الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عهد قديم وعهد جديد-9- قراءة في الهندوسية

طوني سماحة

2016 / 2 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعد انحسار النفوذ البريطاني عن شبه القارة الهندية في بدايات القرن العشرين، وجد الغرب نفسه تحت تأثير الثقافة الهندوسية التي طُرحت بديلا للمسيحية الآخذة بالانحسار. وجد الانسان الغربي في حركات كريشنا والعصر الجديد (New Age) التي أثرت في تطور الثقافة الغربية، مادة روحية جذابة تدعو الناس للتأمل والتحرر الاجتماعي. ما هي الهندوسية؟

لم يستطع الباحثون تحديد بدايات الفكر الهندوسي الذي تطور مع عامل الزمن وتشعب ليُنشأ تعاليم وتقاليد وعبادات مختلفة يجمعها خيوط ثقافية. لا يعرف الدارسون تاريخ كتابة النص الهندوسي او اسم مؤلفه. لكن من المؤكد أن هذا النص لم يبق جامدا، بل تحرك وتتطور من خلال تطور الفكر البشري وتفاعل التجربة الانسانية مع غيرها من التجارب. يتعبد الكثير من الهندوس لشيفا أو فيشنو الذي يرون فيه الاله الحقيقي، بينما ينظر الآخرون للذات البشرية الأسمى المعروفة بال (أتمان). لكن الخيط المشترك لكل تلك المعتقدات يبقى براهما الاله، عامل التوحيد وممثل الحقيقة الاسمى لدى الهندوس. ولا ننسين أن البوذية هي وليدة الهندوسية التي انتشرت فيما بعد في الشرق الاقصى.

بالعودة لأولى النصوص الهندوسية المعروفة لنا والتي دونت قرابة الالفية الاولى قبل الميلاد، نجد الديانة الهندوسية تعتمد على نظام ذبائح حيوانية وعبادات لآلهة تجسدهم القوى الطبيعية. على خلاف الديانات التوحيدية، لا قانون إيمان مشترك أو شهادة مشتركة تجمع بين الهندوس. لكن ذلك لا يمنع وجود مسلمات يتفق عليها المؤمنون مثل سلطة الكتب المقدسة (الفيدا)، مكانة الكهنة (البراهمان)، تناسخ الارواح وانتقالها من جسم لآخر، وقانون "الكارما" الذي يحدد مصير الانسان في هذا العالم وفي العالم الآخر.

تختلف الديانة او المعتقدات الهندوسية عن غيرها من الديانات القديمة بأسماء آلهتها وهويّاتهم، إلا أنها تتقارب مع تلك الديانات عندما يتم البحث في وظائف تلك الآلهة. فكما كان إيل رئيس مجمع الآلهة الكنعانيين، وكما كان جوبيتر وزوس رؤساء آلهة الرومان والاغريق، كذلك نجد براهما رئيس آلهة الهندوس وخالق الكون. كان بعل إله الزوابع والامطار والخصوبة في الديانة الكنعانية، فنافسه إندرا الهندوسي على المهمة ذاتها. كانت عشيرة زوجة إيل وكان بعل واحدا من أطفالهما الآلهة، كذلك كانت هيرا زوجة زوس، وجونو ابنة ساتورن زوجة جوبتر. أما شيفا الهندوسي فكانت زوجته ديفا الإلهة التي كان باستطاعتها التجسد في أشكال مختلفة وأخذ طبائع مختلفة منها الطيّب ومنها الرديء. كان غانوشا الهندوسي، صاحب الأذرع الأربعة والذي يحمل على أنفه خرطوم فيل، إله الطالع الحسن والحظ الجيد. أما شيفا فكان إله الدمار والخراب. في بدايات الهندوسية، كان فارونا إله الخلق إلا أنه تحول مع الزمن لإله البحر، مهمة اضطلع بها يم في الثقافة الكنعانية.

سوف ننهي في المقال القادم، بإذن الله، جولتنا على آلهة العالم القديم بزيارة لآلهة الأمريكيتين الذين لم يتأثروا بحضارات وثقافات باقي الشعوب بحكم عدم احتكاكهم بهم لنرى إن كانت دياناتهم تختلف عن ديانات الاقدمين. بعد ذلك نقوم بمقارنة إله العهد القديم مع آلهة العالم القديم عموما وكنعان خصوصا من أجل تقييم ادعاءات الكثير من المثقفين حول تسلسل وتطور إله العهد القديم من رحم الثقافات والشعوب المجاورة وخاصة الكنعانية منها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
nasha ( 2016 / 2 / 29 - 00:35 )
شكرا على المعلومات القيمة والمتنوعة وانا انتظر بفارغ الصبر للمقارنة النهائية.
تحياتي استاذ طوني


2 - تعليق
طوني سماحة ( 2016 / 3 / 1 - 00:54 )
شكرا عزيزي ناشا ولك من كل الاحترام والتقدير


3 - القريشي ابو عادل
nasha ( 2016 / 3 / 1 - 04:30 )
شكلك شيعي اليس كذلك؟ هههههههه
من فضلك كيف فهمت انني من الوهابية ؟ هل انت مكشوف عنك الحجاب مثل ما يقول الاخوة المصريين؟ هههههه
تحياتي


4 - القريشي أو عادل
طوني سماحة ( 2016 / 3 / 1 - 21:47 )
شكرا أخي القريشي على التعليق اللطيف وإعجابك بالمقال. أما بالنسبة للأخ ناشا، فلسوف أترك له فرصة التعريف بنفسه

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah