الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القوة - الجهد المبذول [ قوة العمل ]

موسى راكان موسى

2016 / 1 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع




إن الجهد الذي يبذله الإنسان ، أيا تكن كيفيته و غايته أو لا غائيته ، يُسمى بـ{ العمل } ــ و لمزيد من التحديد و الدقة ، يُسمى بـ{ قوة العمل } . هذا الجهد المبذول قد يكون :
1. فعل ــ عن غير قصد بلا وعي .
2. فعل ــ عن قصد بلا وعي .
3. فعل ــ عن قصد بوعي .
4. دون فعل ــ فكر أو تجريد .

* الفرد ، و إن لم يملك شيئا ، إلا أنه يملك جهده المبذول [ قوة العمل ذاته ] ؛ حتى و إن جهل أو تم تضليله في ذلك ــ ما دام حيّا بالطبع .

و على الرغم من هذا التملّك الجبري ، إلا أنه بذاته لا يساعده ليحيا . لكن سيساعده ليحيا ، و أكثر من ذلك ، إن وظف جهده المبذول وفق كيفيّات معينة . هذه الكيفيّات كانت بداياتها بسيطة ، كجمع الثمار و الصيد ، و شيئا فشيئا بدت تتعقّد و تتركّب ، كالزراعة و الصناعة ــ دون أن نغفل الجانب الفكري أو التجريدي .

* النزوع للقوة ، دفع الفرد إلى محاولة تجاوز كل الحدود ، لكن النجاح أو الفشل في ذلك كان إجتماعيا ، أكثر بكثير من كونه فرديا ــ أنه لمن الجدير بالإنتباه ، أن الخيال و التجريد بقدر ما يعتملان لصالح الفرد ، إلا أنهما لم و لن يكونا بذا فعالية لولا القابلية الإجتماعية ؛ أو بما قد تم إختزاله بإحدى شرطيّ القوة : التفاعل .

لكن إن كان الفرد يمتلك جبريا جهده المبذول [قوة العمل ذاته] ، هل من الممكن أن يمتلك الفرد الجهود المبذولة لأفراد آخرين ؟! ، نعم ــ من الممكن أن يمتلك الفرد الجهود المبذولة لغيره ، لكن هذا الإمتلاك و إن كان ثابت من حيث الجوهر ، إلا أنه يختلف من حيث الهيئة التي من خلالها يتم التملّك ؛ و إن كانت الأطوار و المراحل التاريخية هي خير تعبير عن هذا { الثابت و المتحوّل في التملّك } بالنسبة إلى الإنتاج في الكل الإجتماعي ، إلا أن ذلك قد يوقعنا في ضلال النزعة الإقتصادوية في التفسير ، إذ هذا التملّك يتنوّع من حيث الهيئة في الطور الواحد و المرحلة الواحدة من التاريخ في الكل الإجتماعي ، و إن كانت إحدى الهيئات هي السائدة أو الغالبة .

فبشكلٍ عام ــ في العبودية ، كان تملّك الجهود المبذولة للغير [ قوة العمل ] ، يتم عن طريق تملّك صاحب الجهد المبذول نفسه . في الإقطاعية ، كان تملّك الجهود المبذولة للغير ، يتم عن طريق تملّك الأرض الصالحة للزراعة . في الرأسمالية ، كان تملّك الجهود المبذولة للغير ، يتم عن طريق العمل المأجور ؛ أو بتعبير آخر أكثر دقة : جهد مبذول مُختزن [ قوة العمل المُختزنة ] أجرا عن جهد مبذول مباشر [ قوة العمل المباشر ] ، إذ يتجسّد الجهد المبذول المباشر مُستقلا عن صاحبه ، موضوعيا [ أي ماديا | سلعيا ] ، يُمكّن هذا التجسّد [ بطبيعته الموضوعية ] من أن يتضاعف الجهد المبذول المُختزن .
هذا لا يعني على الإطلاق خلو مطلق لهيئات أخرى من التملّك للجهود المبذولة للغير ، سواء في العبودية أو الإقطاعية أو الرأسمالية ، و إن كانت السيادة و الغلبة لهيئة واحدة على غيرها من الهيئات .

صحيح أن هيئات تملّك الجهود المبذولة للغير تتنوّع ، مع ثبات الجوهر [ أي التملّك ذاته ] ، إلا أن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن الهيئات تتماثل ؛ فإن تشابهت في بعض الأوجه ، إختلفت في غيرها ــ بالتالي فقد تميّزت ، لكن يبقى السؤال : هل هذا التميّز يشرعن لهيئة أن تتميّز عن هيئة أخرى أم يقتصر أن يكون تمييزا ضمن نطاق الهيئة نفسها ؟! .
كمثال ، فإن النمط الرأسمالي يختلف عن النمط الإقطاعي ، و إن كان من النمط الرأسمالي ما يُسمى بالرأسمالية الزراعية . لكن ضمن إطار النمط الرأسمالي نفسه ، الإختلاف بين مصنع للسجاد و مصنع للسيارات ، هو إختلاف لا يجعل لأحدهما هيئة يتميّز بها عن المصنع الآخر . كما أنه ضمن إطار النمط الإقطاعي نفسه ، الإختلاف بين إقطاعية تعاني القحط و أخرى تتنعّم بالوفرة ، هو إختلاف لا يجعل لإحدى الإقطاعيتين هيئة تتميّز بها عن الأخرى .

* تملّك الجهود المبذولة للغير مرهون بالوضع الإجتماعي العام ، بذلك فإن هيئات هذا التملّك هو أيضا مرهون بالوضع الإجتماعي العام ؛ فإن كانت العبودية في فترة تاريخية تُعتبر أمرا طبيعيا ، فهذا العصر يعتبر العبودية أمرا شاذا .


إن فهم الجهد المبذول [ قوة العمل ] مفتاح لفهم الصراع الكائن في طبيعة النقود ، و كذلك الكامن حول الفرق بين السلعة و الخدمة ، و من ذلك فهم للكل الإجتماعي العام ــ و لكن دون أن نغفل النزوع للقوة ، بشرطيّ القوة [ التملّك . التفاعل ] و العلاقة الطردية بينهما ، ضمن إطار إجتماعي كلي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضباط إسرائيليون لا يريدون مواصلة الخدمة العسكرية


.. سقوط صاروخ على قاعدة في كريات شمونة




.. مشاهد لغارة إسرائيلية على بعلبك في البقاع شرقي لبنان‌


.. صحيفة إيرانية : التيار المتطرف في إيران يخشى وجود لاريجاني




.. بعد صدور الحكم النهائي .. 30 يوما أمام الرئيس الأميركي الساب