الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القوة - الجمهور و الجماعة

موسى راكان موسى

2016 / 1 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع




الجمهور قوة ، هذا لا شك فيه ، كما هي الجماعة قوة ؛ لمن يقود أو لمن يعارض أي منهما ــ و لكن نحن نعلم أن كل من الجمهور و الجماعة عبارة عن أفراد ، فهذه القوة التي يظهر بها الجمهور أو تظهر بها الجماعة إنما هي تعبير الأفراد ، على الرغم أنها [ القوة ] لا تتمظهر فرديا إنما جمهوريا و جماعيا ؛ فهل القوة في الجمهور و الجماعة أم في فرد الجمهور و فرد الجماعة ؟! : أو بتعبير آخر أدق : من يملك و يتفاعل بالآخر ، هل الجمهور و الجماعة تمتلك الأفراد و تتفاعل بهم ، أم الأفراد هم من يمتلكون الجمهور و الجماعة و يتفاعلون بها ؟! .

قد تم تصنيف القوة إلى صنفين ، أحدهما : [[ القوة | الوهمية ، التجريدية ]] ــ إلا أن هذا لا يعني أبدا أنها معدومة الأثر ؛ إذ تتساوى مع [[ القوة | الحقيقية ، المادية ]] من حيث الأثر ، أي لها تأثير . و أننا نعلم أن القوة المفرطة خطيرة ، لكن هذا لا يعني أن تكون حقيقية ، قد تكون وهمية .

إن الجمهور و الجماعة قوة ، لمن يقود و لمن يعارض أي منهما ، كما سبق الذكر ، لكن أيضا هما قوة للأفراد المكوّنين للجمهور أو للجماعة ، أو الأفراد المتخيّلين أنفسهم أفراد الجمهور أو الجماعة . ما معنى ذلك ؟ ، معناه ببساطة أن فرد الجمهور أو فرد الجماعة ، (( يملك )) و (( يتفاعل بـ )) الجمهور أو الجماعة ؛ { القوة } ، حيث يقدم على الأمور كما لو أنه مطلق ، أو سكران ، حتى يوقظه الواقع بصفعة ــ هذا إن أتت له [ صفعة الواقع ] .

* الجمهور و الجماعة لا يملكان شيئا و لا يتفاعلان بأي شيء ، إنما هو الفرد ذاته الذي يملك و يتفاعل بهما ــ و لو كان في حقيقة الأمر مجرد تخيّل . و التعبير عن { القوة } يتجلى في الأفعال و الأقوال التي تصدر من قِبَل فرد الجمهور أو فرد الجماعة .

ليس الفكر أو القيم أو الشعارات التي يرفعها الجمهور أو الجماعة هو ما يدفع بأفرادها إلى خرق عباب الخطر ، بل الجمهور ذاته و الجماعة ذاتها هو الذي يدفع بهم إلى ذلك ؛ و هذا يفسر اللا عقلانية التي تحكم منطق الجمهور و الجماعة .

لكن من جهة أخرى ، حين يقل هذا (( التملّك )) ، أو (( التفاعل )) بالجمهور و الجماعة من قِبَل الفرد ، فهو يشعر بالضعف ، يترافق ذلك مع بعث العقل فيه ؛ كما لو أن العقلانية تحاول أن تحل محل الجمهور و الجماعة ــ إذ ينتقل من كونه فرد جمهور أو فرد جماعة إلى أن يكون مثقفا أو شبه ذلك : أي من قوة إلى قوة // الأمر الوحيد الثابت في آخر المطاف هو النزوع تجاه القوة .

لا يُقصد من هذا أن نرفض الجمهور أو الجماعة ، أو أن نفككهما لتسود العقلانية ، إنما القصد هو فهم الجمهور و الجماعة في إطار { القوة } ــ فأن تدعو فرد جمهور أو فرد جماعة لأن يكون عقلانيا ، هو عبث . كما أن العجب الذي يكون مصدره من المثقف الذي يتحوّل [ أو يرتد ] إلى فرد جمهور أو فرد جماعة ، هو جهلٌ بالسبب ؛ { القوة } ، إذ لا يختلف هذا التحوّل عن تحوَل فرد الجمهور أو الجماعة إلى مثقف .

في الختام ــ أوّد القول أنه من الأفضل ، أن لا يكون قادة الجمهور ، أفراد جمهور ــ فكونهم أفراد جمهور ، و قادة جمهور في ذات الوقت ، معناه كارثة . إن كل أولئك الذين قادوا جماهيرهم ، كجزء منهم حقيقة ، إنتهوا إلى كارثة . لا يجب أن نتعاطف مع القادة الرافعين شعار (أنا الشعب) أو ما شابه ذلك ، لا يلزم أن يكون هذا القائد فاسدا ليُفسد ، يكفي أن يكون القائد جمهوريا لا ليُفسد فقط ، بل لتحل الكوارث ؛ ذلك يطال عموم الأناركيين ، و بعض القوميين .

و لا يُفهم من ذلك أن بالعكس لن تكون الكارثة ، بل لربما كانت أشد كارثية . و لكن ببعض هذا العكس لن تكون الكارثة ، فإن كانت حتمية كانت هيّنة بالمقارنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف