الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعوذة إقتصادية (2)

موسى راكان موسى

2016 / 2 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع




(( حين الحديث عن الإقتصاد ، فنحن لا نتحدث عن الشيطان أو الله )) ــ هم كثير من لن يجد مانعا من الإقرار بذلك ، إلا أن معظمهم إن لم يكن كلهم ، يتعاطون بالإقتصاد كما لو أنهم يتحدثون عن مطلق شرير و مطلق خيّر ؛ و بما أن الإقتصاد من الأمور الدنيوية في نظر المثاليات [ بشكل عام ] ، فنزعة شيطنة الإقتصاد هي التي تسود ، في المقابل هناك طرف مُستضعف ، لكنه رغم ضعفه إلا أنه مطلق الخير .

نأتي في هذا الجزء لتناول { بارانوئية الإقتصاد } ؛ فما الذي تعنيه { بارانوئية الإقتصاد } ؟! .
البارانوئية هنا نعني بها فهما مبنيا على وجود ثلاث ركائز مترابطة :
1. الطرف الشرير ؛ و هو مطلق القدرة .
2. الطرف المُستضعف ؛ و هو مطلق الخير .
3. الإقتصاد ؛ و هو يمثل دور الأداة و العجينة ، للطرف الشرير ــ بالكاد ينازعه عليها سيزيف الخير [ المهدي الذي ينتظره الفقراء و الضعفاء ] ! .

هذا الطرف الشرير قد يكون ( اليهود ) ، أو ( عائلة روتشيلد ) ، أو ( الماسونية ) ، أو ( أصحاب القرار و السلطة في أمريكا ) ، أو خليط منهم جميعا ، أو شيء آخر [ هناك من يعتقد أن هذا الطرف هي السعودية ! ] ــ أما الطرف المُستضعف ؛ فهو البارانوئي صاحب هذا الفهم ، بغض النظر عن الإنتماء الذي يعتقد الإنتساب إليه [ يساري ، إسلامي ، ... إلخ ] .

أما حديث البارانوئي عن الإقتصاد ، فيختزله في معنى واحد : كن فيكون ! ــ كما لو أن الإقتصاد ليس إلا أداة سحرية تُستخدم بشكل مطلق دون أي قيود ، أو عجينة تُعجن لتكون في أي هيئة يقررها الخالق المطلق ! .

* لا نحتاج لكثير من يقظة الوعي لإدراك مدى بؤس هذا الفهم ، لكننا نحتاجه لتحديد ملامح هذا الفهم في التحاليل و التفاسير التي يتم تقديمها ــ طرف شرير و طرف مُستضعف و إقتصاد كن فيكون ؛ فإلى جانب عقائدية كامنة في هذا الفهم ، فهو فهم مشوه للإقتصاد .

الإقتصاد و قوانينه ليست شيء يتم التحكم به من قبل أحدهم ، كما لو كان إلها مطلقا ــ فالإقتصاد في النهاية ليس منفصلا عن الكل الإجتماعي ، فالكل الإجتماعي منخرط فيه بطريقة أو بأخرى ؛ إنتاجيا أو طفيليا .

ليس بمُستبعد الإتهام بالتسويق لما يُسمى علم الإقتصاد البرجوازي ، بسبب تسليط الضوء على هذه البارانوئية ؛ إذ أن الطرح يبدو كما لو أنه يُحيّد الإقتصاد في الكل الإجتماعي ــ هذا صحيح نوعا ما ، الإقتصاد نفسه محايد ، كما أن تلك الشجرة التي يستظل بها البعض محايدة بذاتها ؛ لكن هذا الإقتصاد البناء القائم إرتباطا بالكل الإجتماعي تعتمل فيه أطراف ، صحيح أنها تنزع للصراع بحكم نزعتها للقوة ، لكنها تنزع إليه ضمن { الإقتصاد البناء القائم إرتباطا بالكل الإجتماعي } ، و ليس من خارجه : على عكس البارانوئية التي يكون فيها كِلا الطرفين [ الشرير و المُستضعف ] خارج { الإقتصاد البناء القائم إرتباطا بالكل الإجتماعي } .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح