الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بدايات ألإسلام -1

كامل علي

2016 / 2 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في سلسلة من ألمقالات سنستعرض ألآراء ألمختلفة حول بدايات ألإسلام ألمبكر وتاريخية ألنبي محمد.
في ألبداية سنتطرق إلى مقال بقلم دانيل بيرنشتيل تحت عنوان " ألإسلام ألمبكر" ثمّ سنتطرق إلى بعض جوانب بحث من إعداد نبيل فياض تحت عنوان " نصّان يهوديان حول بدايات ألإسلام ".

لا وجود لنبي إسمه محمد:

" إنارة ما يحيط ببدايات الإسلام من غموض"، ذلك هو ما ينادي به كارل هاينز أوليش في المقدمة التي دبّج بها كتابا جديدا صادرا تحت إشرافه يقول المشاركون في تحريره أنهم اعتمدوا في بحوثهم على "مصادر معاصرة" مثل نقوش قبة الصخرة ومسكوكات العملة أو مدونات كتاب مسيحيين.
الإسلام المبكر" هو الكتاب الثالث الآن من ضمن سلسلة متلاحقة الصدور في ظرف زمني وجيز، تسعى إلى نقض الأفكار المتداولة حول نشأة الإسلام، وذلك بعد كتاب "القراءة السريانية الآرامية" للوكسنبرغ ( أنظر سلسلة مقالات حول ألكتاب في موقعنا تحت عنوان " قراءة سريانية للقرآن " )، ثم المؤلف المشترك الذي يحمل عنوان "البدايات المعتمة"، وقد أشرف على إصدارهما أيضا كارل هاينس أوليش.
الكتّاب الذين أسهموا في صياغة هذا المؤلف الأخير يدافعون عن الرأي القائل بأن الإسلام قد جاء في بداياته كظاهرة هرطقة مسيحية تطورت في صفوف مسيحيين من شرق إيران ينتمون في الأصل إلى مبعدين من بلاد ما بين النهرين (من هاترا على وجه الخصوص).
وربما يكون هؤلاء قد استولوا على الحكم بعد انهيار مملكة الساسانيين في سنة 622 م، وبذلك استطاعوا أن ينقلوا تعاليم مسيحيتهم إلى دمشق والقدس (أورشليم)، حيث تم في أواخر القرن السابع (على عهد حكم عبد الملك) نقل هذه التعاليم المستجلبة من إيران من السريانية إلى خليط لغوي متكون من السريانية والآرامية والعربية.

الخلفاء الراشدون محض خيال:

هذا "القرآن" البدئي قد تم تطويره حسب هذه الرواية خلال القرن الثامن، وقد يكون خلال القرن التاسع أيضا، ولم يكن محمد في رأي أصحاب هذه الرواية إسم علَم في الأصل، بل "نعت صفة ليسوع المسيح". ولم يحدث تطور هذه التعاليم لتتحول إلى ديانة قائمة بذاتها إلا خلال القرنين الثامن والتاسع، ومعها تم تحويل نعت الصفة إلى إسم للنبي العربي.
واستنادا إلى هذه الرؤية يكون تاريخ الإسلام المبكر كما يعرف من خلال الكتابات التاريخية للقرن التاسع الميلادي مجرد إعادة تأويل للأحداث، والعديد من الخلفاء الأوائل محض ابتكار من الخيال لا يجد ما يثبت واقعيته في المخطوطات القديمة.
"إعادة الكتابة التاريخية النقدية" هذه تثير في العديد من الجوانب الانطباع بأنها استعادة لعمل التأريخ الجديد للحدث القرآني الذي ينزّله جون فانسبورو في أوائل القرن التاسع الميلادي، كما تذكّرنا بأطروحات باتريسيا كرون وميشائيل كوك، التي تفيد بأن الإسلام لم يظهر في الجزيرة العربية بل في فلسطين.
غير أن المتفق عليه في مجال العلوم الإسلامية يثبت عكس ذلك:
هنا يعتبر ما جاء في مدونات التاريخ الإسلامي مطابقا للوقائع التاريخية، ويؤكد على تاريخية وجود الشخصية المحمدية كشخص ولد سنة 570 م في الجزيرة العربية، وهناك أعلن نبوءته على إثر وحي أوحي إليه به في سنة 610، ثم اضطر على إثر الرفض الذي قوبل به من طرف أهل قبيلته قريش والملاحقات التي تعرض إليها، إلى الهجرة إلى المدينة حيث أسس النواة الأولى للدولة الإسلامية.
أما عن كونه قد تمكن من هناك وفي ظرف لا يتجاوز العشر سنوات من غزو، لا مكة فقط، بل مجمل مناطق شبه الجزيرة العربية، فذلك ما لا جدال فيه في نظر العلوم الإسلامية، مثله مثل وجود الخلفاء الأوائل (الراشدين) الذين تم في ظل حكمهم فتح بلاد الهلال الخصيب وشمال إفريقيا وإيران، وكذلك التدوين النهائي للقرآن في نسخة تحتوي على ما جمعه الخليفة الثالث عثمان من نصوص الوحي التي أنزلت على محمد.

مغالطات تحريفية:
وإليكم الآن جردا لبعض هذه الأطروحات التحريفية الأساسية.
يسوق كل من فولكر بوب في المداخلة الأولى تحت عنوان "من أوغاريت إلى سامراء" وأوليش في المداخلة الثانية بعنوان "معاينات في نشأة ديانة جديدة" الأطروحة القائلة بأن "بلاد العرب" تقع في الأصل في بلاد ما بين النهرين، وأن مصطلحي "العرب" و"عربي" كانا يطلقان في أصلهما الأولي على الآراميين. وفي زمن متأخر فقط تبنت القبائل القادمة من شبه الجزيرة هذين المصطلحين وراحت تطلقهما بمفعول رجعي على ما يعرف اليوم بالعرب وببلاد العرب (الجزيرة العربية).
لكن هذه الأطروحات تتغافل عن عدد من الوقائع التاريخية المهمة، فلم تكن الأسماء العربية بحسب معايير زمننا الحاضر(ومن بينها أسماء عدد من الآلهة) تدل فقط على وجود شعب يتكلم لسانا عربيا في هاترا خلال القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد، بل على وجود قبائل عربية (بمفهومنا الحالي) من بين قبائل البدو الرحل في الصحراء السورية، قبائل كان الأشوريون يطلقون عليها أسماء عريبي، وعرابايا وما شابهها من الأسماء، وذلك منذ القرن التاسع قبل الميلاد.
هذا المصطلح التسموي كان يطلق أيضا على قبائل رحل من تلك التي كانت تقيم وتتنقل فوق الأراضي الإيرانية، مع أنها لم تكن تنتمي إلى العرق السامي، مما يجعل المرء يستنتج بأن هذا المصطلح يطلق على كل الرحل دون أية إحالة على أصولهم الأثنية واللغوية.
إلا أن الجذر السامي للعبارة (عرب) كان يطلق خاصة في جنوب الجزيرة ومنذ القرن الثاني قبل الميلاد على قبائل قادمة من شبه الجزيرة، بما يفيد بأن مصطلح "العرب" لم يطلق ابتداء من القرن السابع أو الثامن ميلادي فقط، على ما يعرف بالعرب لدينا اليوم.

القراءة المقلوبة:

على نفس الأديم من الأسس الواهية يقف واحد من البراهين الأساسية في أطروحة بوب المتقوّلة بوجود حركة مسيحية ألفانية في مرو، يضع الكاتب على أساسها أسطورة الشخصية البهلوية التي يذكرها على طريقته الخاصة بـ"APD’LMLIK-i-MARWânân" وذلك انطلاقا من نقش على مسكوكات نقدية ظل يُقرأ إلى حد الآن بإسم عبد الملك بن مروان، الذي يطابق إسم الخليفة الأموي المعروف، والذي يقرؤه بوب على نحو مغاير بـ"عبد الملك من أهل مرو"، وبالتالي يكون هذا دليلا بالنسبة إليه على أن مرو من أحد المراكز التي كانت مستقرا لواحدة من فرق المعتقد المسيحي القديم المبعدة من بلاد ما بين النهرين.
تعتبر قراءة "i- MRWânân" على أنها "من أهل مرو" لاغية وغير ممكنة ذلك أن اللاحقة اللغوية "أن"(ân) في اللغة الفارسية للعصر الوسيط لا تستعمل للتدليل على النَّسَب. وبالتالي فإن القراءة التي تثبت إسم "إبن مروان" ليست ممكنة فحسب، بل هي المسلك الوحيد الذي يقود إلى إثبات النسبة البهلوية.
وإضافة إلى ذلك فإنه سيكون على المرء أن يتساءل عن الدافع الذي يمكن أن يجعل امرئا يلجأ إلى إسم موطنه لإثبات نسبته، وكيف كان من الممكن لظاهرة "هرطقة" مسيحية أن تتواجد هناك دون أن تجلب الانتباه إليها؟ ألم تكن مرو، ومنذ القرن الرابع الميلادي، مقرّا لأسقف الكنيسة الحواريّة المشرقية، الذي ظل يُجمَع خطأ على اعتباره نسطوريا!
معنى أمير المؤمنين:

كما أنه لا يسع المرء إلا أن يتساءل عما جعل بوب ينتهي إلى القناعة بأن لقب "أمير المؤمنين" لا يعني حاكم المؤمنين وقائدهم، بل "وكيلا مولّى على كل المسؤولين عن الأمن" يرى فيه نوعا من الوالي.
إن المعادل في اللغة الفارسية الوسيطة للعبارة المنقوشة على المسكوكة العربية الساسانية كما يرد لدى كارل بوب هي: "AMÎ-;-R-i-Wurroyishnikân"، والحال أن عبارة " Wurroyishnikân" لا يمكن أن تعني سوى "مؤمن"، وهي مشتقة من "Wurroyishn" التي تعني "الإيمان"، وهو مصطلح يرد كثيرا في نصوص الديانة الزرادشتية، ويعتقد بوب أنه يعثر بكثرة على التصور الذي يقابله في القرآن وفي الديانة الإسلامية عامة، و يثبت ذلك بصفة خاصة في الفصل السابع من الكتاب تحت عنوان "تأثيرات الخلفية الدينية الفارسية في التصورات القرآنية".

في ألمقالة ألقادمة سنتناول بقية مقال دانيل بيرنشتيل.

ألمصادر:

- الإسلام المبكر"، دار نشر شيلر برلين 2007 - مقالة بقلم دانيل بيرنشتيل - ترجمة علي مصباح.
- نصان يهوديان حول بدايات ألإسلام - إعداد نبيل فياض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هنالك فوق الرفوف العتيقة
نور الحرية ( 2016 / 2 / 2 - 15:47 )
موضوع هام جدا هذا الذي يتعلق ببدايات ما يسمى الاسلام وانا على يقين ان دهاليس اقبية القبط والسريان والفرس تحوي الكثير من ذخائر المخطوطات التي تتناول بدايات الاسلام فهم امم باعتقادي كتبة ومؤرخين جيدين ولو اني على علم ايضا بأن المسلمين مادخلوا بلدا الا وكانت مكتباتها وقودا وحطبا وهدفا اوليا لهم


2 - انت رائع
على سالم ( 2016 / 2 / 3 - 05:49 )
انت اكيد رائع يا عزيزى ,انت تكشف الحقيقه المسكوت عنها , نحن الضحايا لهؤلاء المجرمون البدو المتوحشين , الواجب لعن المنكوبه السعوديه كل يوم , الواجب تعريه السعوديه وكشفها امام العالم اجمع , الاسلام ديانه الشيطان الرجيم ويجب الخلاص منه


3 - تعليق السيد سعد سالم علي
كامل علي ( 2016 / 2 / 3 - 12:54 )
شكرا للرابط وسأحاول إبداء رأيي في ألكتاب بعد قراءته
ارجو إرسال عنوان بريدك ألالكتروني إلى
[email protected]
تحياتي


4 - تعليق السيد نور ألحرية
كامل علي ( 2016 / 2 / 3 - 13:09 )
شكرا لإغنائك ألموضوع
الوثائق والعملات القديمة والكتابات على ألأبنية القديمة والحفريات للعثور على الآثار من وسائل التثبت لحقيقة ماجرى قبل ما يزيد على 1400 سنة ولكن مع الأسف فالغزاة دائما يتلفون الكثير منها كما حدث لمكتبة الإسكندرية أثناء إحتلال مصر من قبل ألمسلمين وكما ورد في التراث الإسلامي
تحياتي


5 - تعليق السيد علي سالم
كامل علي ( 2016 / 2 / 3 - 13:21 )
شكرا لإغنائك ألموضوع
حقا ما قلت فالمملكة العربية السعودية مصدر مهم من مصادر الفتن والنزاعات في العالم فهم يستخدمون اموال البترول في تصدير التطرف الديني بموجب مبادئهم السلفية والوهابية وهم حجر عثرة وسد منيع امام إجراء الحفريات والتنقيبات في الجزيرة العربية للعثور على أدلة وآثار تنير ما غمض من تاريخ الفترة المعتمة من تاريخ ألدين الإسلامي
تحياتي


6 - لا تربط علم التاريخ بالروايه الفارسيه
ال طلال صمد ( 2016 / 2 / 3 - 18:06 )
الاخ الكريم - تحيه طيبه
لا صله ولا علاقه بين علم التاريخ للقرن السابع الميلادي والروايه التي كتبها المجرمون الفرس مزوروا التاريخ مثا بخاري وطبري في القرن التاسع الميلادي

ارجو ان تطلعني على دليل او اثر يعود الى القرن السابع الميلادي والى صحاري مكه الحاليه ومكتوب عليه ما يلي

خليفه المسلمون معاويه ابن ابي سفيان
و خليفه المسلمون عبدالملك ابن مروان

وشكرا - اسلم لاخيك
ال طلال صمد


7 - تعليق ألأخ آل طلال صمد
كامل علي ( 2016 / 2 / 4 - 08:21 )
أشاطرك ألرأي بانّ ليست كل ما ورد في كتابات ألبخاري وألطبري حقائق دامغة ولكن إذا كان معاوية بن أبي سفيان وعبدألملك بن مروان غير مسلمين هل هما مسيحيان؟ وهل دين ألدولة ألأموية كان ألمسيحية؟
ألآثار كجامع ألأموي في دمشق والجوامع في ألأندلس تثبت بأنّ حكام ألدولة ألأموية كانوا مسلمين
إذا كان محمد شخصية وهمية كما تعتقد وهذا واضح من مقالاتك فقل لي من هو مؤلف أو مؤلفوا ألقرآن؟
تحياتي


8 - اسمح لي ان اجاوب
سيد غريب ( 2016 / 2 / 5 - 04:26 )
بدات الديانه الاسلامية نصرانية تختلف مع المسيحية انها تعبر المسيح ليس ابن الله انما هو نبي حاله حال بقية الانبياء لذلك وجد في المسكوكه الاولى رمز الصليب وكتب المحمد رسول الله وهي نعت للمسيح.
وكتطور لاي حركة سياسية تحتاج الى فكرة دينية متكاملة تستطيع من خلالها احتلال مناطق جديدة باسم دين جديد كتب الدين الاسلامي من مخيلة الكتبة انذاك واعتقد كانوا يتمتعون بخيال واسع كما كتبوا الف ليلة وليلة وكليلة ودمنه.
شكرا لك سيدي موضوع جميل
اعتذر من السيد ال طلال لاني مقبس الفكرة منك ورغبت بالاجابة
تحياتي للجميع.

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah