الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسوار بغداد

ليلي عادل

2016 / 1 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الحلقة الاولى

يا اهلًا بالحرية

حتى سنة 2003 كانت الممنوعات تنمو ببطء و دون ان نشعر حتى اصبح المنع قاعدة و السماح هو النشاز. كانت جدران سجننا الكبير تضيق كل يوم, و عالمنا الخاص يكبر داخل اسوار بيتنا الصغير الذي كان ملاذا و ملجأ لنا و لمن يشبهوننا. كانت الحرية تأخذ مداها دون حدود, نفكر , نرقص, نأكل, نشرب و نكرم من يلجأ الى ملاذنا بسقف حريتنا العالي.
.بعد 2003 بدأت موجة ممنوعات من نوع اخر ..ممنوعات دينية و الدين هنا يتدخل باشد خصوصيات الفرد، كيف يقضي و قته ، ماذا يلبس، ماذا يقول ، ماذا يأكل..و غيرها من الأمور تبدأ بالمصيرية ولا تنتهي باليوميات التافهة.
احسست بكل ممنوع جديد يصدر كل يوم بقرار مباشر من السلطة الديموسلامية او من الشخص الذي يسكن عند راس شارعنا..كل يوم كنت أتنبأ بمنع جديد ..حتى اني توقعت يوما ان يكون الخروج من المنزل يحتاج الى موافقة الجهات الرسمية او الشرعية.
بدأت النساء يضعن غطاء الراس الواحدة تألو الاخرى رغم عدم قناعتهن به لكن تلافيا للشر الذي يمكن ان يلحق بهن خصوصا و ان الميديا الشرعية تروج للثواب و العقاب الذي سيطال من تلتزم و الويل لمن تخالف. الكثيرات منهن خضعن لقانون ( وقرن في بيوتكن) حيث الخروج من المنزل و وجود المرأة في شوارع العاصمةأصبح نشوزا غير مرحب به.
كل هذا كان يتم تحت أنظار المحرر الذي أتى لنا بالديمقراطية المعممة ( من عمامة) و ليس ( من التعميم).
.
الشعب سعيد بالإنترنت و الموبايل و الأحزاب و المنظمات و الجمعيات و الحسينيات و المساجد و السادة و العلام الذين أصبحوا اكثر من الذباب. الشعب مارس مهرجانات اللطم و شق الرؤوس و القدور المملوءة بلحوم حرام ذبحت حلالا.
كل يوم كان يضيق بي الخناق و كل مرة اخرج فيها اعتبرتها الاخيرة حيث نظرات العسس كانت تنذر و تتوعد بعقاب قد يرسلني الى العالم الاخر. كل يوم كنت أتأمل مستقبل ابنتي و الأفكار التي سيجبر ابني على تصديقها و الايمان بها. أتأمل القفص الذي يصنعه المجتمع لعقول الأجيال التي نمت و تنمو تحت ظل الفوضى اللا خلاقة.
كل ملامح الأمل اندثرت تحت تراب العودة الى تاريخ مغبر يحمل في ثناياه اخبار الرجعية و الظلم و الظلام. كان من السهل على ان اموت لأكون كمن سبقني من ضحايا التغيير، لأكون خبرا يتناقله الأقارب و المعارف و الجيران مع كلمة لو. لو كانت فقط تمشي مع التيار، لو لم يكن رأسها قوي، و الراس القوي ليس صنيعتي بل هي احدى أعراض الوراثة.
ست سنوات من الانتظار. ست سنوات من الانهيار, كل شي بدأ يسقط و اولها البشر.

الحلقة القادمة
أرض الشتات









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج