الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شُبهُ إنسان

امين يونس

2016 / 1 / 26
المجتمع المدني


صّدقوني .. أنني أعشقُ الحياة مثل أي شخصٍ سَوِي ، أتذّوق الجمال أينما يَكُن وحيثما يكمُن ، أتمنى الإستقرار والشعور بالأمان ، وأستطيعُ التصالُح مع نفسي ومع الطبيعة . لايَهّمني الدِين في شئ ، ولا أشتري الطائفية بِعُقب سيجارة ، ولستُ من دُعاة القوميةِ ولا أعترفُ بالقبلِيةِ والعشائرية . أُحّبِذُ الكتابة عن الحُب ، عن الفَرَح ، عن الغَد الأجمَل ، عن السُعادة .
لكن ... هل حَقاً أمتلكُ ذاك التَرَف ؟
وعلى مقربةٍ منّي ... شمالاً .. تحّولَتْ المُدن الى ساحات حرب ، ويتساقط القتلى والجرحى يومياً ، برصاص ومدافِع جيش وشرطة أردوغان . وسطَ تواطؤٍ غربي وصمتٍ عالمي مُخزٍ .
وعلى مقربةٍ منّي ... غَرباً .. أصبحتْ المُدن والقُرى ، أنقاضاً وخرائِب ، جراء عُنف دكتاتورية بشار الأسد ، وهمجية الفاشية الداعشية ، وحرب المصالح الدَولية .
وعلى مقربةٍ منّي ... شرقاً .. تُعّلَقُ المشانِق يومياً ويُعدَمُ أنبلُ الناسِ ، بِتُهمٍ سخيفةٍ ، وبأحكام رجعية صادرة من نظام الملالي في إيران .
وعلى مقربةٍ منّي ... جنوباً .. يستمِرُ النزف ، من بعشيقةَ وبحزاني المُحتلَتَين إلى البصرة المغدورة ، مروراً بسنجار الذبيحة والموصل المُنتَهَكة . على مقربةٍ منّي جنوباً .. حيثٌ لم يتوقف سَيلان الدَم ، في الشرقاط وسبايكر وبهرز وكنعان والرمادي والفلوجة ومثلث الموت شمال الحّلة ، وبغداد التي صارتْ مَرتعاً للعصابات والمافيات وساحةً للخطف والذبح ، والبصرة التي كانتْ جميلةً زاهية ، غَدَتْ مَلعَباً لعُتاة مُجرمي الإسلام السياسي .
وهُنا ... في القَلب .. تحولتْ أحلامنا البريئة إلى كوابيس . خُدِعنا وصارَ العَيشُ صعباً ، وإستلام الراتب مُناسبةً ، وتوفير الدواءِ خيالاً ، والتخطيطُ لمُستقبلِ الأطفالِ مُحالاً . هُنا ... في القلب ، لم يَعُد القلبُ يُغّذي شراييننا بدماءٍ كافية للعَيش ... ثلاثين ألف من الشباب ، هاجروا خلال السنة الماضية ، بِطُرقٍ غير قانونية ، ثلاثمئة منهم على الأقل ، غرقوا في بحر إيجة ، وعشرات في شاحنات الموت ... ثلاثين ألف من الشباب ، المحظوظين الذين إستطاعوا الإفلات من قساوة " القلب " .. وهنالك عشرات الآلاف غيرهم ، يتمنون المُغادَرة ، رغم كُل مخاطِر الطريق ، ورغم ضبابية مستقبلهم في بلدان المهجَر .
...................
صّدقوني ... [ كُنتُ ] شخصاً سَوِياً عاشقاً للحياة مُتذوقاً للجمال طامحاً للأمان مُحِباً مُسالِماً .
لكن ما يجري في الإتجاهات الأربعة وفي القلب ... حّولَني إلى شُبه إنسان ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كل إنسان
شيخ صفوك ( 2016 / 1 / 26 - 00:02 )
لقد هاجرت منذ اكثر من خمسة و عشرون عاما و لا زلت شبه إنسان
يبدو ان جيناتنا مثل لصقة جونسون
الحزن يلحقني أينما ذهبت حتي عندما اضحك فان ضحكي مصطنع
الحزن عليك هو المكتوب يا ولدي
ليتني كنت جارك يا سيد أمين


2 - هكذا خلقنا تعساء
أريان ( 2016 / 1 / 26 - 04:39 )
كاك أمين . كان المرحوم عزيزعلي يعبرعن معاناة زمانهِ بغناء المنلوجات. وقبل الاسلام كان هنالك مأسي وشكو من ألزمان . حيث يذكرني بيت شِعْر لعنترة بن شداد يعاتب زمانه حيث يقول
أُعاتب دهرأً لايلين لعاتبِ واخفي الجوئ والدمع علئ العين فاضِحِ
قومي على الايام عَونُ على دمي وقد طلبوني بالقنا والصفائح.
https://www.youtube.com/watch?v=cCOF5B1BvnM أرجو سماع منلوجات عزيز علي في الرابط أدناه . لتخفيف بَعض من همنا .ولك كل التقدير.


3 - وما حيلة المضطر الا ركوبها
حسين المولى ( 2016 / 1 / 27 - 12:56 )
عشت سيدي وعاش يراعك النبيل--كم جميل ورائع أن يكتب مثلك بلسان كل المحرومين والمعذبين في هذا الزمن الرديء --كتبت نبضات قلوبنا وآهات نفوسنا وعبرت عن معاناة كل الشرفاء في هذا الوطن الجريح حيث يسود الظلام في كل انحائه ويعشعش الجهل والخرافة في كل أرجائه ويتحكم فينا أجهل الجهلاء وأسوء السراق وألعن الخبثاء ==نبكيك أيها الوطن الجريح -لكن هل تمسح دموعنا آثامنا -نحن الذين جنينا على أنفسنا وعلى الوطن حين مهدنا الأرض لفاقدي الشرف والأنسانية ومكناهم من زرع شرورهم وآثامهم --مع كل هذا فلكل جوا د كبوة ولابد أن نرى ومضة نور في نهاية النفق --مع وافر التقدير -ودمت متفائلا رغم المحن

اخر الافلام

.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون من أجل عقد صفقة تبادل وضد حكومة ن


.. مظاهرات حاشدة في إسرئيل للمطالبة بعقد صفقة لتبادل الأسرى




.. أتراك يتظاهرون في شوارع ألمانيا: -لا نريد لاجئين في بلادنا-


.. الحياة تبتسم للمهاجرين.. ستارمر يُنجيهم من الترحيل إلى رواند




.. أول إجراء لستارمر بشأن المهاجرين بعد تعيينه رئيسا لوزراء بري