الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حب بطولي في زمن عابث

عائشة التاج

2016 / 2 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حب بطولي في زمن عابث
عن الشابين مراد وخديجة

في زمن غدا فيه الحب "مجرد لعبة " تهدر من خلاله المشاعر في دوامة العبث
اختار الشاب العشريني الشهم "مراد" أن يعلن حبه لمحبوبته خديجة بطريقة مبتكرة ،جريئة وقوية حد الدهشة و الإرباك .
خديجة هذه هي فتاة يافعة أجبرتها ظروفها على الهروب من بيت الأسرة والعيش في الشارع , ولكي تتعايش مع شروط الشارع أخفت أنوثتها وتقمصت شخصية ولد تبدو على ملامحه خشونة مصطنعة .
تبين صور خديجة الأصلية ،فتاة يافعة بشعر منساب على كتفيها وابتسامة مشرقة تضيء وجهها الأسمر وعينين تشعان بالإقبال على الحياة ذات زمن عندما كانت تنعم بالدفء الأسري ككل الفتيات في مثل سنها .
لم تفلح خديجة في الحصول على نقط مشرفة . خافت من مواجهة قسوة والد لا يرحم فقررت الهروب من مدينتها وارزازات نحو المجهول وكانت وجهتها "مراكش " الحمراء ,وهناك اندمجت في حياة "الشارع "مثل باقي المشردين الذين يناورون قسوة الحياة بما استطاعوا لذلك سبيلا , تسولا أو خدمات بسيطة تمكنهم من الاستمرار على قيد حياة مثخنة بالذل والإهانات وتجاهل وطن لم يقم بواجبه تجاه المقصيين بأنواعهم .
يبدو أن خديجة تعرفت على "مراد" ووجدت فيه الشهامة اللازمة لأنه يحميها ويعطف عليها فأصرت له بأنها "فتاة " متنكرة في لباس ذكر كي تحمي نفسها من الاغتصاب .
وبناء عليه انطلقت مشاعر الحب نحوها في صمت واختار طريقته الغريبة هاته لإعلان حبه مرة واحدة جملة وتفصيلا ، مربكا بذلك رتابة الحياة في مراكش
و رجال الأمن والإنقاذ والعدل ،مقدما للمتطفلين فرجة غير مألوفة وحلقة واقعية من مسرح حياة تعج بالعنف حتى من خلال التعبير عن الحب ,

اختار مراد لعب دور "البطولة " و تسلق عمودا كهربائيا عاليا جدا مهددا بالانتحار أو خديجة ومعها ورود فالانتاين يوم "عيد الحب"
من قال بأن عهد "التضحية من أجل الحب "قد ولى ؟؟؟
قد يكون "مراد" من النوع القليل الذي اختار طريقا آخر يختلف عما هو سائد
ولم ير في خديجة المشردة في الشارع مجرد فريسة قابلة للنهش المجاني والعنيف تلبية لرغباته الجنسية العابرة .
لم تردعه ظروفها عن الانخراط في حبها حد الموت ......رأى فيها إنسانة وبس ,
تحرر بكل شجاعة من تلك النظرة الدونية التي تسجن هذه الشريحة في تصنيفات مثقلة بأحكام القيمة بل بالحكرة والإقصاء وفي أحسن الأحوال فهم لا يستحقون إلا الشفقة التي قد تكون مطية لوصول أهداف شخصية أو سياسية لدى بعض المتدخلين والمتدخلات ,
تميز "مراد" بشهامته الذكورية في زمن يمارس فيه "أشباه الرجال " ألوانا من النصب العاطفي يستهلكون من خلاله فتيات بالجملة باسم حب يختزل في نزوات جنسية وعابرة و مكسرين بذلك قلوبا في بداية انبثاقها ,
النصب العاطفي هو مطية العاجزين عن الحب الحقيقي , أولئك الذين يختزلون الأنثى في جسد لا يرون فيه أكثر من وسيلة يهدرون من خلالها مشاعر هم ومشاعر غيرهم في دوامة تتشظى فيها إنسانية الإنسان إلى مجرد أحاسيس "عابرة " سرعان ما تنطفيء مع المدة الزمنية المتاحة وتنطفيء معها تلك الجذوة القادرة على ضخ الحب في امتداده الزمني اللازم لرعاية نبتة حب في تربة سليمة خارج متاهات الخوف والاحتيال والكذب والانتهازية والنفاق وما إلى ذلك من القيم السلبية التي تسلب منا جزءا من إنسانيتنا .
أنا متأكدة بأن أغلب من كان يتفرج على "بطولة مراد" وهو يطالب بمحبوبته على العلن رأى فيه بشكل ما ذاك الرجل الشجاع الذي لم يستطع أن يكونه ذات يوم وهو يكذب على إحدى محبوباته أو يتخلى عنها بعد قضاء وطره عجزا أو جبنا أو,تخاذلا كي تنضاف لجيش المحرومين والمحرومات من الحب الحقيقي النظيف,,,,,,,
المقاربة القانونية و الأمنية رأت في مراد "مجرما " أزعج السلطات وأربك السير العادي لمدينة سياحية جميلة بعمله المجنون هذا ,,,,,,,,وعليه فمكانه السجن أو مستشفى الأمراض العقلية ,
لكن محاولة فهم مراد ،تجعل منه بطلا انتصر لحبه ضدا على كل القوالب ولكليشيهات وصرخ ملء صوته :أريد خديجة أو الموت ,
أم مراد ،المرأة الشابة التي يبدو أنها تولت تربية ابنها بدون دعامة زوج ، وتعمل مصورة أعراس ،تكلمت عن الموضوع بكثير من الحب وقدمت حضنها الدافيء لهما معا وبيتها الصغير مأوى لهذا الحب وربما رعايتها المادية ,كرم عاطفي معويا وماديا .
ذاك الجذع من تلك الشجرة ، قلب مفتوح لاحتضان خديجة وابنها معا وتزويجهم وفق الأعراف الاجتماعية , فقط على السلطات أن تطلق لها ابنها ,
امرأة شهمة في زمن عزت فيه الشهامة ولو عند الرجال باعتبارها صفة ذكورية كما تصر على ذلك التصنيفات المجتمعية ,
امرأة جدعة بتعبير اخواننا المصريين وهي تستضيف بكرم المغاربة الأصليين كل المتطفلين الذين ثرثروا على الفايسبوك أو غيره لعرس ابنها وخديجة عندما يطلق سراحه ,
وأنا شخصيا مستعدة لحضور عرسهما بكل فخر لمناصرة امرأة تشرف النساء ,
انتصرت للحب المسؤول ومستعدة لرعايته ضدا على كل تلك النميمة التي قد تنتجها هكذا حوادث .
وربما كان على السلطات أن تنتصر لقوانينها بنفس الصرامة وتنفذ ها ضد ذاك المسؤول الرباطي الذي اختار الجنون عن سبق إرادة وترصد كي يستفيد من تعويضات نهاية خدمة مفتعلة ويتربع على كرسي مسؤولية باذخة و سيرته الذاتية مزدانة بشهادة مرض عقلي ,,
أنا كمواطنة أقطن بالرباط أرفض أن يكون في عمادة مدينتي مسؤول من هكذا طينة , يمارس التدليس لنهب مال غير مستحق وتحت يافطة حزب إسلامي ,فوق ذلك حسب ما جاء في الصحافة ,,,,
وأطالب بإطلاق سراح شاب هو ضحية لدفق مشاعره عن حسن نية وإصرار ,
وشتان بين من يزرع الحب ومن يزرع الكراهية . الجشع كراهية و النهب كراهية من يكذب على الشعب فهو يكرهه بدون شك .
أما من يقدم نفسه حاميا ومحبا وزوجا لطفلة مشردة لفزتها قسوة بيت بارد يغيب منه الحب ، وتجاهلتها دولة بخيلة في مؤسسات الرعاية الاجتماعية لمثل خديجة وهن أنواع تاركة أياهم وأياهن للعنف والافتراس ,
أحيي انتصارك للحب أنت وأمك الرائعة في ومن القسوة هذا ,وأتمنى لط استعاذة حريتك كي تنعم بمشاعرك كما تشاء وتريد ,

عائشة التاج ,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة