الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدّينُ للهِ والوطنُ للجميع

سيف الدّين بنزيد

2016 / 2 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الدّينُ للهِ والوطنُ للجميع
سيف الدّين بنزيد، أكاديميّ تونسيّ

يخلِط الكثيرُ من الناس بين ثلاثةِ مُصطلحاتٍ هي العَلمانية (بالفتح) sécularisation والعِلمانية (بالكسر) scientisme واللائكيّة laïcité ويُحمّلونها مَعانيَ غريبة يصُبّ جلّها في الانسلاخ عن الدّين... وهذا راجعٌ إلى جهلهم بهذه المصطلحاتِ! أوّلا العَلمانيّة كلمة ذات أصل لاتينيّ (sécular) وتعني الفصل بين الدّينيّ المقدّس والعالَم الدنيويّ، ثانيا العِلمانية تيّارٌ ظهر سنة 1911 يقوم على حلّ المشاكل الذهنيّة بواسطة العِلم يعرّفها جون فيول بكونها "الاعتقاد في القدرة الفائقة للعلم الوضعيّ حتى في المجال الدينيّ"، وبفضل العِلمانيّة دخل الكثيرُ من علماء الغرب إلى الإسلام بعد أن ثبُتت لهم دلائل الإعجاز العلميّ في القرآن، ثالثا اللائكيّة وهي الفصل بين الدّين والدّولة، يعرّفها برتراند روسل بأنها تعني القانون الذي"يُريد به أن يكون كل إنسان سيّدَ نفسه" كما الحال في تركيا وفرنسا... وتضمن اللائكيّة حريّة المعتقد وممارسة الشعائر الدينيّة. ويُقرّ الفصل الأوّل من دستورنا بأن بلادنا عَلمانيّة وليست لائكيّة فهي "دولة حرّة ...الإسلامُ دينها"، وهكذا لم تفصل تونس بين الدّولة والدين وإنّما فصلت بين الدّين والسياسة أي بين المقدّس والدنيويّ. ولئن كان الإسلامُ دين الأغلبيّة فإنّ المقوّمَ الأساسيّ والوحيدَ لهُويتنا التونسيّة هو ثقافتنا المشتركة ذات الأصول البربريّة والقرطاجيّة والعربيّة... وقد مكّنتنا هذه الثقافة من هضم الحضاراتِ المتعاقبةِ واحترام الأقليّاتِ (على مستوى الدين والمذهب والعِرق) والتعايش مع بعضنا البعض تحت خيمة واحدة مع العلم أنّ البلاد كانت تشهد في كلّ مرحلة تاريخيّة صِدامات سرعان ما تتحوّل إلى اندماج. ولعلّ الإقصاء الوحيد قد حصل في العهد الفاطميّ بفرار الشيعة إلى القاهرة (سمّيت بذلك لقهر الدولة العبّاسيّة). ويعود سببُ هذا الإقصاءِ إلى رفض التونسيّين اعتمادَ الفاطميين الدّين ذريعة للحكم!
لهذا أرى أنّه من الخطأ توظيف الدّين سياسيّا لأنّ في ذلك توظيفا للمقدّس من أجل مصلحة جماعة ضدّ أخرى وهو ما أطلق عليه محمّد عابد الجابري "التعالي بالسياسة" أو "تسييس المتعالي". ومن مخاطر الإيديولوجيا الدّينية حثّ النّاس على الاحتماء بالخطاب الدينيّ كحلّ لانتشالهم من القمع السياسيّ والاضطهاد والحالُ أنّ الإيديولوجيا متغيّرة بتغيّر الوضعيّات الاجتماعيّة وأنّ الدّين "خطاب في المطلق لا يتقيّد بزمان ولا مكان".
وفي الختام، ومن باب تجنّب أقسى أنواع الدكتاتوريّات ينبغي أن نضع دائما نصب أعيننا مقولة القائد التّاريخيّ صلاح الدّين الأيّوبي "الدّين لله والوطن للجميع".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah