الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كونك ماركسي 2

موسى راكان موسى

2016 / 1 / 22
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها



{ أنا لست ماركسيا } ، هذا ما قاله ماركس عن نفسه ، بينما كان بإمكانه أن يقول أن فلان ليس ماركسي . لم أجد رواية أو حدثا في التاريخ الإخباري [ بغض النظر عن الصحة من عدمها ] ينقل شيئا مشابها لما قاله ماركس عن نفسه ؛ موسى لم يقل أنه ليس يهوديا ، محمد لم يقل أنه ليس مسلما ، اليسوع لم يقل أنه مسيحي ــ لأنه أعظم من ذلك ، ابن الإله ، لكن أيضا الإله ذاته ! .

كارل ماركس ، يمرض ، يتبوّل ، يتغوّط ، يستمني ، عنده مخاط و ضراط ، دمه أحمر ــ ذا كرش ، سكير ، لحيته قبيحة لكن ليس كمثل قبح لحية باكونين ، أشعث الشعر ، عانى من البواسير أو الدمامل في مؤخرته ، و غير ذلك من صفات و مميزات تبقيه حيوان كبقية الحيوانات البشرية ؛ و لا ترفعه لمقام إله أو قديس أو أي هراء يشابه ذلك .

قد تكون صاحب كلب ، و يصيبك موقف حرج أو خطر ، يكون فيه هذا الكلب خير من يساندك فيه ، قد تشعر بالإمتنان له ــ لكن هذا لا يغير الكلب إلى لا كلب ، يبقى الكلب كلبا . و في حالة قمت بتقديس هذا الكلب و معاملته كإله ، فعليك اللعنة ؛ و لا عزاء عليك .

ماركس هو كذلك ، أيا يكن ما قام به [ فكريا ، عمليا ] ، ليس حجة لأن نقدسه و نسبح بحمده آناء الليل و أطراف النهار ــ بل الواجب في مثل هذه الحالة أن نمسك المطرقة بيد و المنجل باليد الأخرى ، و نهوي بهما على ماركس هذا ؛ نقدا و نقضا و دحضا ، ما أمكن ذلك .

الصفات الشخصية و الجسدية لكارل ماركس ليست دافع لتدافع عن كونك ماركسي ، أو تدافع عن مسمى ماركسي .

***

(( الماركسية ليست عقيدة و ليست فكر ؛ الماركسية علم )) ــ العلم فكر ، بل أكثر من فكر واحد ؛ لهذا يوصف بعض الفكر بأنه علمي [ فكر علمي ] . و الفكر يتضمن في ذاته تغييرا و حركة ، و إن كان مجال التغيير و الحركة في بعضه ضئيل مقارنة بغيره من الفكر .

الماركسية العقيدة أمست واقعا من خلال عقائديوها ؛ المسيحية عقيدة من خلال عقائديوها ــ هل إنكار كون المسيحية عقيدة يغير من حقيقة كونها أمست عقيدة ؟! . لا ، حتى و إن كانت في الحقيقة ليست كذلك // بل أنها تتأكد بكونها كذلك من خلال النفي هذا ــ بالمثل نفي عقائدية واقعة هو تأكيد لعقائديتها ؛ هذا إن لم تتأكد عقائدية النافي ذاته .

إن إعترضنا نمر في الطريق ، فلا ينفع قولنا لأنفسنا أنه ليس نمر ؛ إذا لنواجه الواقع ، هو كما هو ــ كفانا هروبا .

***

من عجائب الأمور الشعوذة . و الماركسية لم تسلم من العجب ؛ الشعوذة . كارل ماركس لم يكتب مؤلفا واحدا أو مقالا أو حتى رسالة ، يشرح فيها المادية الديالكتيكية . إكتفى ماركس بإشارات عنها لا تغن و لا تسمن من جوع . صحيح أن إنجلز و لينين و ستالين و غيرهم الكثير كتب ، و قبلهم كان هيجل [ عن الديالكتيك ] ، إلا أن المادية الديالكتيكية لم تنته إلى صيغة نهائية ، إذ ظلت مفتوحة للمزيد و المزيد و المزيد .

الديالكتيك بالذات أمسى شعوذة ــ غموض و ضخامة و مبالغة في الحديث عنه ، و في الأخير يُختزل بكل وقاحة في ثلاثية ! [ 1. وحدة التناقض / 2. الكم إلى الكيف (و العكس) / 3. نفي النفي ] . الإختزال إبتذال ، و الحق أن هذا ضرورة لا بد منها ، كمرحلة معرفية في تعرّف المرء على ماهية الديالكتيك ، أو لشرح ماهيته للعمال و محدودي العقل [ شخصيا ، كان مؤلف ستالين (المادية الديالكتيكية و المادية التاريخية) ، ترجمة الرفيق حسقيل قوجمان ، هو أول مؤلف عن الديالكتيك أقرأه ــ و قد استفدت منه الكثير ] .

الحليب ضرورة للطفل في شهوره الأولى ، لكن هذه الضرورة ما تلبث مع الوقت إلا و تتنازع معه ضرورة أخرى : الفطم . الإختزال الإبتذالي للديالكتيك ضرورة مرحلية في المعرفة ، و ينبغي تجاوزها و تبيان إبتذاليتها .

***

و ختاما ، أكرر مرة أخرى { كونك ماركسي لا يعني أنك الراهني القلق ، أو المخلص المنتظر ، أو المناضل السامي ، لا ــ هذا يعني أنك عقائدي أو مُبتذِل } ليس إلا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الابتذال
فؤاد النمري ( 2016 / 1 / 22 - 06:46 )
قيل أن الإنسان هو أنبل ظواهر الطبيعة وما كان الانسان ليكون أنبل ظواهر الطبيعة بغير أن يقوم بمختلف الوظائف الحيوية
مثال الابتذال هو تجريد الانسان من إنسانيته والنظر إلية كحيوان يقوم بوظائفه الحيوانية
ماركس يراه السيد موسى حيوانا أما العالم فرآه أعظم مفكر في الألفية الثانية
فلماذا يختلف موسى عن العالم ؟ ـ على موسى أن يجيب على ذلك
لم يدرك موسى أن القول -فكر علمي- دلالة قاطعة على أن الفكر شيء والعلم شيء آخر إذ أن هناك فكر لاعلمي
العلم إنما هو قوانين فيزيائية تعمل في الطبيعة قبل وجود الإنسان المفكر
كان الأوكسجين يتحد بالهيدروجين ليكونا الماء قبل ظهور الانسان
وكذلك كان المد والجزر
وثمة آلاف القوانين التي لم تكتشف بعد
الماركيسي هو من ينتهج نهج قوانين الطبيعة
وما الابتذال إلا إنكار أثر هذه القوانين
أنا لم استدل على دوافع السيد موسى في إعلان تنصله من الماركسية


2 - تحية ونقدا
حميد خنجي ( 2016 / 1 / 22 - 13:39 )
بالرغم من نبل مشاعر رفيقنا الشاب (الكاتب) وواقعية هدفه، إلا أني اشعر بشئ من العبثية والفوضوية في الطرح! لا يجب أن يكون الطرح كرد فعل والمبالغة في تصور الأشياء! على كل هو رأي قابل للسجال


3 - امل ودعوة
مهدي علوش ( 2016 / 1 / 22 - 15:35 )
١-;-- بدأً مما انتهيت : (كونك ماركسي لا يعني أنك ..المخلص المنتظر) - هذا نسبياً صحيح . ( كونك ماركسي .. يعني أنك عقائدي أو مُبتذِل) - وهذا نسبياً خطأ . هذه احكام مطلقة تتنافى والمنطق الديالكتيكي .
٢-;-- لقد عرفتك جاداً مجتهداً في البحث والدراسة ، لذا آمل فيك ان لا تسمح لشمسك بالاشراق قبل نضوج الحين واستكمالك للاصول ، بل وأجدني ادعوك للعمل بنصيحة لينين بدراسة الفكر الانساني السابق على ماركس وبشكل خاص ديالكتيك هيغل من اجل فهم اكثر عمقاً لماركس.
مع الاحترام


4 - ١-;-- النقد بالمطرقة
عقيل صالح ( 2016 / 1 / 22 - 16:11 )
الرفيق العزيز موسى راكان،
تحية طيبة،

قرأت مقالتك بعناية بالغة.. والجميل فيها أنها تطبق، لا ادري بوعي او دونه، الطريقة النيتشوية بالنقد بالمطرقة، وطبعاً ما كان يقصده هو تحطيم كل الأوثان والاصنام، او كل شكل من اشكال الميتافيزيقيا - حتى لو كانت تدعي انها عكس ذلك.

أليس غريباً ان ماركس نفسه كان يؤمن بهذه المسألة ؟ .. فنقده، في البدء، كان نقداً موجهاً نحو الاشتراكيين نفسهم، ولنا ان ننظر الى تاريخ السجالات الفكرية التي خاضها ماركس ضد - الاشتراكيين الطوباويين- بدءاً من صديقه برودون مروراً بباكونين ( صاحب اللحية البشعة) إلى لاسال إلى جول غيد ( الذي كان تابعاً لماركس) - الذي وجه له ماركس كلماته المشهورة : انا لست ماركسياً. ماركس كان، في هذا المقام، تفكيكياً ( إستخداماً للمصطلح الهايدغري) بإمتياز !. كان يعلم إن النقد الحقيقي يتضمن في نقد كل اشكال الايديولوجيا .. وليس الاشكال المعروفة منها وحسب ( مثل العادات والاديان).

يتبع ..


5 - ٢-;-- حول الديالكتيك
عقيل صالح ( 2016 / 1 / 22 - 16:14 )
أيعني هذا ان النقد بالمطرقة يجب ان يكون مرفوعاً عن ماركس نفسه ؟ اقف معك وأقول بشدة : لا.. قلما ترى مثلاً احدهم لا يسمح بنقد آنيشتاين، او نيوتن، او داروين .. فلماذا ماركس - العالم - مرفوعاً عن هذا الامر ؟..

أما حول مسألة الديالكتيك، فإنها من المسائل المطروحة في المقالة نفسها، وأرى انها في غاية الأهمية فيما يتعلق بالفلسفة الماركسية اللينينية = الديالكتيك “الهيغلي” في مقابل الديالكتيك “الماركسي” = هل الهيغلية المقلوبة لا تزال هيغلية كما يقول مهدي عامل ؟ بمعنى هل هناك فرق صارخ ما بين الديالكتيك الهيغلي( الغائي) والديالكتيك الماركسي ( المادي غير الغائي) ؟ = هل يمكن ابتذال الديالكتيك المادي في قوانين غائية ؟ هل الديالكتيك الماركسي ديالكتيكاً غائياً يبشر : بالبداية، والنهاية، وسيرورة وفقاً لذات تجاوزية محددة( لتكن الذات هذه : الانسان او البروليتاريا الخ )؟ .. هذه المسائل ، كما يبدو لي، موجودة ضمنياً، حتى لو لم تطرح بشكل مباشر، في المقالة نفسها.. واعتذر اذا ابتذلت الموضوع المطروح. = حيث هناك موضوعات مهمة اخرى طرحت في المقالة

يتبع ..


6 - ٣-;-- حول مقولة آنا لست ماركسياً
عقيل صالح ( 2016 / 1 / 22 - 16:16 )
ملاحظة اخيرة حول مقولة : (( أنا لست ماركسياً)).. كانت هذه الكلمات رداً على “ الماركسي” جول غيد الذي رفض اي امكانية للإصلاحية في الرأسمالية، بينما ماركس كان يرى امكانية “ واهمية” الاصلاح في الرأسمالية وان هذا لن يجرد العمال من ثوريتهم.. فهي كانت ردة فعل تجاه تجميد مبالغ فيه للفكر نفسه.. الماركسية تشير إلى “ علم” وهو “علم التاريخ”.. لا اعتقد انه- ماركس- كان يقصد : انا ضد العلم الذي بذلت كل ما في وسعي لتأسيسه، بل كان يقصد اساساً : انا ضد كل محاولة في تجميد وجعل الماركسية ( علم التاريخ) في قالب دوغمائي معين.

يتبع ..


7 - ٤-;-- حول - الهجوم-
عقيل صالح ( 2016 / 1 / 22 - 16:18 )
أما حول “ الهجوم” الذي يتلاقاه رفيقنا موسى راكان ( والذي سيتلقاه اكثر بلا شك).. فبرأيي من المهم التحلي بالروح الشيوعية فيما يخص ما طرح، او ما سيتم طرحه مستقبلاً. مساكين نحن الذين نسلك خطواتنا الأولى ! - نحن حبل ما بين مما سبق ومما سيلي.. علينا نقد السابق وتحليل الآتي : اصعب مهمتين يمكن ان يتخيلها اي احد ! .. لم اجد مبرراً للكلمات - بعضها جارحة وبعضها الاخر عتابية- الموجهة للرفيق موسى.. نحتاج إلى الروح الشيوعية في النقد .. أنا تم تكفيري مسبقاً، لا ادري اذا الرفيق موسى سيتم تكفيره عما قريب..

اصافحك بحرارة على هذه المقالة الهامة،

تحياتي،
اللامخلص اللامنتظر ( هشام عقيل صالح)..

اخر الافلام

.. #ترامب يهدي #بايدن أغنية مصورة و النتيجة صادمة! #سوشال_سكاي


.. التطورات بالسودان.. صعوبات تواجه منظمات دولية في إيصال المسا




.. بيني غانتس يهدد بالانسحاب من حكومة الحرب الإسرائيلية


.. صحفيون يوثقون استهداف طاي?رات الاحتلال لهم في رفح




.. مستوطنون ينهبون المساعدات المتجهة لغزة.. وتل أبيب تحقق