الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحرر الحقيقي 1: تجربة الرجل الأسود

سندس القيسي

2016 / 2 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


التحرر الحقيقي 1: تجربة الرجل الأسود

لعل السود من أكثر أجناس الأرض عرضة للتمييز العنصري تاريخيًا وتقليديًا، فهل هناك أكثر من استعبادهم كبشر؟ وجعلهم أقل حتى من خدم لا يستطيعون أن يغيروا ولا أن يقرروا شيئًا من واقعهم؟ لكن كيف تعايش السود مع هكذا معاناة وكيف استطاعوا مواجهة المأساة؟ لعلنا لا نستبعد تفوق السود في مجال الغناء وربما الرقص، لأن هاتين كانتا الوسيلتين الوحيدتين للتعبير عن أنفسهم واللتين كانتا تصبرهما على القهر والظلم الذي ما بعده ظلم.

وقد استقر السود على لقب وصفهم بالسود عوضًا عن الأفارقة، وهذه هي التسمية المفضلة لديهم لأنها تشمل الإرث الكاريبي وليس الإفريقي فقط وهي تدل على الرجل الأسود في مقابل الرجل الأبيض. وخرج السود بشعارات تدل على حب الذات والقبول بها ألا وهي الأسود جميل أو السوداء جميلة. ولا يحبذون لقب إفريقي وبالتأكيد لن يسكتوا إذا لقبهم أحد بالزنجي، فهذا مصطلح خاطىء واستعبادي. وفي أمريكا، يدل الوصف؛ أسود على الرجل الإفريقي المرتبط بتاريخ العبودية الممنهجة، وهو في ذلك لا يريد أن ينسى ما حصل معه ويريد أن يتذكر ما فعلت به العبودية إلى الأبد. ولهذا لن يتسامح ربما مع أي من أشكال العنصرية. وقد فضل السود أن لا يدخلوا معهم أحد غير أسود في نضالهم، لأنهم لا يحتاجون لمن يناضل معهم. وربما كان ذلك لأنهم لا يريدون المساومة على حقوقهم لا خارجيًا ولا داخليًّا.

أما نضالهم فكان طويلاً ضد العنصرية، التي كانت تأتي غالبًا من الرجل الأبيض، الذي نشط تجارة النخاسة منذ القرن الخامس عشر، وقد استلبهم أسماء عائلاتهم الحقيقة ونسبهم إليه في محاولة لطمس هويتهم قسريًا ونهائيًّا تقتضي حتى بفرض ديانة الرجل الأبيض عليهم. بل إن الرجل الأبيض قد فعل أكثر من هذا، حين كان يجلب الآلاف المؤلفة من العبيد من إفريقيا، ومن مناطق مختلفة، عبر المحيط الأطلسي إلى الأمريكتَين وأوروبا، ويربطهم بالسلاسل الحديد، حتى عندما يغرقون في عمق البحار، يظلون مدفونين على سطح رماله المبللة. ثم كان يرميهم في الأميركيتين تاركًا بعضهم خلفه في مستعمراته في أمريكا الوسطى، للعمل في حقول قصب السكر، وبهذا يقطعهم كليًّا عن أصلهم وفصلهم وبلادهم التي جاءوا منها ويتركهم تائهين بلا هوية وبلا عنوان وبلا تاريخ.

وتعد دولة مثل جامايكا، والتي هي دولة كومنولث وتخضع للتاج البريطاني مثالاً على ذلك. وليس من المبالغة القول أن الجامايكيين ما زالوا غاضبين لأن الرجل الأبيض أضاع هويتهم و تاريخهم. وهذا أمر طبيعي خاصة إذا عرفنا أن الرجل الأبيض يبحث عن هويته ونفسه وينقب عنها في كل أنحاء العالم. وهو إذ يفعل ذلك يحلل أن تكون عنده هوية واضحة لنفسه ويحرمها على غيره. ولهذا لا يجوز التهاون بموضوع الهوية إطلاقًا. وهناك دول تابعة لفرنسا في أمريكا الوسطى مثل جمهورية الدومينيك. ورغم أن دولًا أوروبية وأمريكية ألغت قوانين العبودية في القرون التالية؛ السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر، فإنها لم تكن كافية لإلغاء العنصرية ولم تجترع فكرة المساواة مع الرجل الأسود. وهناك حركات داخل المجتمع الأسود تقتضي بالبحث عن ديانات الأجداد والتخلي عن ديانة الرجل الأبيض. ومن هذه الديانات الإفريقية؛ عبادة أرواح الأجداد والدين الجديد النوابي والذي يرتبط بتاريخ الفراعنة. والنوابيون يعتبرون أنفسهم من سلالات الفراعنة وعندهم شيء من الغضب تجاه الجميع.

وإلى المزيد في المقالة المقبلة علمًا بأني أحاول جعل مقالاتي قصيرة نسبيًا لكي تقرأ من الأول إلى الآخر ولأني لا أحبذ المقالات الطويلة ولا اللغة الصعبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأردن في مرمى تهديدات إيران وحماس والإخوان | #التاسعة


.. د. جمال شقرة أستاذ التاريخ المعاصر والحديث:كانت هناك مقترحات




.. الأردن في مواجهة الخطر الإيراني الذي يهدد سيادته عبر-الإخوان


.. مخططات إيرانية لتهريب السلاح إلى تنظيم الإخوان في الأردن| #ا




.. 138-Al-Baqarah