألاولى أنه علامة مميزة لأشخاص معينيين دون غيرهم ..
مثلا في البيت ينحصر للاب و الام و كبار السن من الاخوة على اعتبارهم الاكثر
خبرة في الحياة أو أشياء اخرى .
في المدرسة للمعلم , في مكان العمل للمسؤول عنك , في السياسة للقادة الاقدم ,
في الدين لرجال تعتبرهم مراجع في هذا المجال , في الفن لِكُتاب خاضو أغلب
المجالات و بعد سنوات أمتهنو النقد .
و اليوم مع ضمان حرية الرأي , أحتضان فكر الشباب و محاولة تنميتهِ , تعدد
وسائل طرح الافكار .. كُلها مُجتمعة حولت جزئيا ( فن النقد ) ألى لعبة أحيانا
و نباح و عويل أحيانا أخرى .
أكتب هذه الكلمات و داخلي صوت " مصيبة اذا التحول بات كلياً و الكل ينبح على
الكل دون توقف " أيُ عالمٍ بشعٍ سيكون ؟ .
بقياس تجاربك النقدية سواء التي قمت بها أو تلك التي تعرضت لها لابد أن تقول
( نعم تعرضي للنقد البناء ذات مرة جعلني أتدارك خطأي و احيانا لا أعاود الكرة
و اسقط في الفخ مرتين ) .
لكن تَميز النقد البناء عن غيرهِ , تلك هي المشكلة ..
الكثير منا ينقاد خلف النقد الذي تجتمع عليه أغلب الاراء لعدة أسباب ..
قلة الخبرة و الثقافة , الموروث العائلي و المجتمعي , الكسل في عدم محاولة
البحث عن حلول بديلة و غير جاهزة .
و هناك الثوريون و السائرين عكس التيار , دائمي البحث عن الحقيقة يؤمنون
بالنقد بقدرٍ معين لكن دون أن يمنعهم عن عدم الاستمرار في البحث .
في النهاية النقد مسؤولية كبيرة جدا ..
أيها الناقد في أي مجال مهما كان لا تنسَ أنت تجر خلفكَ جيلاً و تصنع رؤىً ,
و قبل ان تكون ناقداً كن انساناً مسؤولاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاتح مايو 2024 في أفق الحروب الأهلية


.. السداسية العربية تصيغ ورقة لخريطة طريق تشمل 4 مراحل أولها عو




.. آخرهم ترامب.. كل حلفائك باعوك يا نتنياهو


.. -شريكة في الفظائع-.. السودان يتهم بريطانيا بعد ما حدث لـ-جلس




.. -اعتبارات سياسية داخلية-.. لماذا يصر نتنياهو على اجتياح رفح؟