الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخرافة ... والشرف المزعوم

بهجت العبيدي البيبة

2016 / 2 / 9
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


في كتاب الموتى قال الفيلسوف الإنجليزي الشاك ديفيد هيوم : صبرا أي شارون " ملك الموت " الطيب، فكل ما حاولته هو أن أفتح أعين الناس على بعض الخرافات، ليرد عليه " شارون ": اركب الزورق من فضلك، أتظن أني سأتركك كل هذه مئات السنين!!؟ .
عكست هذه الكلمات إيمان الفيلسوف في أن الخرافات تحتاج الكثير من الوقت لكي يستطيع مجتمع المثقفين أن يفتح أعين الناس عليها.
ولا شك أني لست ممن يؤمنون بنفس إيمان الفيلسوف الإنجليزي، الذي رفض الإيمان بالأديان والخالق سبحانه وتعالى، ولكني أتفق معه أن الخرافة تحتاج مجهودا كبيرا، كما، للأسف، تحتاج لوقت طويل لكي يتخلص منها الإنسان، ولكي يعمل عقله الذي يميزه عن سائر المخلوقات في كل شيء من شأنه أن يغير حياة الناس إلى الأفضل والأحسن.
وكأني بمقولة الفيلسوف الإنجليزي تنطبق تطابقا تاما على عالمنا العربي، الذي استشرت فيه الخرافة، لتسير على قدمين، في كافة المجالات، والذي أوضحها في مجال الطب الذي هو علم قد ارتقى إلى درجات عالية، واتخذ العالم فيه خطوات هامة، يمكن أن تغير شكل السلالة البشرية خلال وقت وجيز، ومع ذلك مازالت للخرافة فيه في عالمنا العربي نصيب كبير.
يأتي ختان الإناث على رأس تلك الخرافات، التي يريدون أن يأصلوا لها فيلبسونها لباسا دينيا، ليجعلوا الجريمة في حق الأنثى مقدسة، ففي محاولة لصون الشرف العربي المزعوم، تسن الشفرات الحادة لتقطع جزءا من أكثر أعضاء الأنثى حساسية، ليترك في نفسها جرحا غائرا، وفي أعماقها نزيفا دائما، يلازمها مدى الحياة، ليؤثر على حياتها الزوجية، على الطرفين، فتلك الجريمة التي وقعت لها تجعلها غير قادرة على ممارسة العلاقة الحميمة، وذلك بسبب تلك الحالة النفسية، التي تركتها فعلة الإجرام التي تمت في حقها، ليعود فشلها في إقامة علاقة حميمة طبيعية على الطرف الآخر، الزوج الذي يبحث عن تلك العلاقة في أماكن أخرى، وعوالم بعيدة عن عش الزوجية، وهذا ما يصيب الأسرة وتماسكها في الصميم.
الشرف العربي يحصرونه في ذلك النوع من الشرف، فيفرطون في الكثير، ولا يتحرك لهم جفن في كل ما يصيب الأمة من مهانة، ويستعيضون عن ذلك بتلك الشفرة الحادة لينالوا بها من ذلك الموضع الحساس عند الأنثى العربية، فيزيدون به إلى المهانات مهانة كبرى، يدفع ثمنها بناتنا وفتياتنا ونساؤنا، اللائي يعانين: مرة في إقامة علاقة سوية، وأخرى في كرامتها حينما يبحث قرينها عن متعة في مكان آخر.
إن على المجتمع الواعي اليوم أن يخوض معركة مع الجهل الذي يستشري في مجتمعنا العربي الذي لا يمكن له أن ينهض إلا إذا حارب الخرافة بكل قوة وشراسة، ليجعل من العقل حاكما، ويسير كل شؤون الحياة.
نعم نعلم أنه كما قال الفيلسوف الإنجليزي سيحتاج الأمر لكثير من الوقت ولكن علينا أن نبدأ الطريق، ولتكن خطوة رفع الظلم، والعصف بالشفرة التي تعبث بجسد الأنثى هو البداية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة مقتل ملكة جمال #الإكوادور السابقة على يد مسلحين #سوشال_


.. امرأة ستينية ملكة جمال في الأرجنتين




.. مسرحية المرأة بين الماضي والحاضر


.. جامعة الشرق تساهم في النهوض بالواقع التعليمي للمنطقة




.. واقع الأمازيغيات يصطدم بالموروث الثقافي والأعراف البالية