الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة العربية ومتلازمة ستوكهولم.

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2016 / 2 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الثقافة العربية ومتلازمة ستوكهولم.
ومُتلازمة ستوكهولم ،لمن لا يعرف، هي ببساطة تماهي الضحية مع افعال ومشاعر المجرم الذي الحق بها الضرر. وقصة الكشف عن هذه المتلازمة حصلت بالصدفة ،إذ وأثناء محاولة للسطو على بنك في ستوكهولم ،فشلت عملية السطو ،فقام اللص باحتجاز اربعة رهائن في خزنة البنك ولمدة خمسة أيام ونصف.
بعد تحرير الرهائن ،حدثَ ما لم تتوقعه قوى الانقاذ ،فبدلاً من أن يشكرهم الرهائن على تحريرهم من الحجز القسري ، فإنهم ( أي الرهائن)عبروا عن مشاعر التفهم والتعاطف مع "مختطفهم" ، وهاجموا قوى الانقاذ .. مما استدعى فحصاً علمياً دقيقاً لتفسير هذه الحالة الغريبة ..!! والتفسير المقترح لهذا السلوك "العجيب والغريب" ، هو في الديناميكية التي تحدث بين الضحية والمعتدي والتي من خلالها تُحاول الضحية الحفاظ على بقائها من خلال "التعاون" مع المجرم ، وفي حالتنا هنا، المُحتجز ..إذ كلما اقتربت الضحية شعوريا وتماهت مع سلوك ومشاعر المعتدي ،فإنها بذلك تضمن أن يُبقيَ المعتدي على الضحية وحياتها ..
وقد لاحظ الباحثون بأن هذه المتلازمة ، "تُصاحبُ" ضحايا العنف الجسدي والنفسي وكذلك ضحايا الإعتداءات الجنسية ..
كل هذه المقدمة الطويلة تأتي ،على خلفية نقاش عابر أجريته بالأمس ،في ورشة تصليح وبيع الهواتف الخليوية ، مع رجلين وإمرأتين في المحل ..
الرجل الذي تجاوز الخمسين ، بدأ بالحديث عن "ذكرياته" المدرسية ، وأطنب في مديح استاذ عنيف جدا، وأورد مثالاً ، كيف أن هذا الاستاذ ، عاقبه بشدة ولم تنفع له استرحاماته والتشفع بروح والد الاستاذ ، بل زاده ضربا على ضرب ..
طبعاً ثارت حفيظتي ، وبدأتُ بالحديث عن أن العنف الجسدي لا يجدي نفعاً بل يلحق الضرر بالطالب ويقمع دافعيته للتعلم .. وهنا تدخل الباقون في الحديث ، مُشيرين إلى خطأي الفادح والفاحش ، فالضرب للطلاب هو خير مسيلة تربوية تعليمية .. وللتأكيد فقط ، فجميعهم أباء لأولاد على مقاعد الدراسة ،بل ان احدهم اصبح جدا لأحفاد .
المشكلة في الثقافة العربية هي في "تقديس " العنف النفسي والجسدي كوسيلة تربوية ، وهناك من ما زال يستشهد بالحجّاج ، صاحب "الرؤوس التي اينعت" ، كطريق وحيد للحكم .. والكثيرون ،من ابناء الثقافة العربية ، وفي ايامنا هذه، يعتقدون بأن الحكم بالحديد والنار، هو السبيل لتقدم الشعوب العربية ، ولا ننسى اولئك الحالمين الرومانسيين "بدكتاتور عادل ".
أوساط واسعة من النساء ، تدافع عن الموروث الثقافي الذكوري ، بكل عنفه ، وخاصة في الدفاع عن "جرائم الشرف" العنفية ..!! وعن افضلية الذكور واحقيتهم في السطوة على الاناث ..
ولو ، نظرنا في مناحي حياتنا ، لرأينا ادلة كثيرة على "معاناة" الثقافة العربية من متلازمة ستوكهولم .. وقد يعود ذلك في رأيي ،لأن هذه الثقافة ترى والى يومنا هذا في المواطن والإنسان ، رهينةً بيد السلطة .. بدءاً من ابناء العائلة والذين هم رهائن لرب الاسرة ، الى الدولة التي ترى في مواطنيها رهائن ..ولا يهم اسم نظام الحكم في سياق هذه العجالة ..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ثقافة القمع
سناء ( 2016 / 2 / 22 - 16:22 )
لان الثقافة العربية و بشكل عام لكن دون تعميم، تقوم على القمع و التسلط و فرض تكرار النموذج ذاته و تقمع الفكر و السؤال و الخيال و الحرية بالتفكير . اي ان التربية و الاسس التي تقوم عليها التربية بالمجتمع العري هي اسس تسلط و تقليد و تكرار النمط الواحد في المدرسة و الجامعة و العمل و دوائر العمل مما يؤثر على نفسية الافراد بطريقة غير سليمة. فالكل يقلد الواحد او الذي يجب ان يكون لا ماذا يريده الفرد ان يكون . فمتلازمة استوكهولم و متلازمة ليما و التي هي عكسها تماماُ حيث يتعاطف المجرم مع الضحية و يتماهى معها هما ما يسود التربية و المجتمع العربي فإما قمع او تعاطف اي مجتمع الجلاد و الضحية و الضحية و الجلاد و ليس مجتمع المواطن او الانسان او الفكر الحر و التعامل الواعي الانساني و هذه الثاقفة العربية. و اضف لها قوة سيطرة الدين و رجاله من جهة اخرى على الفرد مما يجعل المجتمع العربي ثكنة عسكرية كبيرة تخضع للاوامر و الشروط و تمجيد الظالم. تجد ذلك بالروضات و الاطفال الذين يرددون شعارات من الصباح لا يفهمون معناها اتما يحفظوها حفظاً فقط


2 - العزيزة سناء المحترمة
قاسم حسن محاجنة ( 2016 / 2 / 23 - 05:38 )
تحياتي وخالص شكري على الإضافة القيمة
مودتي


3 - الدكتاتور الطيب
نضال الربضي ( 2016 / 2 / 23 - 06:27 )
نهارا ً طيبا ً أتمناه لك أيها العزيز قاسم،

فكرة الدكتاتور الطيب ليست استحقاقا ً لمتلازمة ستوكهولم إنما هي إفراز إجباري لواقع بائس، بمعنى أن وجود مثل هذا الدكتاتور الذي يُبقي التوازنات الدقيقة قائمة لحفظ رباط المجتمع هو أفضل بكثير من حالة الانفلات المجتمعي و الفوضى و القلاقل التي تنتج عنها انتهاكات فظيعة للكرامة الإنسانية كما نشاهد في العراق و سوريا و ليبيا.

إننا هنا أمام أقل الشرَّين و ألطف الكارثتين، لا أمام الدكتاتور الطيب كشخص مرغوب أو مطلوب أو مَسعى بحد ذاته.

و تتجلى هنا سخرية البؤس الذي يجعل من وجود هذا الدكتاتور خيرا ً تتقي به شراً، حيث أن الدكتاتورية في جوهرها مُناقضة للكرامة الإنسانية، لكنها تحفظها في مجتمعات تأصلت فيها ثقافة العنف و كراهية الآخر و الاعتقاد الخاطئ و الكارثي بواجب الشخص في تغير ما يعتقد أنه خطأ بيده و بلسانه.

أعتقد أن الدكتاتور الطيب إذا اصطدم مع معارضة ذكية يخسر طواعية ً بعض سلطاته مقابل مكاسب أخرى تعطيها المعارضة، مما يفتح الباب أكثر و أكثر لديموقراطية تراكمية تؤتي ثمارها بعد سنوات طويلة، و هذا عندي مليون مرة أحسن من ثورات الحماقة العربية.

دمت بودٍّ!


4 - يا هلا
قاسم حسن محاجنة ( 2016 / 2 / 23 - 06:55 )
العزيز نضال صباحك سكر
شكرا على التفريق بين الدكتاتور العادل وستوكهولم
لكن يا عزيزي الا يعبر الشوق لدكتاتور عادل عن الاستمتاع بثقافة القوة والتماهي معها؟
يومك سعيد


5 - القبول لا الشوق يا صديقي
نضال الربضي ( 2016 / 2 / 23 - 07:22 )
صديقي العزيز و الذهب الإبريز (كيف هاي؟ لول)

أتحدث ُ هنا عن: قبول وجود هذا الدكتاتور، لا عن الشوق إليه أو تفضيل نظامه على الديموقراطية عندما تتوفر،،،

،،، أي أنني أقول أن متلازمة ستوكهولم تنطبق على فكرة الديكتاتور الطيب فقط إذا كانت الديموقراطية موجودة و تحقيقُها ممكن، لكن الشخص يختار طوعا ً الديكتاتورية.

أغمض عينيك يا صديقي و تذكر لبنان، سوريا، و رحلة كل راسمالها 4 ساعات بالسيارة و 500 دينار أردني، أحسن من كل الدنيا. ألم تكن تبتسم حينما تقترب ُ من دمشق، و تنتشي بحب ِّ بيروت، و عشق ِ الزبداني و صيدنايا و اللاذقية و جونية و فرايا.

ماذا جنينا من عبثيات جماعات: اقتل فجر دمر؟ كل الخراب!

نهارك َ وردي ٌّ سعيد!


6 - عزيزي نضال الورد والفل والياسمين
قاسم حسن محاجنة ( 2016 / 2 / 23 - 07:45 )
زبطت معك هاي ..
وللحقيقة فأنا بحاجة الى شوية ذهب ابريز ...!! بقدر ابيع حالي يا تُرى؟!!
السؤال العملي :هل افضل -دكتاتورية- على فوضى إجرامية ؟
ما حدث في العالم العربي ، يجعلنا نتفق مكرهين مع -دكتاتورية مستقرة- وهذه هي المأساة بعينها !!!
لك خالص مودتي

اخر الافلام

.. في الإمارات.. مغامران يركضان على مسار جبلي بحواف حادة في تجر


.. القناة 12 الإسرائيلية: الجيش يطلب مهلة 4 أسابيع أخرى لاستكما




.. أحداث قيصري تُثير موجة غضب واحتجاجات عارمة في إدلب وحلب| #ال


.. سرايا القدس: استهداف آلية عسكرية إسرائيلية متوغلة في حي الشج




.. مراسل الجزيرة: خروج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة بعد الإخلا