الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-1- في مواجهة المجتمع : نحن وموروثنا - ماهو البديل

خليل صارم

2005 / 11 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تعالوا لننا قش.. كيفية شكل المجتمع الإنساني الحضاري . ثم واقعنا كمجتمعات
أعتقد وحسب رؤيتي الشخصية أن المجتمعات الحضارية الانسانية هي مجتمعات منظمة بشكل تلقائي قادرة على إدارة تفاصيل شؤونها من خلال منظمات وجمعيات مدنية , تحترم القوانين والتشريعات التي أنتجتها ( أي أن هذه المجتمعات وصلت الى مرحلة إنتاج التشريع الملائم لها منذ زمن بعيد نسبياً ) , وهي حضارية أخلاقية متماسكة في علاقاتها الداخلية تتعامل مع المواطن من زاوية مواطنيته فقط وإنسانيته كانسان بغض النظر عن عقيدته وانتمائه أو عرقه. قيمة الصدق مع النفس ومع الآخر ومع الدولة هي القيمة العليا , وهذه المجتمعات تراعي حقوق الفرد كاملة غير منقوصة وبالتالي فإن الفرد يكون ملتزماً تماماً بحقوق المجتمع والدولة . دون أي ضغط أو اكراه ويراعي ألا يساور الفرد هذا الشعور , يضاف الى ذلك مجموعة القيم الانسانية والتي أشرت اليها أعلاه وتمثل منظومة القيم الأخلاقية ولو بحدودها الدنيا . أما لماذ قلت حدودها الدنيا , ذلك أن المدينة الفاضلة الافلاطونية لم تتجسد على ظهر هذا الكوكب ومن الصعوبة بمكان تجسدها , ولكن شعور الفرد أن حقوقه مضمونة تجعله يلتزم تلقائياً بالحدود الدنيا من المنظومة الأخلاقية وما يستتبعها من التزام قانوني واحترام لأعراف المجتمع. ذلك أن ثقافة هذا المجتمع ومجموعة القوانين ترفض تماماً اللجوء الى أية وسيلة من وسائل الضغط والإكراه المعنوي والمادي
حتى أنه في حال المخالفة والجريمة وفي حال توجب العقوبة نرى أن العقوبة تلتزم بالجوانب الانسانية فلا تنتهكها مهما بلغت من القسوة . وبالطبع فانه وفي حال ارتكاب أي خطأ قانوني فان المجتمع يقف في وجه هذا الخطأ ويتصدى له , لأن المجتمع أساساً هو المنتج للتشريع وبالتالي فان السلطة أو الدولة هي حصيلة هذا الإنتاج لتبقى تحت سقفه فلا تتمكن من التجاوز على المجتمع . ونلاحظ أن النظام في علاقاته الخارجية يلتزم برأي المجتمع وان المجتمع يتصدى له في حال ارتكاب الأخطاء أو قصور في الرؤية وهذا مايسمى بالرأي العام في المجتمعات الحضارية وهو رأي فاعل لايمكن الالتفاف عليه وان حدث فان النتيجة وخيمة بالنسبة للنظام فقد تسقطه وتعاقبه حسب الدستور والقوانين المتفرعة عنه وحسب حجم وأهمية الاعتراض على سلوك النظام .
هذا من حيث الشكل العام للمجتمعات الحضارية الانسانية , أما التفاصيل فقد وصلت لدرجة من الدقة بحيث لايمكن الإحاطة بها في مقال أو كتاب أو بحث سريع وهذه التفاصيل مهما صغرت فقد أحاطت بها القوانين في تلك المجتمعات . أما مايتعلق بالقوانين فإنها متحركة تراعي التطورات الحضارية لهذه المجتمعات ودخول مفاهيم جديدة الى حياته بتطورات العصر وخلق احتياجات جديدة في العلاقات ناجمة عن ظهور ضروريات لم تكن سابقاً مأخوذة بعين الاعتبار وبالتالي فان ثبات القوانين والأنظمة تصبح أمراً مستحيلاً لأنها في هذه الحالة تشكل عامل كبح تعرقل حركة التطور . لذلك فان هذه المجتمعات ونتيجة الحاجة لمرافقة عملية التطور نراها تفرز نخباً تتفرغ لتشكيل معاهد ومراكز أبحاث تراقب . تدرس . تقترح . تتوقع وتنصب جهودها العقلية وأفكارها في مجرى خدمة المجتمع وضمان استمرارية حركته .
اذاً هذا هو شكل ومضمون المجتمعات الحضارية المعاصرة بلمحة موجزة..
فأين نحن وموروثنا منها .
إذا توخينا الدقة والصدق مع الذات نقولها بكل جرأة ودون خجل .. أنه لاعلاقة لنا بكل ذلك جملة وتفصيلاً .للأسباب التالية :
1- لدينا في تراثنا ومحفوظاتنا نظرياً تصور مفصل عن المنظومة الأخلاقية وألف .. باء أسس التطور الحضاري الإنساني .. لكن علاقتنا بها مقطوعة تماماً منذ حوالي أربعة عشر قرناً .. ذلك أنه منذ ذلك الحين لم ننتج كمجتمع أي تشريع أو قانون أو نظام . فالنظام بأسوأ أشكال السلطة الشمولية هو المتحكم في حياتنا وهو الذي ينتج لنا كل شيء حتى أدق تفاصيل العلاقة الانسانية الخاصة جداً قد أنتجها وفرضها علينا إما بقوة السلطة وسلاحها المادي أو بقوة المقدس المزيف الذي أنتجته السلطات الظالمة الغاشمة التي حكمتنا بالتوالي وذلك وفق رؤيتها ومصالحها وبمرور الوقت تعود عليها القطيع ودخلت في شيفرة خليته فلم يعد بإمكانه التخلي عنها وهو يحسب أن السماء سوف تنطبق على الأرض لو أنه ناقشها وناقش حقيقتها مجرد مناقشة
فكيف به اذا حاول تعريتها تماماً وفرز الدخيل عن الأصيل . وهذا لم يعد وارداً في تصور المجتمع نتيجة التداخل الحاصل وضياع الأصل تحت هذا الركام الهائل من التزييف والتزوير الذي أضحى هو ثقافة وموروث هذا المجتمع الذي يحسب نفسه متديناً , والمصيبة أن الورثة ومن أعطوا أنفسهم حق الوصاية مستمرون بإنتاج المزيد من التزوير والتزييف في محاولة مستميتة لقطع خط الرجعة على هذه الشعوب للكشف عن الحقائق وعدم إفساح المجال للعقلاء في تحكيم المنطق من خلال المقارنة مع النص الأصلي
2- تعالوا لنلقي نظرة على موزاييك المجتمع لنشاهد مايلي :
آ – أكثرية مسلمة فرضت منطقها على المجتمع بكامله بحيث أن كافة القوانين تستند على موروثها وثقافتها وما اعتبرته مقدساً / الشرع أحد مصادر القانون
ب- أقليات مسيحية تعيش موزعة ضمن أحياء وقرى خاصة بها لها عاداتها ونمط حياتها الخاص بها وتعيش في خوف كامن من الأكثرية بسبب سوابق تاريخية .
ج- طوائف متعددة إسلامية تختلف بمفاهيمها وثقافتها وجزء من موروثها عن الطائفة التي تشكل الأكثرية . تعيش ضمن مناطق خاصة بها ولم يتمكن الاختلاط الحاصل عن طريق الزواج من كسر جدران المناطق وفسح المجال لتفاهم على الثوابت أو اختلاط اجتماعي واسع .
د- بالرغم من مضي مايقارب القرن على ظهور تنظيمات سياسية تنبذ التقسيمات الطائفية والاختلافات الدينية في المجتمع وحاولت جاهدة محاربتها بكافة الوسائل الا أنها لم تتمكن من إرساء هذه الثقافة ضمن المجتمع وبقي تأثيرها محدوداً للغاية حتى أن قسماً من أعضائها ظلوا محتفظين بخلفياتهم التي تعود للموروث وكان ذلك يظهر من خلال بعض السلوكيات أو سقطات اللسان . وذلك نتيجة تحالف الأنظمة مع رموز القوى المتخلفة في المجتمع ومقاومتها لهذه التيارات الفكرية والأيديولوجية لما في ذلك من حفاظ على استمرارية هذه الأنظمة حسب تصورها القاصر والمتخلف ..
هـ - بعض هذه التنظيمات وقفت بوجه التقسيم الديني والطائفي في المجتمع ولكنها استبدلته بالنظرية القومية الأمر الذي زرع خوفاً كامناً لدى الأقليات المنتمية لقوميات أخرى وبالتالي فتحت ساحة معركة جديدة بينها وبين القوى الدينية لتضيف نوعاً من الخلاف أكثر حدية وصلت الى حد المجابهة المسلحة التي استنهضت الخلاف الطائفي والديني مجدداً على يد الأكثرية الدينية بوجهها المنظم .
3 – إن من أهم أسباب ظهور التنظيم الديني المتشدد في المنطقة بوجهه المتخلف المتعصب , كان ظهور إسرائيل كدولة قائمة على أساس ديني الأمر الذي خلق مبرراً لهذه القوى لكي تعمل بالشكل العلني معتمدة على موروثها المنحرف تماماً عن الإسلام الحقيقي أو بالأصح ( الرسالة المحمدية ) أسوة بمفاهيم إسرائيل الصهيونية والتي لاعلاقة لها بالتوراة الصحيحة أو رسالة النبي موسى , وان زعمت ذلك فقد ثبت بحكم الواقع أن مرجعيتها هي التلمود وليست التوراة بدليل اضطهاد اليهود التوراتيين من قبل الصهاينة .
4- يضاف الى ذلك مصالح القوى الاستعمارية في المنطقة وتشجيعها لهذه
التيارات بقصد فرملة المجتمع وتأخير تطوره قدر الإمكان ريثما تتمكن هذه
القوى من استنزاف الثروات وعلى رأسها النفط شريان الحضارة الحالي .
- اذاً فان هناك عدة عوامل تحالفت ضد مجتمعات هذه المنطقة وهي الأنظمة الشمولية المتخلفة ومصالحها في الاستمرار والقوى المتخلفة تحت ستار الدين والتدين القوى العالمية صاحبة المصلحة في استنزاف ثروات المنطقة .
- كل ذلك أدى الى زرع الجهل والتخلف ومفاهيم مخالفة للمنطق تحت شعار الإيمان والذي هو حقيقة ليس من الإيمان في شيء وبالتالي عرقلة التطور الحضاري لهذه المجتمعات .
- ان الأكثرية بمفاهيم زرعت وراثة بشكل مخالف للحقيقة هي التي فرضت منطقها على المجتمع وسيطرت عليه لتصيغ القوانين وفق رؤيتها وبالتالي مارست القهر والقمع المادي والفكري ضد بقية الأقليات وضد القسم الأعظم من أبناء الأكثرية بقوة رجال الدين وشراسة مريديهم واقفة بوجه أية بادرة تطوير قد تتبناها الدولة , وفي ظروف سابقة كانت قادرة على فرض مفاهيمها كاملة الأمر الذي جعل السلطان – الحاكم – الخليفة – الملك - ..الخ يلقي بأعباء تدجين المجتمع على عاتقها لينعم هو بممارسة السلطة على هواه تاركاً لها شرعنة انحرافاته .
- نتيجة لقيام هذه الأكثرية في ظل ظروف سابقة باضطهاد الأقليات الطائفية والدينية وبشكل بشع الأمر الذي زرع خوفاً مستمراً , ومازالت بعض الحوادث الفردية تستثير الذاكرة لتنكمش هذه الأقليات على نفسها بدلاً من التمدد والانفتاح , وماتزال الأكثرية من خلال تنظيمات دينية تتحدث باسمها تحلم بالعودة واحتكار السلطة وتتحدث عن أساليبها في تطبيق الأحكام مثيرة الخوف والرعب ضمن صفوف الأقليات الدينية والطائفية .
- يتبع . البديل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسي اليميني جوردان بارديلا: سأحظر الإخوان في فرنسا إذا و


.. إبراهيم عبد المجيد: لهذا السبب شكر بن غوريون تنظيم الإخوان ف




.. #جوردان_بارديلا يعلن عزمه حظر الإخوان المسلمين في حال وصوله


.. رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع هلال المحرم لعام 1446




.. 162-An-Nisa