الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبيد العَصَا تاقت إليها جلودهم !

منال شوقي

2016 / 2 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يتوق المسلمون الأصوليون لعودة الخلافة الإسلامية و زمن الفتوحات و المجد الإسلامي المزعوم و لا يختلف عنهم المسلمون المعتدلون سوي في أن الفريق الأول يعمل علي ذلك و يدعوا إليه بينما يكتفي الفريق الثاني بالتمني أو علي الأقل عدم الرفض .
و هذا الفريق الثاني هو ما يعنيني لسببين :
أولهما : أنهم يمثلون السواد الأعظم من المسلمين و ثانيهما : أنه مازال بهم بقية أمل من صحوة ضمير و انتفاضة عقل ، أما المسلمون الراديكاليون فقد أتي فيروس الإسلام علي خلايا أمخاخهم فأصبح الأمل فيهم شبه معدوم و هؤلاء تحديداً هم الوقود و المحرك لكل أمراض الشرق الأوسط .
.
و لأن الإسلام ليس مطبقاُ بحذافيره سوي في المناطق التي تسيطر عليها داعش و نصف مُطبق في السعودية و يتظاهر أنه مُطبق في باقي البلدان الإسلامية فإن الوسطيين أو المعتدلين مازالوا يتغنون بسماحة الإسلام إذ أنهم لم يعيشوه كواقع يومي م إنما عرفوه فقط كحبر علي ورق و لم يكتووا بناره ، فإن هم إصطدموا بالنصوص سارعوا إلي شيوخهم جزعين متسائلين .
و يدرك رجال الدين جيداً خطر اللتصريح بالحقائق و انتشارها بين العامة و التي من المؤكد ستُزعزع إيمان معظم هؤلاء فيعمدون للتجميل تارة و الترقيع تارة و الكذب الصريح تارة أخري مستخدمين في ذلك لي عنق الكلمات و الإستعانة بالمغالطات المنطقية و يساعدهم في إتمام مهمتهم فريق الإعجازيين الجدد بين متخصصين دجالين يحتالون عامدين و جهلاء يحاولون المساعدة قدر إستطاعتهم و لهم أيضا جمهورهم من أنصاف المتعلمين و معدومي الثقافة العامة من عامة الناس .
.
لا يُدرك المسلم المتسامح المعتدل في العالم الإسلامي أن فُتات الأدمية التي يتمتع بها لم يمنحها له الإسلام و إنما منحه إياها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و اضطرت بلده - بحسب درجة تحضرها - لقبوله و العمل به .
لا يُدرك المسلم البسيط أن الحكم بالسجن علي المذنب ليس حكما إسلاميا و لا يعرفه الإسلام بالمرة أو لعله يُدرك و يخادع نفسه بالخلط بين سماحة إسلامه المزعومة و شبه الإدمية التي لم يُحرم منها .
فعقاب السارق في الإسلام هو قطع اليد ، يستوي في ذلك سارق الإبرة مع سارق الصاروخ !
و لا يُدرك حجم الكارثة التي تسببها أية مثل : ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) [ آل عمران : 104 ] إلا حين تطبيقها حيث الكل رقيب علي الكل و التفتيش في الضمائر مباح و الأخذ بالمظاهر هو حجر الزاوية و عماد المباينة بين الأخيار الصالحين و الأشرار الطالحين .
.
لا يُدرك المسلم المعتدل البسيط أنه بقبوله الضمني بالشريعة الإسلامية كمنهج حياة صالح للتطبيق قد وضع بنفسه الكرباج في يد جلاده و أن ما يكف يد جلاده عنه هو ظلال بلهتة لدولة مدنية يقر دستورها بالشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع و بين كلمتي رئيسي و وحيد تتذبذب الإنسانية و تتأرجح درجة إحترام الأدمية .
فبينما تستطيع المرأة في دول كمصر و المغرب العربي و الأردن الخروج سافرات دون خوف من عقاب ، تخضع ملابس المرأة و أبسط سلوكياتها في السعودية لتقييم هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، حتي أنهم قد يستوقفوها في المولات التجارية إن كانت تضع طلاء أظافر أو تتحدث في هاتفها الخلوي دون مصاحبة محرم لها ، و من حقهم أن يعنفوها و يطردوها من المجمع التجاري بل و التحفظ عليها و استدعاء ولي أمرها .
يحق لهؤلاء أيضا دخول البيوت و التفتيش عن الكحوليات إن اشتبهوا في وجودها و تخول لهم سلطاتهم جلد الخارج عن السلوك القويم و من أهم مهامهم التفتيش علي المحال التجارية في أوقات الصلاة ليتأكدوا من إغلاقها و يُجلد من لم يفعل و من يتواجد في الشارع مترجلا في أوقات إقامة الصلاة .
و لست في حاجة إلي ذكر وسائل تحايل السعوديين علي تلك الأوضاع المهينة و التي لا ينقصها سوي الدخول تحت جلودهم و التفتيش في نواياهم !
.
لا يُدرك المسلم البسيط المعتدل أنه إذا أكل في الشارع في نهار رمضان لدواعي مرضه مثلاً فإن سدنة الإسلام يحق لهم إستجوابه فإن لم يُثبت لهم عذره الشرعي جلدوه .
و النصوص من القرأن و السنة واضحة جلية في هذا و إنكارها إنما هو هروب من الحقيقة و خداع للنفس .
يقول القرأن : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون
و يقول أيضا : ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون .
و ألفت النظر هنا إلي إستخدام الفعل ( تأمرون ) في الأية الأولي و ( يأمرون ) في الثانية و كان في استطاعته أن يستخدم عوضاًَ عنه ( تنصحون ) ، فالمسألة ليست نصيحة يمكن الأخذ بها أو إهماله و إنما سلطة ممنوحة و بل ضوابط .
فإذا كانت القوانين الوضعية تحدد شروطا للإدانة و يلتزم بها القاضي فإن الأمرون بالمعروف و الناهون عن المنكر يحتكمون لتقديراتهم الشخصية و درجة أصوليتهم أو مرونتهم .
فهل تطبيق الشريعة هي الحل لإرساء قواعد الفضيلة في المجتمع ؟
لإجابة سؤال كهذا علي كل مسلم أن يستعرض بينه و بين نفسه مدي مهارته في استغفال حاملي الكرابيج و العصي ليتصوروا ما هو عليه المجتمع السعودي من فضيلة ظاهرية يقبع تحتها مستنقع بالمعني الحرفي للكلمة .
و لست أدري علي أي أساس يعتقد الأصوليون و القطعان الغفيرة التي تردد ورائهم أن في تطبيق الشريعة الإسلامية علاجا لكل أمراض المجتمعات الإسلامية الإقتصادية منها و الإجتماعية و السياسية و الثقافية و الحضارية ، فقوانين الشريعة الواردة في القرأن لا تزيد علي العشرة علي أحسن الأحوال و معظمها يخص المعاملات الأسرية ، و لعلهم يعمدون إلي استلهام القوانين التي تنظم علاقاتهم بالدول الأخري من أيات لا تسمن و لا تغني من جوع و بالكاد تصلح لتكون قانوناً لقبيلة كمثل أية : وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين .
و لعلهم بعد تطبيق الإسلام بحذافيره تحدث لهم طفرة رضا ربانية فنجدهم يهزمون الدول العظمي ذات الجيوش القوية و الأسلحة المتطورة بمعاونة الملائكة أو طير الأبابيل !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الكاتبة هند الضاوي: ‏لولا ما حدث في 7 أكتوبر..كنا س


.. تفاعلكم | القصة الكاملة لمقتل يهودي في الإسكندرية في مصر




.. عمليات موجعة للمقاومة الإسلامية في لبنان القطاع الشرقي على ا


.. مداخلة خاصة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت




.. 108-Al-Baqarah