الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التصلب والمواقف الاجتماعية

اسعد الامارة

2005 / 11 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


من منا لم يداهمه النحس في بعض المواقف ، من منا لم يداهمه القلق ،من منا كانت حياته عبر تاريخه الخاص تسير بخط واحد لا ينتابها الهم او الغم اوالشدة ، وكانت السعادة فقط هي السائدة ،انها سنة الحياة بكل معانيها، في اختلافها وتعادلها وتوافقها ، ومع ذلك يبقى من الصحيح ان نقول وبشكل عام في كل حالة فردية او موقف ضاغط ، انها بقدر ما يكون حظها من حل المعضلة بطريقتها السوية تكون الحدود الفاصلة ليست قاطعة التحدد بين هضابها الخضراء المتمثلة في السعادة وصحاريها القاسية او جبالها الوعرة في مسيرة الحياة،ولكن لا تدعونا ازماتنا الداخلية او الخارجية او نسمح لها بالتسلل والنفاذ التأثير الى كل الشخصية حتى تنعكس على السلوك الشخصي والمواقف الاجتماعية وبقدر ما يستطيع الفرد ان يُحِِيد المواقف الضاغطة، يستطيع ان يعيد توازنه ولو وقتياً اثناء الازمة،ولو تخفى بالتحريفات الدفاعية التي لا يستطيع التحكم بها شعوريا وربما تظهره في بعض الاحيان على غير حقيقته. حديثنا اذن عن السوية في السلوك وفي التعامل وفي طريقة التفكير،والتفكير كما هو معروف هو الذي يحرك السلوك ويدفعه وهو الذي يقود صاحبه الى التعامل بالاسلوب او الطريقة المناسبة لكل مواقف الحياة المتنوعة ولكن ما رأيكم سادتي الافاضل حينما يتجدول التعامل والسلوك في اطار واحد هو التصلب. ولو تأملنا في هذا المفهوم لوجدنا انه يشير بوجه عام الى العجز النسبي عن تغيير المرء لتصرفاته واتجاهاته عندما تتطلب الظروف الموضوعية ذلك كما عبر عنها عالما النفس(انجلش&انجلش). اذن نستدل بان الشخص المتقلب الشخصية هو الذي لا يستطيع التكيف مع المواقف الاجتماعية الجديدة او مع التغيرات التي تطرأ على تلك المواقف ،وهذا العجز عن التكيف يجعل من الشخص المتصلب في صراع مع نفسه او مع مجتمعه وهو بذلك فهو يبتعد عن السوية،لا يعترف بان التغير والتجديد والتعامل مع المواقف الحياتية المتنوعة هي سنة الحياة،وان سمة المرونة هي من اهم مستلزمات الكائن الحي عموما،والانسان بشكل خاص حتى يستطيع ان يتوافق مع بيئته ومجتمعه والاخرين المحيطين حوله والذين يتعامل معهم في الشارع والعمل والبيت والسوق وفي كل مجالات الحياة الاخرى. لذا فأن حياة اي منا ما هي الاسلسلة من التوافقات لا سيما ان التوافق يعني هوالنشاط الذي يقوم به الكائن الحي ويؤدي الى اشباع الدوافع.
يقول علماء النفس ان الفرد الصحيح نفسيا هو الشخص الذي يعي دوافع سلوكه،مؤثرا في البيئة من حوله بفاعلية متجددة،فالفرد السليم نفسيا هو الذي يمكنه الاستجابة بطريقة تكيفية حينما تواجهه مواقف حياتية تستدعي ذلك. فالفرد الخالي من المرض النفسي هو الفرد الذي لا تصدر عنه استجابات متنوعة تميل الى العصابية او الذهانية او الانحرافات السلوكية في الشخصية ومنها التطرف في الدين او المذهب او في السياسة او المعتقد او التطرف في الاتجاهات الاجتماعية مثل القبلية والتعصب لها ، والمتصلب يبتعد كل البعد عن تلك ولا يقف تأثير التصلب عند حدود الفشل في العلاقات الاجتماعية بل يترتب عليه ايضا الكثير من القلق والاضطراب النفسي، فهو يقترب من الانحراف نحو المرض العصابي او الذهاني ويبتعد عن السوية،ويقول علماء النفس نحن من خلال خبراتنا في الطفولة نتعلم طرقا ونكتسب عادات لمواجهة وحل المواقف بطرق ثابتة نوعا ما،وهذه الطرق تستمر طوال سنوات الحياة التالية،كما اننا نكوّن ايضا صوراً او توقعات معينة سواء بالنسبة لانفسنا او بالنسبة للاخرين،وهذه الصور والتوقعات تستمر كذلك في سنوات الحياة التالية وكثيرا ما نشعر بان هذه النماذج السلوكية والتوقعات غير ملائمة ولكننا نجد انفسنا غير قادرين على التخلي عنها،ونشعر بان ظروف الواقع ومتطلباته تتطلب سلوكا مختلفا ولكننا نبدو غير قادرين على التعامل بطريقة معينة فيسبب لنا الضيق والحصر والقلق،واذا كان الفشل في المواقف الاجتماعية يؤدي الى القلق،فأن القلق بدوره يؤدي الى تدهور الاتزان والتعامل السوي وبذلك يفقد الانسان المرونة ويميل الى التصلب كرد فعل ،وهو مظهر من مظاهر الاضطراب النفسي.
ان التصلب يقف عقبة كأدء في وجه كل التوافقات الداخلية الفردية او الخارجية مع الاخرين ويكون ذلك بداية الجنوح نحو الانحراف في الشخصية او سوء التوافق او ربما اصعب من ذلك الى العصاب او الذهان ونرى ان التصلب ينعكس في كثير من مظاهر الحياة الاجتماعية خصوصاً،ففي كل مكان وزمان،وفي زمننا الحاضر خصوصا نجد من الناس المتعصبين المتمسكين بآراءهم تمسكاً شديداً،يدافعون عنها دفاعا مستميتا ويكنون العداء لكل انسان يختلف معهم،او لا يشاركهم الايمان بها او يرفضونها باعتبارها اراء متطرفة تدعو الى العنف والقتل والغاء الآخر.
يربط علماء النفس بين التصلب والعدوان والنزعة التسلطية وعدم التسامح من جهة وبين المحبة والفهم وتقبل الذات والآخر من جهة اخرى،حيث ان السمات الاولى هي سمات التوحش والافتراس في السلوك الانساني،بينما السمات الثانية هي سمات التحضر والمدنية،والصراع مازال مستمرا. ولا نغالي اذا قلنا ان التصلب هو مفتاح مهم لفهم الشخصية وتفسير التوافق النفسي والاجتماعي وقبول الآخر وفهم كثير من الظواهر النفسية المرتبطة بها،حتى عَد علماء النفس ان درجة تصلب الفرد هي حقيقة علمية،لذا فأن تعلم المرونة عبر مسيرة الحياة يجعل من الحياة اكثر قدرة على التطور واقل منها في الاتجاه نحو التصلب ،اي الاقتراب الى المرونة مع النفس في التعامل ومع الاخرين(زوجة او ابناء او افراد في المجتمع)،والتصلب في النتيجة صفة عامة للاستجابة التي تعم كل مظاهر سلوك الفرد في كل المواقف الفردية والاجتماعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا يتظاهر المعارضون لخدمة التاكسي الطائر في باريس؟ • فران


.. إسرائيل - حزب الله: أخطار الحسابات الخاطئة • فرانس 24




.. أحدها انفجر فوق شاطىء مكتظ.. لحظة هجوم صاروخي أوكراني على جز


.. بوريل يحذر من أن الشرق الأوسط على أعتاب امتداد رقعة الصراع م




.. روسيا تستدعي سفير الولايات المتحدة للاحتجاج على استخدام القو