الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم

جعفر المظفر

2016 / 2 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم
جعفر المظفر
وكيل الأزهر الشيخ عباس شومان يبحث مع شيوخ من بورما في قضية إضطهاد المسلمين في بلدهم. شيوخنا الأفاضل يطلبون من ترامب المرشح الأمريكي أن يضع الله في عيونه وهو يتحدث عن علاقة المسلمين بالإرهاب. الشيخ فلان بن علان يطالب الأمم المتحدة أن تراقب وتدين الإساءة للمسلمين في العديد من دولها.
كل شيوخ الدين, من مختلف الطوائف, يبحثون عن حقوق المسلمين في مختلف بلدان العالم, لكن الحقيقة تقول أن أكثر من يضطهد المسلمين هم علماء وشيوخ المسلمين أنفسهم, ما عدا إستثناءات قليلة, لأنهم يقدمون المسلم وجبة شهية لقوى الظلام والتخلف وإستلاب الإرادة, ويعطلون فيه كل حوافز التطور والثقافة والإبتكار عن طريق تحويله إلى مجرد إمعة تنتظر فتاواهم حتى حول طريقة دخول دورة المياه. وبينما راح عدد منهم يعتبر الإسلام دين سيف وجهاد يحل فيه قطع رؤوس الأقوام الأخرى من غير المسلمين وحتى من المسلمين الذين لا يتبعون هواهم فإن أفضلهم دعوة إلى السلام والسكينة هو الذي يجتهد كل يوم من أجل التأكيد على أن طاعة ولي الأمر الحاكم هي من طاعة الله, حتى ولو كان ذلك الحاكم أبشع طاغية على الأرض.
إذا كان المقصود بحقوق المسلم فقط حرية العبادة الطقوسية المجردة فلا أظن أن الله نفسه سيكون سعيدا بذلك لأن الله خلق الإنسان (في أحسن تقويم). وأفهم أن المقصود بالتقويم لا يقف عند الشكل والهيئة, إذ أن أغلب الطيور, إن لم يكن جميعها, وكذلك العديد من الحيوانات الأخرى, حتى المفترس منها, لا تقل جمال هيئة وشكل من أجمل النساء, بل أن أكثرها أكثر جمالا من الإنسان وأفضل شكل منه, وهذا ما جعل الشعراء يتغزلون بالمرأة التي تشبه الغزال في الجسم والمشية, وتشبه العصافير في اللون والزقزقة وخفة الحضور, ولم نرى شاعرا أو عاشقا يُشَّبه عيون المها بعيون حبيبته, بل رأيناه يُشَّبه عيونها بعيون المها ومشيتها بمشية الغزال. وأفهم أن المعني بالتقويم هنا هو الأخلاق والسلوك وطبيعة العقل والتفكير, أو هو ما يجب ان يكون عليه المعنى . والإنسان بالتالي, الذي خلقه الله أحسن خلقه, يستحق كل حقوقه كأحسن تقويم, وفي المقدمة منها أن يكون حر التفكير والتعبير والإختيار, وإلا كيف يكون أحسن تقويم إذا كان عبدا جاهلا متوحشا وذليلا.
بخصوص حقوق الإنسان بشكل عام ومنها حق التدين, ممنوع على شيوخ الإسلام أن يتحدثوا عن وجود إضطهاد للمسلم في المجتمعات الغربية, ففي مدينة نيويورك أو باريس أو برلين يستطيع علي وعمر أن يسيرا بدون خوف في شوارعها المكتضة بالمتدينين والملحدين والربوبيين على السواء, لكنهما سرعان ما يدخلان دائرة الخوف حينما يلجان إلى حي إسلامي تتسيده طائفة واحدة. بل ان نسبة كبيرة من مواطني تلك الدول باتوا يتحاشون المرور في احياء المسلمين أو السكن فيها حتى يحسبهم المرء وقد صاروا غرباء في أوطانهم.
إن الإضطهاد الحقيقي للمسلم هو ذلك الذي تمارسه الدول الإسلامية وكثير من شيوخ الدين ضد المسلم الإنسان حينما تُسلب منه هويته كـ (احسن تقويم) وتجعله مجرد حيوان سيرك أفضل ما فيه أن ينفذ أوامر مدربه.
سيدي الشيخ شومان .. ألا بحثت عن إضطهاد المؤسسة الدينية المسلمة, خطابا وشيوخا وآيات وحجج, للمسلمين قبل ان تبحث عن إضطهاد المجتمعات الأخرى لهم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكر للكاتب على هذا المقال الرائع
ملحد ( 2016 / 2 / 8 - 12:13 )
شكر للكاتب على هذا المقال الرائع
ليس لدي تعليق سوى الشكر العميق
تحياتي

اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت




.. 78-Al-Aanaam


.. نشر خريطة تظهر أهداف محتملة في إيران قد تضربها إسرائيل بينها




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف الكريوت شمال