الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنصار القديم ...والهوية والحضارات القوية

بهجت العبيدي البيبة

2016 / 1 / 20
المجتمع المدني


للانغلاق أسباب كثيرة ومتنوعة، يحاول أنصار القديم أن يختزلونها في الخوف على الهوية، تلك التي نخشى عليها خشيتنا على أنفسنا، فنحن ممن يؤمنون أن اندثار الهوية تعني النهاية المزرية لأية أمة من الأمم.
ولكننا أيضا ممن يؤمنون بالانفتاح على الحضارات كلها؛ نتعرف عليها وندرسها، ثم نهضمها هضما، فيمكث فينا النافع منها، ويذهب أدراج الرياح ذلك الذي لا يتفق مع ثوابتنا وعقائدنا وهويتنا.

لا يمكنني أن أومن بالرفض للرفض، أو بالمنع للخوف، أو بزهد العاجز، فذلك لا يتفق والأمم الحية، تلك الحياة التي تتفاعل فيها كل العناصر، لتمتلك منتجا به من القوة ما يجعله يصمد قويًّا أبيًّا على الانصهار والذوبان.

وهذا ما نجده يمشي على قدمين في الحضارة الغربية بالدول الأوربية، والتي منها النمسا التي أقيم فيها منذ أكثر من عشرين عاما، عشت فيها الحضارة الغربية بكل تفاصيلها، التي لا ترفض أي انفتاح، على أي من الحضارات: قديمها وحديثها، ولا تغلق أبوابها أمام أي من الأفكار مهما كان مصدرها، طالما رأت أنها تتفق وعموم الفهم " الإنساني " السَّوِي.

الشارع النمساوي الذي يمثل لي الحضارة الغربية الحديثة، يأخذني أَخْْذاً، بتفاصيله الدقيقة، إلى الشارع في بغداد حاضرة الدولة العباسية - الذي لا يعرفه حق معرفته أنصار القديم -  ذلك الذي رأيته مختلف الثقافة، متعدد الحضارة، متنوع الفلسفة، فالدارس للحضارة الإسلامية في أَوْجَها لا يجد كثير اختلاف بينها وبين الحضارة الحديثة، فلقد كان التعايش، على سبيل المثال، هو أهم سمات الدولة العباسية التي هي أعظم فترات الحضارة الإسلامية، وذلك لأنها انفتحت على حضارات العالم، وتعرفت على الثقافات المختلفة، فأصبح طبيعيا أن يكون التعايش الإنساني هو السمة والظاهرة الصحية، ذلك الذي نراه ماثلا للأعين في الشارع النمساوي، الذي يرحب بكل الحضارات هاضما لها لا ذائبا فيها - فيقبل الآخر-  ذلك الذي كان عين ما يحدث في بغداد " العباسية " .

إن الحضارات القوية لا تخشى شيئا، ولا تخاف من التفاعل مع الحضارات المختلفة، أما الحضارات التي تمر بمراحل ضعف وتهرؤ، فإنك واجدها مرعوبة في مواجهة فكرة، أو مجرد خاطرة، وفي محاولة يائسة منها تهرب للإمام حتى لا تخوض التجربة الإنسانية الكاملة، معللة ذلك الهروب بالحفاظ على الهوية، التي هي مُضَيَّعَةٌ في تلك الحضارات الضعيفة بسبب انغلاق أنصار القديم .
 
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مع اقتراب نيران المعارك.. اللاجئون بمخيم جباليا يخلون المدار


.. الأمم المتحدة تدين اعتقال المحامين في تونس




.. أزمة اللاجئين السوريين في لبنان: بين مخاوف من ترحيل لاجئين م


.. سودانيون يا?كلون ورق الشجر والأمم المتحدة تصف وضعهم بالجحيم




.. بانتظار تأشيرة للشرق الأوسط.. لاجئون سودانيون عالقون في إثيو