الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحضارة ليست ناطحات سحاب في دول إنسانها متخلف

كمال آيت بن يوبا
كاتب

(Kamal Ait Ben Yuba)

2016 / 2 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثيرون في شمال إفريقيا و الشرق الأوسط لا يتحدثون بالهوية الأكبر التي هي الانسانية .إنهم يركنون للهوية الطائفية. ثم يكتبون و يتحدثون عبر وسا ئل الإعلام عن شيء إسمه "الحضارة التي كانت لأجدادهم" حسب ما يدعون (لأنهم ليسوا أجدادهم في الواقع ). يقولون لقد أصابها فيما بعد الإنحطاط و الوهن في نظرهم .و هم هنا إنما يقصدون في الواقع إندحار الأمبراطوية التي شيدها يعض القدماء على بحر من الدماء و الغزو والسطو على أراضي الغير و ممتلكاته و ينسبونها لأنفسهم . و حين يريدون الإستدلال على هذه "الحضارة" يذكرون لك فن البناء القديم والتشييد و القصور و غير ذلك من الهياكل الصخرية رغم أن الذين قاموا ببناء تلك المعالم لا ينتمون للهوية التي قصدوها .
الإنسان حين يعلم بشيء ما لا يبقى جاهلا له .فهو ينتقل من حالة الجهل لحالة العلم .
و كذلك الحضارة يا إما أن تكون أو لا تكون .إنها مثل أن تنتقل من حالة الطفولة لحالة الرشد .لا يمكن للراشد العودة للطفولة أبدا. يا إما أنك وصلت لمرحلة الحضارة أو لم تصل .ليس هناك وصول ثم نكوص أبدا .و إلا فإن الذي سميته "حضارة" هو في الحقيقة غير ذلك .الحضارة تتبع التطور العام البيولوجي والفيزيائي و بكلمة واحدة الكوني.
إن كلمة حضارة أطلقها رجل فرنسي في القرن 18 لا يهم إسمه و لكن يهم معناها .تعني قيم الإنسان الحر(المواطن) الذي تكون له نفس الحقوق والإمتيازات و لو في دولة أجنبية أو من دولة أجنبية في دولة الحضارة .تعني أيضا مجموع المعارف و التقاليد العملية والنافعة و الأفكار التي تعم منطقة أو دولة ما .و قد يقول قائل أن اليونان هم السباقين لهذا المفهوم حيث حددوا مفهوم المدينة cité (با فرنسية) أي الاسم الذي إنبثقت منه هذه كلمة (حضارة) civilisation.و هذا صحيح .لكن ليس بنفس المفهوم.
الحضارة لا تهمش الأفراد و تعترف فقط بالجماعات . الحضارة لا تعترف بالطبقات .تعني أن ناسا أحرارا يعتبرون ناس العالم أحرارا و إخوة و ليسوا أعداء .ومعناه أن العبيد و الخائفين دائما الهاربين من العدالة لا يمكنهم أن يؤسسوا للحرية المقصودة في كلمة حضارة.
فهل حضارة القصور والعمران التي يتباهى بها المتباكون على الامبراطورية العثمانية تسمى بهذا المفهوم حضارة ؟
بنوا القصور والعمران على أنقاض الإنسان بالسيف والقمع و الاستبداد و نسوا الإنسان .مثلما لا يزال من يتباكى على صدام حسين و يقول "والله العراق أيام صدام حسين كان أفضل" .صدام و فدائييه وعائلته وأمثاله صورة لأولئك الذين شيدوا الامبراطورية على الإرهاب والدماء و إحتقار حقوق الانسان .بنوا حكم الأقلية و نسوا الدولة والمؤسسات والتشارك في نفس الوطن .نسوا أن السيادة العامة للشعب هي سيكما x∆-;- ∑-;- يعني مجموع تلك السيادات الصغيرة التي هي لكل مواطن حر في بلده بالقانون..نسوا أن كل شيء لا يمكن فرضه و إنما يقتضي لتحقيقة الحصول على OK. بنوا عوالمهم بالارهاب و الخوف وتمتعوا كأقلية ونسوا الأغلبية أي الانسان في معناه العام .نسوا التاريخ فدخلوا مزبلته من بابها الواسع كما سيدخلونه الذين هم في لائحة الإنتظار.
الإنسان هو الذي كان يجب بناؤه للانتقال لصف الحضارة .لأن الإنسان هو المستهدف بالحضارة .
هذا ما فعله إنسان أمريكا و غيره منذ إكتشافها قبل 6 قرون فقط و ليس منذ 14 قرنا و لا 20 .
إن الذين يذكرون 14 قرنا و يتباهون بها اليوم يتجاهلون أن أولئك الذين قرأوا عنهم أنهم حكموا هذه البلاد و هذه البلاد لم يكونوا يعرفوا كيف يؤسسون الحضارة الفعلية .لأنهم لو أسسوها ما كنا في حاجة لكتابة مقال كهذا عن عدم وجودها.
قد تبنى عمارات و ناطحات سحاب و مؤسسات غاية في التعقيد .لكن إذا كان من سيدخلها ويستعملها أو بنيت لأجله متخلفا عقليا عن العصر، فهل يكون هناك إنسجام بين الأمرين ؟
حتما سيدمرها كلما سنحت له الفرصة بذلك ولو بعد حين.و تدمير سوريا و العراق و اليمن و ليبيا و الصومال هي أمثلة حية على هذا .إنها أمثلة الإعتماد على منطق القوة و ليس على قوة العقل .و منطق القوة يعني أنهم لا يزالون في مرحلة الغريزة والحيوانية و لم يرتقوا بعد لصف الإنسان الذي ليس بعيدا عنهم في قارات أخرى .إنسان العقل والحضارة الفعلية.الحضارة تبدأ حين يتم فصل الدين عن السلطة . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
ايدن حسين ( 2016 / 2 / 6 - 07:10 )

يجب ان تكون الدولة و الوطن في خدمة المواطن .. و ليس العكس
الانسان اهم من الدولة .. الانسان اهم حتى من الكتب السماوية .. لان الكتب السماوية هي لخدمة الانسان و ليس العكس
مع الاسف القليل من البشر يفهمون هذا
..

اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية.. الكلمة الفصل للميدان | 202


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية: تماسك في الميدان في مواجهة




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مدينة صفد ال


.. تغطية خاصة | عمليات المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال مستمرة |




.. 80-Al-Aanaam