الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فصل السلطة السياسية عن الدين ضروري

كمال آيت بن يوبا
كاتب

(Kamal Ait Ben Yuba)

2016 / 2 / 25
التربية والتعليم والبحث العلمي


شعارنا حرية – مساواة – أخوة حقيقية
من أجل ثقافة عقلانية تنتمي لعصرنا
نحن في حضرة القرن 21 عصر الحضارة و الحرية و حقوق الإنسان و ثورة الاتصالات اللاسلكية و الاقمار الصناعية ومركبات الفضاء و التقدم التكنولوجي في كل الميادين أي في عصر إنجازات قمة تطورالذكاء البشري و قمة عطاء الفكر العلمي الخلاق .
لم تكن هذه الإنجازات ممكنة في الدول المتقدمة القريبة جدا منا لولا إحترام حرية الفكر و التعبير و البحث العلمي و تعميم الحق في الحصول على المعلومات و في حرية تداولها و نشرها و فصل الدين عن السلطة السياسية و إستقلال المدارس والجامعات و الكليات و المعاهد و غير ذلك عن تدخل رجال الدين . لأن الفكر الديني الذي يطلب التسليم بمعلوماته دون دليل ملموس لم يعد له مجال أمام الفكر العلمي الحديث الذي يلزم بتقديم الأدلة الدامغة المنطقية أو التجريبية بشأن أي معلومات تقدم للجمهور على أساس أنها صحيحة أونافعة تحل مشكلة ما من نوع ما و لا تضر بالجمهور.
و الحق في حرية الفكر و التعبير صار يعني أن أي معلومات أو كتب تستهدف الإنسان و تُعرض عليه كيفما كان نوعها إلا و تضع نفسها أتوماتيكيا وبديهيا أمام فوهة رشاش النقد العلمي والفكري .لم تعد هناك خطوط حمراء و لا صفراء لحرية الفكر و النقد . المنطق والمنهج العلمي و الذكاء صاروا قيما مقدسة تخدم الإنسان و ليس الكتب هي المقدسة.
داخل الجامعة مثلا يحدث أن تُقدم نظرية ما لتفسير ظاهرة طبيعية ما في كتاب او مقال تكون صحيحة في جوانب و خاطئة في جوانب أخرى و يقدمها احد العلماء على انها كلها صحيحة .فيأتي عالم ثان يفند ما هو خاطئ فيها بواسطة مقال او كتاب.ثم يحدث الجدل بين العالمين على صفحات الجرائد و الفضائيات و غير ذلك . و الذي يفصل في النقاش هو جماعة العلماء المتخصصين la communauté scientifique و ليس السياسيين أو الرؤساء أو رجال الدين .فتخصص السياسيين و الرؤساء ليس مجالهم العلم و إنما السياسة و المصالح والعلاقات بين الدول و السلام والحرب و الاقتصاد و غير ذلك . أما رجال الدين فمجالهم هو المجال اللغوي والروحي و ما بعد بعد الموت كما يزعمون دون دليل و ليس العلم .هكذا تتقدم تلك البلدان التي تبدو لنا قد خرجت من التخلف الفكري كأنها خرجت من فم القنينة كما يقال .
إن مجال العلم هو مجال البحث عن الحقيقة و تحصيل المعرفة ومراكمتها لإستغلالها لصالح الإنسان ومعرفة أصل الأشياء.إنها بحث عن الكمال .وسيلة العلم الموضوعية والحياد والأمانة العلمية .أما السياسة فهي مجال المصالح المتغيرة حتى لو تنافت مع الاخلاق او مع الحقيقة .و لذلك فالمجالان مختلفان لحد التنافر.
و إذن لا يجب على السياسي المحكوم بممارسة السياسة وتحقيق المصالح المتغيرة أن ينتظر من الناس تصديقه إذا زعم أنه يمكن إستئمانه على مجال العلم و الحياد والأمانة العلمية و هو يمكنه اخفاء الحقائق عن الناس كضرورة توجبها تلك المصالح .
إن بعض معلومات الكتب المقدسة مخالفة للحقيقة العلمية .نقول أنها كاذبة علميا بمعنى أنها خاطئة.
و إذا أعلن الحاكمون أنهم مدافعون عن تلك الكتب على أساس أنها صحيحة أو قاموا بقمع نقد تلك الكتب بإستعمال القضاء رغم كونهم ليسوا مؤلفيها ، فهذا يجعلهم كاذبين ومتهمين باخفاء الحقيقة عن الناس لفترة معينة من الزمن . و بالتالي يؤثر ذلك في صورتهم السياسبية و يجعلهم في عيون المجتمع العلمي مجرد منافقين لا قيمة لهم .و هذا من شأنه أن يضع حدا لمستقبل حياتهم السياسية فيما يأتي من الزمان و يجعل إدعاءهم عدالة و إستقلال القضاء ، رغم كونه يُستعمل سياسيا كقامع لنشر الحقائق العلمية قصد حجبها عن الناس رغم خروجها عن اختصاصه ، مجرد أوهام و أكاذيب يتحمل مسؤوليتها الحاكمون.
لقد حاكم كاردينالات الكنيسة الكاثوليكية في القرن 17 ، وهم مخطئين ،العالِم غاليليو غاليلي على أبحاثه ، بواسطة منظار للفضاء صنعه بنفسه ، في إثبات أن الأرض ليست مركز الكون و التي ضمنها في كتابه "الحوار" خلافا لما كان يدرس في الجامعات آنذاك على أساس أنه الحقيقة المطابقة للكتاب المقدس وحكموا عليه بالاقامة الجبرية والمنع من الكتابة. ثم جاء البابا يوحنا بولس الثاني بعد أكثر من أربعة قرون ليعلن توبة الكنيسة في قضية محاكمة غاليليو غاليلي .وجاء في تعليق قداسة البابا يوحنا بولس الثاني على التقرير الذي رفعته اليه اللجنة التي تم تكليفها باجراء البحث في قضة غاليلي ما يلي" إن الذين حاكموا غاليليو غاليلي لم يعرفوا كيف يفسرون الكتاب المقدس .و يبدو انه عانى الشيء الكثير من تلك المحاكمة"
لقد كانت هذه شجاعة أدبية و تحمل مسؤولية تاريخية تحلى بها رجل دين مميز عرفته كنيسة روما و هو قداسة البابا يوحنا بولس الثاني . و هي الشجاعة التي لم تظهر حتى يومنا هذا في حدود علمي عند مؤسسة الأزهرالمصرية في قضية المحاكمة الأدبية للدكتور طه حسين و آخرين .
و تعليقا على تعليق قداسة البابا السالف الذكر يمكن القول أن المشكلة عن رجل الدين كانت في تفسير الكتاب المقدس اي مشكلة لغوية و ليست علمية كما سبق ان قلنا .لكن التاريخ يقول لنا ان ما قيل انه مجرد مشكلة في التفسير قد عانى منها عالِم يقد قامة غاليلي معاناة شاقة على النفس ردحا غير يسير من الزمن لم يكن يستحقها.فهل نعتبر نحن من هذا الدرس ؟ هذا هو السؤال الذي نطرحه و بالحاح على من يتحملون المسؤولية اليوم بعد أكثر من اربعة قرون على وفاة العالِم الشامخ الجليل غاليليو غاليلي الذي فصل بين العلم والفلسفة بمنهجه العلمي.
لا يمكننا أن نتصور أن رئيس دولة ما أو سياسي أو لرجل دين ما يمكنه أن يزعم دون أن يعرض نفسه للسخرية الفهم في الدين و في السياسة والاقتصاد ومجال المال و التجارة والعلوم والفلاحة وتربية الماشية والخيول و الرياضة والطب والصيدلة و الصحة والتعليم و التربية وعلم النفس و الجمارك و العلم العسكري و الصيد البحري و البري و العلوم الطبيعية وغير ذلك من التخصصات الكثيرة و الانشطة المتنوعة في دولة ما .هذا مستحيل .كثير عليه كل هذا .
إن المجتمع العلمي العالمي la communauté scientifique internationale تتكون من مراتب في الجامعات و الكليات والمعاهد العليا و المختبرات ذات الصيت العالمي في البحث العلمي . ولذلك فهي سلطة علمية عالمية في حد ذاتها لا يمكن تجاوزها أو تضليلها ولا علاقة لها بالسياسة أو الدين . و الجدال الفكري والعلمي تقول فيه رأيها وتفصل فيه دون لجوء للقضاء في قمع الفكر.هذا شيء معروف اليوم و بديهي.القضايا الفكرية مجالها هو هذا الجامعات و الكليات والمعاهد العليا و المختبرات والمنابر الاعلامية و الصحف و الجرائد المتخصصة و لا دخل لرجال الدين او السياسة بها .
لذلك ففصل السلطة السياسية عن الدين ليس خيارا يمكن تجاوزه أو تأجيله و إنما هو ضرورة ملحة يجب يجب إنجازه بعد فهم القصد منه لتقدم المنطقة واعلان بدء نهضتها كي يعطي السياسيون مصداقية أكثر لخطابهم السياسي على صعيد العالَم كإنجاز تاريخي و كبير يمكنهم ان يتشرفوا بإضافته لرصيدهم..
و تحياتي لمن نكتب من أجلهم
فهم أغلى من الوقت الذين نخصص لهم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف استعدت إسرائيل للقضاء على حزب الله؟


.. شهداء وجرحى بغارة إسرائيلية على مسجد يؤوي نازحين في دير البل




.. مظاهرات في مدن ألمانية عدة تأييدا لفلسطين ولبنان


.. شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال منازل مواطنين في بيت لاهيا ش




.. مظاهرة في العاصمة البريطانية لندن نصرة لغزة ولبنان