الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفلسفة في المخيلة العربية

عمر يحي احمد

2016 / 3 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يأتي الإنسان إلى الحياة و هو غير مستعد للبقاء فيها و يذهب عنها و هو غير مستعد للخروج منها و ليس العبرة بقدوم الإنسان أو فناءه بقدر إرتباطها بتفسير سر البقاء و جوهر الوجود و كينونية الحياة وهنا يقف العقل البشري متأبطاً خيره لإيجاد تفسير لهذه الإشكالية ولما كانت الإشكاليات التي وآجهت الإنسان هي إشكاليات إستاتيكية الوجود ديناميكية التأثير فقد تعددت النظريات و الإتجاهات التفسيرية .
وقد إهتم كل علم او نظرية بجانب واحد من جوانب الحياة الإنسانية مثل علم الإجتماع الذي يختص بالظواهر الإجتماعية أو الإقتصاد الذي ينصرف إلى متعلقات الحياة المادية.
الفسلفة هي إحدى العلوم التي جاءت لتفسير ماهية الإنسان و جوهر الوجود و كينونية الحياة نشأة الفلسفة في أدغال المدن اليونانية القديمة أثينا و. إسبرطة و من ثم إنتشرت في بقاع الأرض متخطية الحدود و الجغرافيا متجاوزة العادات و التقاليد .
كانت من ضمن العقليات التي إستلهمت الفلسفة و وصلتا إبجدياتها هو العقل العربي إذاً ما هي صورة الفلسفة في مخيلة العقل العربي ؟.
الفلسفة في أبسط معانيها هي حب الحكمة ؛هذه الحكمة تسعي إلى تحقيق غايتين :
الاولى : تنمية العقل الإنساني وذلك من خلال طرح الأسئلة الكبرى و التنقيب عن جوهر الحقيقة .
والغاية الثانية للفلسفة هي النظر إلى الأشياء بمنظور مختلف وذلك من خلال الثورة على كل الأفكار الميتفزيقية و اللأهوتية التي تقترن بإستنتاجات العقل البشري المجرد
.لقد أخذ العرب منذ إتصالهم بالعالم الاوروبي موقفاً سلبياً منه وكانت الفلسفة هي أكثر نقاط الخلاف بين العقل العربي و العقل الأوروبي ولا تزال هذه القطيعة الفكرية متواصلة حتى الوقت الراهن إستطاع كثير من علماء العرب تشويه الصورة الحقيقية لجوهر الفلسفة فالفلسفة في مخيلة العقل العربي قد إقترنت بتكهونات لأهوتية و أحكام قبلية سابقة فهي كفر و إلحاد و زندقة .
و أمام هذه التكهونات فإن كل شخص يقف ضد الفلسفة في العالم العربي يُعد مفكراً فزٍ و عالماً ربانياً فكره حق و الثناء عليه واجب و رفض فكره و علمة شرك.
عندما إقترع الأوروبين آلة الطباعة كوسيلة لنشر العلم و المعرفة كانت الدولة الإسلامية هي اول المناطق التي وصلتها مكنة الطباعة و فور وصولها أفتى بعض علماء المسلمين بحرمة إستخدام هذه الطابعة لانها إنتجت في الغرب الكافر و لانها وسيلة لنشر الفلسفة و الزندقة .
كانت من نتائج هذه الصورة السلبية في مخيلة العرب هي تدهور العقل العربي و تخلفه عن التطور و قصوره في البحث و الإستنتاج و الإحتماء بأفكار و إطروحات براغماتية زرائعية تميل إلى التبرير بدلاً عن التجريب وإلى النفى بدلاً من الإثبات .
إن حال العقل العربي اليوم هو أسوا من حال إنسان ما قبل الحداثة و مجتمعات ما بعد الإشتراكية فقد تحول العالم العربي إلى مجتمعات غير متعلمة بل مستهلكة لنتائج العلم والمعرفة و الذي يذهب إلى دول الخليج مثلاً يجد أخر ما إنتج من الأدوات الإلكترونية و آخر ما صنع من السيارات ولكنه من المستحيل إن يجد آخر ما توصلت إليه العلوم الإنسانية .
وليس بقية الدول العربية بإستثناء من هذا التخلف الفكري .
ففي الوقت الذي وصل فيه الأوروبين إلى سطح القمر لا زال المجتمع العربي يبحث عن هل المصافحة حرام أم حلال و هل يجوز التسبيح بالسبحة بدل اليد .
إن المجتمع العربي المعاصر يواجه أهم الإشكاليات التي تواجه الأمم و الشعوب لان الإشكاليات العقلية و المعرفية هي جوهر الإنسان و فإذا لم تحل هذه المشكلة فأن مصيرها الفناء لقد أدرك كثير من أفراد الشعوب العربية هذه الحقيقة فسعوا إلى إصلاح مجتمعهم الذي يعيشون فيه فلم ينجحوا إلا في بعض الجوانب و كانت من نتائج هذا الواقع الأليم هو هجرة علماء العرب و عقولهم المفكرة إلى دول أخرى بها كل مستلزمات الرفاهية العقلية و النمو الفكري .
إن نظام التعليم في العالم العربي هو نظام مُتخلف يُكرس للجهل و يحطم ملكات العقل إذ إنه يقوم على سياسة الحفظ و التلقين و يركز على مبدأ ضمان إستمرارية مرتب الأستاذ و الحصول على شهادة للطلاب .
إن كثير من الدول العربية اليوم قد حزفت مواد التفكير و منعت علم المنطق بجانب منع تدريس العلوم التي تقوم على النقض الموضوعي و التحليل السليم ولما كانت هذه العلوم هي التي تعمل على تنمية العقل و توسيع الفكر فإن الأنظمة التسلطية لا تسعي إلى تنمية عقول الشعوب التي تحكمها بل تعمل بقصد على السيطرة على التعليم و توجيهه نحو الأمية و الجهل حقاً فشلت النظم التعليمية في تنمية العقل العربي بصورة جعلته غير قادر على تحديد أهدافه و غاياته و تفسير سر وجوده وفي ذات الوقت نجحت في بناء أنظمة عمقية و دول عميقة و بيوتات فكرية تتقدم نحو المؤخرة حتي وصلت إلى غاية الفشل بل نالت وسام مرحلة الإبداع في الفشل .
إن وجود الفرد على سطح الأرض لا يعني إنه مستخلف فيها و إن بعض الأفراد يموتون و هم في سن العشرين و يدفنون و هم في سن السبعين أو الستين و ما ينطبق على الفرد ينطبق على الأمة فإن الأمة هي عبارة عن مجموعة من الأفراد .
فإنتبهوا إلى عقولكم و تحسسوا وجودكم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟