الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللغة العربية وأهلها

بهجت العبيدي البيبة

2016 / 1 / 30
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يظن المتحدثون باللغة العربية أن الله قد خصهم فقط وخص لغتهم بما لم يخص به غيرهم من الأمم ودونها من اللغات، وهذا غير صحيح على الإطلاق، فلا فضل للغة على أخرى، ولا لأمة على أخرى إلا بما يقدمه أفراد تلك الأمة، وبما تبدعه قريحة أهل تلك اللغة، ويقدمونه زادا ونورا لأمتهم أولا وللإنسانية ثانيا.
لست ممن يميزون بتفاضل بين لغة في ذاتها وأخرى لذاتها، ولكني من المتحمسين للغتنا العربية حماسا شديدا، بعيدا عن تلك النرجسية، متجاوزا ذلك التعالي غير الموضوعي، أراها قادرة بكفاءة بالغة على أن تتبوأ مكانا مرموقا بين اللغات، وأومن أن لديها في ذاتها خصائص - تشترك فيها مع عديد اللغات – تجعلها وعاء صالحا لأفكارنا، وثوبا جميلا لخواطرنا، وحدائق غناء لمشاعرنا، استطاع عباقرة على مر العصور أن يعبروا بها عن مكامن النفوس، وخوالجها، بعد أن ملكوا ناصيتها، فملكوا عقولنا وقلوبنا.
إن اللغات تأخذ قيمتها من الناطقين بها، فإن كانوا ذا قيمة فبالتبعية تصبح لغتهم ذات قيمة، وإن كانوا عكس ذلك، أنسحب ذلك العكس على ما يتخذون من لغة، والأمم الحية هي التي لا ترضى بديلا عن الإنتاج، ولا تركن للهدوء والدعة، بل تسعى سعيا للوصول للأفضل، وتحاول محاولات مستميته للوصول للكمال، على علمها باستحالته، والأمم الناهضة هي تلك التي ترفض السكون بادعاءات واهمة، وكأني بها قد حققت مآربها، رغم أنها في ذيل الأمم.
ذلك الذي ينطبق على حالنا في تلك البقعة الجغرافية التي تتخذ العربية لها لغة، تنصبها ملكة على لغات العالم، مدعية أفضلية، لو اعتبرناها، ليس لأهلها فيها فضل، بل على العكس من ذلك فإن هذا الأهل هو من تسبب في تراجع مكانة تلك اللغة القادرة على أن تنهض نهوضا كبيرا حال نهضة أبنائها.
إن اللغات كائنات حية، يعتريها ما يعتري تلك الكائنات من صحة ومرض، وما ينتاب هذه الكائنات من حالات نمو أو اندثار، فتمر اللغات بمراحل عمرية مختلفة، من طفولة وشباب وشيخوخة وموت، تتلازم تلك الحالات تلازما لا ينفصم عن الأمم، ومع الناطقين بهذه اللغة أو تلك.
والمتأمل لحال أمتنا يدرك مدى التراجع الشديد لها على كافة المستويات، وفي كافة المجالات، ولن يجد المتأمل صعوبة في الربط بين حال الأمة وحال لغتها، التي تتلازم معها ملازمة طبيعية، في أحوالها المختلفة، التي وصلت في تلكم الفترة إلى مرحلة من التدني ظلمت بها لغة قادرة على البقاء قوية، بما لديها من رصيد، كانت في بعض مراحله غالبة، يقلدها المغلوب، ويتباهى بمعرفتها، أو معرفة بعض الفاظها، يضمنها جمله وكلامه في لغته الأم، ذلك الذي نقوم نحن به الآن، فتصرخ العربية قائلة: إني أخوض معركة بقاء، وفي حاجة إلى عقول نابهة وجنود أشداء، متوسلة أن ننصرها بنصرتنا لأنفسنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انحدار مخيف في اللغة العربية على لسان أبنائها
سامح ابراهيم حمادي ( 2016 / 1 / 30 - 19:25 )
الفاضل الأستاذ بهجت العبيدي البيبة

أوافقك على طرحك المتزن سيدي الفاضل

أعاني كثيرا من قراءة أوراق امتحانات الطلبة، إنهم يكتبون بلغة عجيبة
الخط ركيك، اللغة مضطربة، التعبير مرتبك، ولا علاقة للردود بالموضوع

كم علامة أعطي لمثل هذا الطالب؟
إنهم طلاب وليس طالبا واحدا، يكرهون القواعد، يمقتون الشعر، ولا يجيدون التكلم بالفصحى
،
حتى هنا في الموقع، ستجد الضعف الشديد في مستوى الكتابة، وهذا محزن فعلا، ومثير للعجب : ماذا تعلم هذا الكاتب أو الكاتبة في مدرسته؟
والأنكى أنهم لا يخجلون إذا ما وُجِّهتْ لهم ملاحظة !!

جيل بأكمله لن يستطيع القيام بحمولة لغتنا الجميلة وتطويرها

اللغة العربية في انحدار وإلى زوال على لسان أبنائها، لذلك يتمسكون بمقولة أنها لغة مقدسة لحفظها من العدم

ليس لهم أي جهد في تقدم البشرية، يفاخرون بهوية تعبانة، ويرددون كالببغاوات عبارة الخصوصية الذاتية، والخواء يملأ كل خلية في عقولهم المتجمدة

تفضل التقدير سيدي الفاضل،

اخر الافلام

.. الحوثيون يستهدفون سفنا جديدة في البحر الأحمر • فرانس 24


.. الشرطة القضائية تستمع إلى نائبة فرنسية بتهمة -تمجيد الإرهاب-




.. نتنياهو: بدأنا عملية إخلاء السكان من رفح تمهيدا لاجتياحها قر


.. استشهاد الصحفي سالم أبو طيور في قصف إسرائيلي على مخيم النصير




.. كتائب القسام تستهدف جرافة إسرائيلية في بيت حانون شمال غزة