الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن والإعجاز العلمي

جعفر المظفر

2016 / 2 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


القرآن والإعجاز العلمي
جعفر المظفر
يخرج علينا البعض من رجال الدين معلنا أن كل شيء موجود في القرآن ومن ضمنها تفسيرالظواهر الطبيعية ويأتونا بمثال حول ظاهرة البرزخ بين الماء المالح والحلو (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) إضافة إلى الإكتشافات العلمية ومنها غزو الفضاء الذي يقولون أن الله قد اشار إليه بالآية التي تقول (إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان).
هؤلاء يضعون القرآن في الزاوية التي يسهل من خلالها تشريحه ونقده, بدلا من أن يكتفوا بما جاء من أجله, حيث الغاية كانت وضع نصوص أخلاقية عامة كباقي الأديان, وأخرى تشريعية خاصة بمكانها وزمانها. ولا أجد أن قضية الخصوصية الزمانية والمكانية في القرآن تشكل نقطة ضعف, إلا إذا أريد لها ان تكون قوانين خالدة ومطلقة, لأنها ستناقض مع أحكام التطور ومقتضياته.
ومن الحق التساؤل: إذا كان كل شيء موجود في القرآن ألم يكن عدلا أن توكل للمسلمين مهمة الإتيان بالإكتشافات العلمية العظيمة التي تكفلت بنقل العالم إلى مستويات عالية من التقدم على كل الأصعدة, فذلك كان سيسهل عملية أسلمة الأقوام البشرية جميعها وإنقاذهم من عذابات الجحيم وعذاب القبر ولدغات الإفعى الصلعاء, وأيضا لكي تتنزه الذات الإلهية من فكرة أنها تغافلت عن إنقاذ المليارات من البشر وسهلت وصولهم إلى الجحيم.
إن كل الإكتشافات العلمية, الطبية والهندسية والألكترونية وما يخص علوم الفضاء وأعماق البحار هي من إنجازات الغرب الكافر الذي أقصى ما يبلغ مديحنا لأهله إعتبارهم أهل كتاب مشمولين بأحكام الجزية.
ترى لماذا لم يحتوي القرآن, إن صح إعجازه العلمي, على وصفات لشفاء الأمراض في حين سمح لـ (كتابي ضال) مثل الكسندر فلمنج أن يكتشف البنسلين الذي أنقذ ارواح مئات الملايين من البشر. ومن يا ترى يتحمل موت الملايين قبل إكتشاف ذلك الدواء السحري. ألم يكن حريا بالقرآن العلمي الفيزياوي الكيمياوي الطبي أن يكون واضحا ودالا بما فيه الكفاية لكي ينقذ تعساء الحظ الذين ماتوا قبل فلمنج.
الطبيب الأنجليزي أدوارد جينر هو أيضا قام بأفضل دور في إنقاذ البشريه بعد إكتشافه لمصل التلقيح ضد الجدري الذي كان قد تسبب بموت مئات الملايين أو جعلهم عميانا ومشوهي الوجوه. والمعروف ان الجدري كان قد تسبب في القرن العشرين وحده بموت اضعاف قتلى الحرب العالمية الثانية.
القائمة طويلة وهي تحتوي على مئات العلماء الأكفاء الذين نقلوا البشرية إلى مستويات مشهودة من التطور وفيهم مخترع الطائرة والسيارة والتلفون وسفينة الفضاء. حتى مع الأسلحة فقد توقفت إنجازات المسلمين عند حدود السيوف والرماح والنبال الذين لم يكونوا مكتشفيها الأصليين. أما أطباء الفترة الإسلامية الذهبية في العصر العباسي مثل إبن سينا وإبن الهيثم فلا أظن أنهم وصلوا إلى إكتشافاتهم تلك من خلال تحليلهم للنصوص القرآنية وإنما من خلال ملكية بحثية خاصة لا علاقة لها بالدين عامة ولا بالقرآن خاصة, وإنما جاءت معهم هذه الملكية قبل إسلامهم متأثرين بموروثاتهم الحضارية وملكياتهم الإبداعية الخاصة, ولعلهم ما كانوا تمكنوا على تلك الإكتشافات لو لم تكن الخلافة العباسية في بعض مراحلها قد تركت التعنت الديني وإلتزمت نهجا أقرب للعلمانية, وإلا لكان ممكنا أن يروح أصحابها ضحية للقول (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار). ويا جهل جماعة تحول البدعة, المشتقة من البديع والإبداع والمبدع, إلى ضلالة عقابها النار.
كل الأديان الأخرى وكتبها المقدسة هي كتب أخلاقيات وطرق تعاملات وعبادة ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بالإكتشافات العلمية, بل لعل الإكتشافات العلمية جميعها قد جاء بها علمانيون لا يؤمن البعض منهم حتى بوجود الذات الإلهية وقد حوربوا من قبل كهنة الدين على أنهم سحرة ومهرطقين وعوقب البعض منهم بالحرق وقطع الرأس.
لكن بعض المسلمين يتفوقون على أصحاب جميع تلك الديانات بالطريقة التي سيري عليها المثل الذي يقول (جاء ليكحلها عماها), إذ بعد إصرار على تعارض القرآن مع كثير من الحقائق العلمية كفكرة الأرض الكروية, ووقوف بعضهم ضد إنجازات علمية مثل التلفون الذي اصر علماء المملكة السعودية على رفضه بحجة أن الشيطان هو الذي يتكلم من خلاله, وتفسير الجبال بالرواسي التي خلقها الله لتثبيت الأرض حتى لا تقع أو تهيم في الفضاء من حولها, او تفسير النجوم كونها راجمات للشياطين, بعد كل ذلك وغيره الذي جعل أهل الدين القرآن نقيضا للعلم يأتي هؤلاء لكي يحولوه من كتاب أخلاقيات وشريعة وعبادات إلى كتاب للإنجازات العلمية, فنراهم بذلك وقد إنتقلوا من النقيض إلى النقيض حتى بدون إستراحة بين النقيضين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحيات وتقديرات قلبية حارة
ملحد ( 2016 / 2 / 2 - 12:45 )
شكرا اخي جعفر على هذا المقال العلمي
تعليقي الوحيد: انت تخاطب امواتا وليس احياءا.....

تحيات وتقديرات قلبية حارة


2 - من شو بيشكي...بول البعير
ماجدة منصور ( 2016 / 2 / 2 - 18:37 )
من شو بيشكي بول البعير!!!! ما فيك تءول إنوَ مانو إختراع اسلامي!!!0
والإكتشافات العلمية الإسلامية...قادمة..قادمة و لنا في مشايخ الجنس و الحيض،،أسوة حسنة.0
الله وكيلك يا أستاذ...شي بيحط العقل بالكف
هل نجرؤ على الحلم!!! لقد حلمت أن هناك مركبة اسلامية فضائية قد حطت على سطح أورانوس وقد انطلقت من قاعدتها المتمركزة في الصحراء العربية.0
لا تصدقوني...فقد كان هذا حلما...حلما فقط
احترامي


3 - الملحدون هم من اناروا العالم
ملحد ( 2016 / 2 / 2 - 19:02 )
اقتباس: ( ....بل لعل الإكتشافات العلمية جميعها قد جاء بها علمانيون لا يؤمن البعض منهم حتى بوجود الذات الإلهية .....)
تعقيب:
الملحدون هم من اناروا العالم
قائمة طويلة جدا جدا باسماء العلماء والمخترعون والمبتكرون الملحدون

https://en.wikipedia.org/wiki/List_of_atheists_in_science_and_technology

تحيات وشكر للكاتب


4 - تعليق
ايدن حسين ( 2016 / 2 / 2 - 19:16 )

تحية استاذ مظفر

كتاب كتبه اينشتين او نيوتن او اي انسان .. قد لا يكون من المهم اثبات انه مكتوب من قبل ذلك الشخص
لكن كتاب الهي .. يجب ان يحتوي اشياء تنم على انها ليست من مؤلفات البشر
المعجزات العلمية في القران .. هي فقط لاثبات ان القرام مؤلف من قبل الله
و ليست هذه المعجزات لكي نخترع الهاتف الخلوي او الكومبيوتر الخ

و تقبل سلامي
..


5 - العجز
جابر بن حيان ( 2016 / 2 / 2 - 21:59 )
اذا كان القران من تاليف الله فهو غبي واذا كان من تاليف بشر فهو مجرد دجال اما عن الاعجاز العلمي فيه فمن الاحسن ان يقال عنه العجز العلمي


6 - ايدن حسين
ملحد ( 2016 / 2 / 3 - 11:20 )

على حد علمي لا يوجد شئ اسمه ( القرام )!!!


7 - كفانا هذا التبجح في الدين ؟
د.عبد الجبار العبيدي ( 2016 / 2 / 3 - 18:01 )
لا شك ان القرآن عرض وجهة نظرجديدةالى الوجود والمعرفة والتشريع والاخلاق والجمال والاقتصاد والتاريخ،آخذا بعين الاعتبار شمولية الاسلام التي جاءت من حنيفيته بالتشابه والحدود..
نعم ان قانون تغير الصيرورة(التطور)حيث تكمن عقيدة التوحيد وقانون تغير الاشياء،بحيث توصل بعض العلماء الدينيين الى وضع منهج جديد في اصول التشريع والنظرة للقرآن من حيث هو كتاب عقيدة وهداية وليس كتابا في النظريات العلمية ،لكن ما طرحه الاسلام وابتعدت عنه المؤسسة الدينية هو :ان القرآن هداية وعقيدة قائم على البينات المادية،لذا قال نهج البلاغة الحجة بالدليل.فأين ادلتهم التي عرضوها مع العلماء ليصفواان المخترعات من افكارهم التي قرأوها في القرآن ؟
ان احسن ما جاء في القرآن:ان حرية التعبيرعن الرأي وحرية الاختيار،هما اساس الحياة الانسانية في الاسلام .
لكن مع الاسف حتى هذا التوجه ابدلوه بالسيف ودكتاتورية السلطة في الدين.فليصمتوا الى الابد ولتبقى اليابان والصين وهما بلا دين افضل منهم في العالمين .


8 - مقال جيد
عاقل مفكر ( 2016 / 7 / 4 - 14:47 )
مقال حيد
عاشت الايادي دكتور

اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت




.. 78-Al-Aanaam


.. نشر خريطة تظهر أهداف محتملة في إيران قد تضربها إسرائيل بينها




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف الكريوت شمال