الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ورقتي المشاركة في الملتقى الفكري السنوي (( خصائص تطوّر الرأسمالية في الخليج العربي ))

موسى راكان موسى

2016 / 2 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


نظم المنبر التقدمي [ في البحرين ] الملتقى الفكري السنوي الثاني بعنوان (( خصائص تطوّر الرأسمالية في الخليج العربي )) . و قد شارك كل (محمد الصياد) و (أحمد الديين) و (حسن مدن) و (أنا) بورقة في الملتقى ، مع تعقيبات أغنت الأوراق .

و لتعم الفائدة أطرح ورقتي المشاركة بالحوار المتمدن .

-----------------------------------------------------------------------

تحية طيبة للحاضرين .
في البداية أود أن أثمّن الجهود المبذولة في تنظيم هذا المنتدى الفكري ، حيث نتناول قضية من منطلق الحرص على البقاء على وقع العصر ، فنرد بذلك على من يتهم عموم المنطقة بأنها تقع خارج التاريخ . لكن أيضا ألتمس من الحضور و الرفاق قدرا واسعا من السماحة و سعة الصدر تجاهي في ما سأطرحه . و وأدا لأي إنفعالات محتملة ، سأستبق الأمور بإعلامكم أيها الأحبة ، بأن طبيعة ورقتي نقدية راديكالية لذات عنوان موضوع المنتدى ؛ راديكالية في الظاهر يمينية و شيء من المكارثية ، قد تبدو للبعض .

(( خصائص تطوّر الرأسمالية في الخليج العربي )) ، هذا العنوان يحيلنا إلى عدد من النقاط ، يمكن تلخيصها بالتالي :
1. الرأسمالية لا تزال قائمة .
2. الرأسمالية تتطوّر ؛ أي هناك أطوار للرأسمالية .
3. هناك رأسمالية في دول الخليج ؛ و هي في تطوّر .

أمست هذه النقاط في الخطاب العام لليسار في الخليج بمثابة مسلمات دائمة التعاطي و التكرار . و بالكاد هناك محاولات نقدية تطالها [ محاولات خجولة ] ، ربما السبب هو الخوف من نتيجة المحاولة ، التي قد تضع صاحبها في مواجهة عدد من التهم المعلبة : (لم يقرأ رأسمال ماركس ، و إن قرأه فهو لم يفهمه) ، (يساري طفولي) ، (تحريفي) ، (إنتهازي) ، و غير ذلك . بلا شك أن ذلك مُبرر ، إذ أن إنكار أي منها ، هي بالضرورة دعوة واضحة إلى إعادة نظر تطال الجذور في الكل اليساري في الخليج [ بل يتجاوز يسار الخليج ليطال اليسار العالمي ] ؛ و المعني بالجذور هنا (التنظير) و (التنظيم) ــ فهل اليسار في الخليج جريء بما فيه الكفاية ليطال بالنقد ما سيؤدي إلى قطيعة جذرية حتمية في ذاته الحاضرة مع ذاته الماضية ؟! ؛ أنا شخصيا في الإجابة أميل للتشاؤم ، لكن هذا لا يجب أن يلقي بنا إلى براثن العدم ، (( لنحاول قرع طبول الأمل ، و لو بأعواد ثقاب )) و لنتجاوز بذلك (سولجنتسين) نفسه .

***

بدءًا من النقطة الثانية (الرأسمالية تتطوّر ؛ أي هناك أطوار للرأسمالية) ــ لن نختلف إن كان المقصود بالتطوّر ها هنا هو (التمرحل) ، لكن مما هو واضح من الإستعمال العام للتطوّر ، هو كونه يعني التطوّر لا التمرحل [ فالأطوار أطوار ؛ لا بمعنى مراحل ] . و لا أعتقد بأنه يخفى على الأحبة الحضور التيار القائل بقدرة الرأسمالية على التكيّف متجاوزة طورها ؛ و يستند هذا التيار على أساس بارانوئي (أن الرأسمالية قد أتيح لها قدرة خاصة إستثنائية لكي تتجاوز حصرها بالطور ؛ و ما أن نخوض في طبيعة هذه القدرة الخاصة الإستثنائية و من يقف خلفها ، حتى ندرك الهشاشة في الجسد التنظيري لهذا التيار) ، و يكفي لهدم هذا التيار إعادة تعريف علم التاريخ ، بتركيز على ماهية الرأسمالية و التطوّر في التاريخ .

من جهة أخرى ــ فإن أي إبتذال واسع النطاق لماهية الرأسمالية ، يعني إلغاء لما يميّز هذا الطور المسمى بالرأسمالية بتمييع ، غايته سحب مسمى [ الرأسمالية ] لتشمل أطوارا أخرى ؛ بغض النظر عن الأسباب [ الجهل ، الكسل ، الإنتهازية ] . بالتالي تتحدد الرأسمالية وفق شروط عقائدية لا شروط علمية .

إن أردنا القبض على فهم صحيح ، فعلينا أن نلجأ إلى وسيلة صحيحة ؛ كما في حالة سعينا للحصول على إجابة صحيحة ، فعلينا أن نسأل سؤالا صحيحا .

***

لكن قبل تناول الطور أو المرحلة ، هناك مسألة غاية في الأهمية ، و هي : الإنطلاق في البحث أو الدراسة بتسليم مسبق بطور محدد أو مرحلة معيّنة ؛ فالواجب أن ينبني إقرار أو إنكار طور ما أو مرحلة ما بعد دراسة شمولية أو شبه شمولية لمكونات و محركات الطور أو المرحلة المعنية بالبحث و الدرس .

فأيهما الأصح أيها الأحبة الحضور :
1. أن نبدأ بالإقرار بالرأسمالية ثم نبحث في مكونات و محركات الطور [ كما لو كنا نؤدي دور بروكروست ] .
2. أم نبدأ بالبحث في المكونات و المحركات في الطور المعنيين به ، لنقر أو لننكر الرأسمالية كطور أو كمرحلة ــ ما نحن بصدده ؟! .

و سأفترض مداخلة على قدر من الإنفعال ، كما لو كنت ألعب دور الأمن الوقائي ! :
* ((إنكار الرأسمالية ؟! ، إن لم نكن في طور الرأسمالية ، فماذا عساه يكون ؟! ، و التفوق الأمريكي و الأوروبي ماذا عساه يكون ؟! ، و إسرائيل المزروعة ماذا عساه تكون ؟! ، و الأنظمة الرجعية و الإستبدادية و الديكتاتورية ماذا عساها تكون ؟! ، و هذه البنوك و المعاملات التجارية و الشركات و الأسواق و المصانع ماذا عساها تكون ؟! ، و هذا التفاوت بين الفقراء و الأغنياء ماذا عساه يكون ؟! ، و هذا الظلم و الجوع و التمييز العنصري و اللا أخلاقية في العالم ماذا عساه يكون ؟!)) .
ــ هذا إنفجار للغم عقائدي بحت [ لو ركزنا قليلا ] ــ فالتفوق الأمريكي و الأوروبي ، و إسرائيل ، و الأنظمة الرجعية و الإستبدادية و الديكتاتورية ، و البنوك و المعاملات التجارية و الشركات و الأسواق و المصانع ، و التفاوت بين الفقراء و الأغنياء ، و الظلم و الجوع و التمييز العنصري و اللا أخلاقية في العالم ، ليست من خصائص الرأسمالية الدالة على وجودها ؛ إذ أن أيا منها ليس من مميزات الرأسمالية كطور .

* ((إن لم نكن في طور الرأسمالية ، فماذا عساه يكون ؟!)) .
ــ بصراحة لست متأكد ، فهذا السؤال تجيب عنه مراكز الأبحاث و الدراسات المتخصصة ، لأن الإجابة تتطلب قدرا من الإحاطة الشمولية التي يصعب على الفرد الواحد أن يدركها [ لكن ليس مستحيل ] .

* ((لابد أن موسى وقح بما فيه الكفاية ، ليحاضر في منتدى يساري عنوانه (خصائص تطوّر الرأسمالية في الخليج العربي) ، فينكر التطوّر الرأسمالي ، بل و ينكر الرأسمالية دون تقديم بديل)) .
ــ يمكن أن نسمي هذا الأمر وقاحة ، و يمكن أن نسميه مرحلة على طريق التمكن العلمي ــ فليس الأمر كما لو أنه (لنعادي الرأسمالية ، أو ما نسميه الرأسمالية ، أو إن كان عندك مسمى آخر فهاته لنعاديه) ؛ هذا مرض ، و من المؤسف أن يقع تصنيفه كمرض يساري .

أيها الأحبة الحضور ، بكل صراحة و وضوح و راديكالية ، أستغل هذا الموقع لأدفع بكم إلى عدم التسليم بـ(لا تزال الرأسمالية تنبض) ، و لست أعني أن تكفروا بها و تتبنوني كيتيم ، إنما فقط شككوا بها ؛ عن طريق مراجعة و معالجة جذرية ، و لابد علمية ــ و أعتقد أن التغطية على التيار القائل بإنتهاء الرأسمالية كطور ، ممارسة أقرب للعبث ؛ كما أنه سلوك منافي لأخلاقيات المنهج العلمي .

و على الرغم من كون التيار القائل بإنتهاء الرأسمالية كطور ذا صوت منخفض ، في مقابل تيارات ذات صوت عالٍ تقول بأن الرأسمالية لا تزال تنبض ، إلا أن ذلك لا يغيّر الواقع لصالح الطرف الثاني ــ إلا إن أعتبرنا الغلبة العددية و علو الصوت من شروط الحجة العلمية ؛ صحيح أن مجرد الشك بكون طور الرأسمالية إنتهى أمر عظيم ، لكن أوليست (( كل الحقائق العظيمة بدأت بالكفر )) كما يقول برنارد شو ؟! .

***

إن كنت أذهب بعيدا إلى حد إنكار أطوار الرأسمالية ، بل و حتى إنكار نبض الرأسمالية ، فهل هناك ما يمكن أن أسميه (طور رأسمالي أو مرحلة رأسمالية في الخليج) ؟! ــ لا .

فإن ألقينا نظرة عامة عابرة على الوضع العام لدول الخليج ، فسنجد التالي :
1. الإقتصاد قائم على قدم عجوز و عكاز مغشوش ؛ النفط و الخدمات .
2. الوضع الطبقي يمكن تلخيصه بكونه يتضخم لصالح الطبقة الوسطى ؛ و إن كان هناك تذبذب بين المستويات الوسطى : (العليا) و (الوسطى) و (الدنيا) .
3. الوضع الثقافي ، فإن لم يكن هناك إجماع بإعتباره وضع ممسوخ فلا إختلاف حول إعتباره وضع التمفصل .
4. الوضع السياسي ، فهو يميل لوضع المقايضة ؛ الإستقرار السياسي و الرفاه الإقتصادي مقابل المشاركة و حرية التعبير .

فهل بعد ذلك يمكن أن نقع في مناقشة عن رأسمالية خليجية ، أو مرحلة رأسمالية خليجية ؟! .

***

في الختام ــ إن رؤيتنا ، أيها الأحبة الحضور ، للرأسمالية كطور تكاد تكون مشوهة تماما [ بل حتى رؤيتنا للتاريخ كعلم ، و التطوّر في التاريخ ] ، بالكاد هناك شيء صحيح عنها بين هذا الكم و الكيف العقائدي و البارانوئي و البروكروستي [ المتنوّع ! ] . و كان للإبتذال و الإختزال دور لا يجب غض الطرف عنه في تشويه الرؤية ، بغض النظر عن المقاصد و النوايا ؛ كمثل إختزل الرأسمالية بالبنوك و الشركات و الأغنياء ، و إبتذال الرأسمالية بتسمية كل ظلم و فقر و حرب بها .

و كتوصية أو شبه توصية ــ في هذه الفترة ، و هذه المنطقة [ الخليج ] ، الحاجة ملحة لدماء جديدة ، مزيج من سخونة روح العصر و برودة العلم ؛ شبابية نعم . ليست الغاية فكر جديد ، إنما فهم للواقع الجديد ، بشمولية أو شبه شمولية قدر الإمكان ؛ لذلك فلا غنى عن ضرورة قيام مركز للدراسات و الأبحاث . لكن أيها الأحبة (الحضور و الرفاق) ، لأكون صريحا معكم لأقصى حد [ و ذلك يعني أن أكون راديكاليا معكم لأقصى حد ] ، لابد من التخلص من العجائز الحُمر ، ليتهيء للدماء الجديدة (طرح أسئلة صحيحة) و (فهم سليم) و (منطلق علمي رصين) و الأهم (عمل يبدأ من الصفر [ أي إحداث قطيعة جذرية مع التاريخ النضالي و الحزبي]) ؛ فإما أن يتقاعد العجائز بكل إحترام و ود ، و إما فلا بد من تصفية مكارثية .


و شكرا لكم على حسن استعماعكم ..

-----------------------------------------------------------------------

بالإمكان مشاهدة فيديو الملتقى من خلال الرابط :
https://www.youtube.com/watch?v=btLkAxooU0g

و تبدأ حصتي من توقيت :
2:39:04








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا