الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى عدنان غازي الرّفاعي: مريم أختٌ لهارون وهتلر أخٌ لمحمّد بن آمنة

مالك بارودي

2016 / 1 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إلى عدنان غازي الرّفاعي: مريم أختٌ لهارون وهتلر أخٌ لمحمّد بن آمنة

لا يكاد يمرّ يوم دون أن يأتينا المسلمون بغرائب وأعاجيب، وليتها كانت من النّوع النّافع أو الذي يمكن إستعماله لتحقيق تقدّم أو تطوّر في أحد كجالات الحياة... فكلّ غرائبهم وأعاجيبهم تتجاوز المنطق والعقل وتتماهى مع الخرافة وترسّخ لشيء واحد: مزيد الإنحطاط والتّدهور والسّقوط. وفي هذا الإطار، طلع علينا اليوم "عدنان غازي الرّفاعي" بمقال فارغ لا يقول شيئًا ولكن فيه أعاجيب وغرائب لا يمكن لأيّ إنسان، مهما إنحرف منطقه وتدهورت ملكاته العقليّة، أن يستوعبها... وككلّ مقالات الكاتب المذكور، يتطرّق مقاله المعنون بـ"القول الشافي في آية (يا أخت هارون)" لإحدى هلوسات القرآن (التي يسمّونها "شبهات")، كتاب الطّلاسم والأحاجي البدويّة، الذي وصفه علي بن أبي طالب بأنّه "حمّال أوجه"، وهذه العبارة هي أصدق ما قيل فيه، فهي تلخّص كلّ عيوبه: التّناقضات، الأساطير، الأكاذيب، الإّدّعاءات الفارغة، التّحريض على الإرهاب والإجرام... نعم، القرآن "حمّال أوجه" وكتابٌ يُكرّسُ الجهل والإنحطاط كقاعدة وشرط لقبول الشّبح الأعظم الله الإسلامي للمسلم وإدخاله وكر الدّعارة الذي يسمّونه "جنّة". والجهلُ يبدأ من الطّلاسم التي تكوّنُ الخطاب القرآني والذي يزعمُ أنّ القرآن أتى للنّاس أجمعين وبلسان عربي مبين في حين يُجمعُ المسلمون على أنّ فهم القرآن يحتاجُ أن يأخُذ المسلمُ تفسيرهُ عن المفسّرين ومفسّري المفسّرين وشيوخ ودُعاة وفي حين أنّنا نرى بوضوحٍ أنّ 14 قرنا من التّفاسير لم توضّح شيئا من خطابه ولم تحلّ شيئا من "شيفرته"... هذا والقرآنُ يزعمُ أنّهُ بلسانٍ عربيّ مبين، فما بالك لو زعم أنّهُ أتى جامعًا لكلّ لغات وألسن الإنسانيّة؟
.
أتحفنا "عدنان غازي الرّفاعي" بمقاله المذكور، وكأنّهُ أتى بما لم يأتِ به أحدٌ من قبله، فلم يكتفِ بنشره بل أعاد نشرهُ مرّة أخرى في نفس اليوم، بعد إجراء تحوير في العنوان ليصبح "الرد على شبهة (يا أخت هارون)"... والمقالُ كما ورد في عنوانه، متعلّقٌ بإستنباط تفسير لمعضلة صلة الأخوّة المزعومة بين مريم أمّ المسيح وهارون أخ موسى في الآية 28 من سورة "مريم"، وملخّصُه كما يقول الكاتب في آخر مقاله وننقُلُه حرفيّا: "هذا هو رابط العمق الدلالي في وصف بنو اسرائيل لمريم (يا أخت هارون) بعد أتت بعيسى عليه السلام واعتقدوا أنها زانية....... فما أرادوه بقولهم (يا أخت هارون) هو: يا من لست أهلا للثقة كما أن هارون لم يكن أهلا للثقة.." إذن، خيانة الثّقة هي الرّابط الذي بنى عليه "الله" المزعوم أخوّة تجاوزت الزّمان والمكان لتجمع بين مريم وهارون؟ كم هو أحمقٌ هذا الإله...
.
لكن، لنعُد إلى التّفاسير الأولى لكتاب الطّلاسم ولنقرأ تفسير الطّبري لهذه الآية:
"القول في تأويل قوله تعالى: (يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا (28)).
"اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله قيل لها: يا أخت هارون، ومن كان هارون هذا الذي ذكره الله، وأخبر أنهم نسبوا مريم إلى أنها أخته، فقال بعضهم: قيل لها (يا أخت هارون) نسبة منهم لها إلى الصلاح، لأن أهل الصلاح فيهم كانوا يسمون هارون، وليس بهارون أخي موسى.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله (يا أخت هارون) قال: كان رجلا صالحا في بني إسرائيل يسمى هارون، فشبهوها به، فقالوا: يا شبيهة هارون في الصلاح.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا) قال: كانت من أهل بيت يعرفون بالصلاح، ولا يعرفون بالفساد ومن الناس من يعرفون بالصلاح ويتوالدون به، وآخرون يعرفون بالفساد ويتوالدون به، وكان هارون مصلحا محببا في عشيرته، وليس بهارون أخي موسى، ولكنه هارون آخر. قال: وذكر لنا أنه شيع جنازته يوم مات أربعون ألفا، كلهم يسمون هارون من بني إسرائيل.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن سعيد بن أبي صدقة، عن محمد بن سيرين، قال: نبئت أن كعبا قال: إن قوله (يا أخت هارون) ليس بهارون أخي موسى، قال: فقالت له عائشة: كذبت، قال: يا أم المؤمنين، إن كان النبي صلى الله عليه وسلم قاله فهو أعلم وأخبر، وإلا فإني أجد بينهما ست مائة سنة، قال: فسكتت.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (يا أخت هارون) قال: اسم واطأ اسما، كم بين هارون وبينهما من الأمم أمم كثيرة.
حدثنا أبو كريب وابن المثنى وسفيان وابن وكيع وأبو السائب، قالوا: ثنا عبد الله بن إدريس الأودي، قال: سمعت أبي يذكر عن سماك بن حرب، عن علقمة بن وائل، عن المغيرة بن شعبة، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران، فقالوا لي: ألستم تقرءون (يا أخت هارون)؟ قلت: بلى وقد علمتم ما كان بين عيسى وموسى، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فقال: "ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم".
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: ثنا عمرو، عن سماك بن حرب، عن علقمة بن وائل، عن المغيرة بن شعبة، قال: أرسلني النبي صلى الله عليه وسلم في بعض حوائجه إلى أهل نجران، فقالوا: أليس نبيك يزعم أن هارون أخو مريم هو أخو موسى؟ فلم أدر ما أرد عليهم حتى رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له ذلك، فقال: "إنهم كانوا يسمون بأسماء من كان قبلهم ".
وقال بعضهم: عنى به هارون أخو موسى، ونسبت مريم إلى أنها أخته لأنها من ولده، يقال للتميمي: يا أخا تميم، وللمضري: يا أخا مضر.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي (يا أخت هارون) قال: كانت من بني هارون أخي موسى، وهو كما تقول: يا أخا بني فلان.
وقال آخرون: بل كان ذلك رجلا منهم فاسقا معلن الفسق، فنسبوها إليه.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك ما جاء به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكرناه، وأنها نسبت إلى رجل من قومها.
وقوله (ما كان أبوك امرأ سوء) يقول: ما كان أبوك رجل سوء يأتي الفواحش (وما كانت أمك بغيا) يقول: وما كانت أمك زانية. كما حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي (وما كانت أمك بغيا) قال: زانية. وقال (وما كانت أمك بغيا) ولم يقل: بغية، لأن ذلك مما يوصف به النساء دون الرجال، فجرى مجرى امرأة حائض وطالق، وقد كان بعضهم يشبه ذلك بقولهم: ملحفة جديدة وامرأة قتيل."
.
إذن، ما الجديد الذي أتى به "عدنان غازي الرّفاعي" وأوائلُ المسلمين الذين عاشروا محمّدا بن آمنة كانوا هم أنفسهم كلّ يضربُ في تفسير الآية في إتّجاهٍ معاكس للآخرين...؟ يقول الطّبري: "اختلف أهل التأويل" في تفسير هذه الآية المنطوقة والمكتوبة بلسانٍ عربي مبين، كما إختلفوا في كلّ آيات القرآن، فما الجديدُ الذي أتى به الكاتبُ؟ تفسيرٌ جديد يُضافُ إلى التّفاسير القديمة ويُعزّز كلمة الطّبري "اختلف أهل التأويل" ويُعزّزُ قناعات ذوي العقول بأنّ القرآن ليس إلّا كتاب التّناقضات والأكاذيب والأساطير والخرافات بإمتياز...؟ أم ماذا؟
.
ولكن، لنستعر من "عدنان غازي الرّفاعي" نفس المنطق الذي إستعمله لإختلاق تفسيره للآية المذكورة من كتاب الهلوسات المحمّديّة ولنستعملهُ في جُملة أُخرى ولنعرضها على الكاتب وعلى المسلمين لنرى رأيهم فيها. ماذا لو قلنا: "أنصحُ القرّاء بقراءة كتاب (كفاحي) الذي كتبهُ أدولف هتلر أخو محمّد بن آمنة"؟ بحسب المنطق الذي إستعملهُ "عدنان" هناك علاقة أخوّة قويّة بين محمّد بن آمنة و"أدولف هتلر" لعلّ أبرز جوانبها النّزعة الإجراميّة والإرهابيّة المتغلغلة في نفسيّة كلّ منهما، وكرههما لليهود ومحاولتهما إبادتهم وإدّعاءاتهما العنصريّة الإستعلائيّة (تمييز العرب المسلمين كـ"خير أمّة أخرجت للنّاس" عند محمّد وتمييز "العنصر الآري" عند هتلر)، إلخ. فإذا قَبِلَ "عدنان" القفز على الزّمان والمكان لتفسير الآية المذكورة، فيجب عليه أن يقبل نفس القفز الذي قمنا به في الجملة التي تؤاخي بين محمّد وهتلر. هل يقبل "عدنان" الأمر أم أنّهُ سيكيلُ بمكيالين، كعادة المسلمين؟ نحنُ في إنتظار الإجابة.
.
-----------------
الهوامش:
1.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّناته:
http://utopia-666.over-blog.com
http://ahewar1.blogspot.com
http://ahewar2.blogspot.com
http://ahewar5.blogspot.com
2.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
https://archive.org/details/Islamic_myths
3.. صفحة "مالك بارودي" على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/malekbaroudix











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
شاكر شكور ( 2016 / 1 / 19 - 22:50 )
استاذ بارودي ، فهمت من مقالة السيد عدنان الرّفاعي بأنه لا يعترف بأن نسب مريم أم عيسى يعود الى آل عمران بل يقول تسمية أخت هارون هي تسمية رمزية سمّاها بأخوة منهج وسلوك وليس أخوة دموية ، والحقيقة ان السيد عدنان لم ينتبه الى ان سورة آل عمران 34 التي تسمي أم مريم بإمرأة عمران التي انذرت ابنتها مريم وكفلها زكريا الذي لم يكن في عهد موسى اطلاقا وهذا يثبت بأن قصد القرآن هو تنسيب بالدم مريم ام عيسى الى بيت آل عمران وعمران كان له ابنة اسمها مريم ايضا وهي اخت موسى وهارون وخلط القرآن بين المريمتين ، اما مسألة اتهام مريم أم عيسى بالزنا فقد ورد ذلك في قصص الأساطير التلمودية اليهودية بعد جمعها بعد عدة قرون من مجيئ المسيح لأن هذا الأتهام لم يكن موجود في حياة مريم بدليل انها لم ترجم لأنها كانت مخطوبة ليوسف رسميا في سجلات اليهود واليهود كانوا يعرفون يسوع على انه ابن النجار يوسف لكن محمد اخذ من التلمود اليهودي اتهام مريم بالزنا وبنى عليه قصة اسطورية انتهت بهز مريم لجذع نخلة وهي حديثة الولادة الى تناولها الرطب في فصل الشتاء وأسطورة قيام ابنها بالتكلم في المهد لتبرئتها ، تحياتي


2 - ولا شي
بولس اسحق ( 2016 / 1 / 20 - 02:39 )
لا تلمه يا اخي فانه استنبط معلوماته من كتاب الفه مسطول...والذي فسره المساطيل لتوجيه المساطيل....تحياتي.


3 - اين الرد؟؟؟
سامر أبو سمرة ( 2016 / 1 / 20 - 11:38 )
لم ترد على حججه واحدة تلو الاخرى ...كل ما كتبته هي عبارة تفاسير موروثة متضاربة ؟!!


4 - لم ترد
سامر ( 2016 / 1 / 20 - 13:45 )

أين الردود على البراهين التي أتى بها عدنان؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah