الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمة (مستنير) لا تصلح بديلاً عن (ملحد).

سامح ابراهيم حمادي

2016 / 3 / 5
المجتمع المدني


نشر الأستاذ الراقي زاهر زمان مقالاً بعنوان :
أنا لستُ ملحِداً.
وهذا رابطه :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=507456

قرأت فيه رأياً للأستاذ الفاضل بارباروسا آكيم، أرجو التفضل بقبول وجهة نظري من زاوية أخرى ، وشكراً.

يظل (الملحد) بشكل عام إنساني السلوك والنزعة، سيد مصيره ويعلم أنه إذا ارتكب خطأ في حق المجتمع، فإنه سيلقى الجزاء حسب القانون الوضعي.
ولشدّ ما أكره في المتدين الذي كنتُه ذات يوم مضى، أنه لا يتورع عن ارتكاب أحطّ الجرائم ؛ أقصد: التمييز بين البشر وادعاء التفوق. وهو في سلوكه هذا ينتقص من الإنسانية، لكنه يعلم أنه سيجازى بالحسنات حتى إذا قطع رأس مخالفه في سبيل الله.

وقد قرأت في الآونة الأخيرة بعض الآراء التي تتناول مفردة (إلحاد) أو (ملحد)، وهل يُفضَّل تبديلها بمفردة أخرى ؟
المحترم الأستاذ بارباروسا في تعليقه الكريم، يرى أن كلمة (مستنير) تصلح كبديل عن (ملحد)،
وقد كرر رأيه في مقال لكاتب فاضل آخر.

شخصياً أرى أن المتدينين هم من أطلقوا كلمة ملحد بما أضفوا عليها من قذارة الصفات ونجاستها.
وقد سرتْ المفردة في العقل المتدين المقولَب، فتمكنتْ منه إلى درجة إقصاء كل من تظهر عليه بوادر الشك في ثوابتهم، حتى لو ظل يردد الشهادة عشرين مرة في اليوم كما يحصل الآن مع الأستاذ القمني.

لِمَ الهروب من كلمة (إلحاد)؟
للمتدين حق الإيمان وحرية الدفاع عن ثوابته ونقد ما لا يتفق مع معتقده، ولكم حق الإلحاد وحرية نقد الفكر الديني وما لا يتفق مع مبادئكم. وقد قرأت رأياً للأستاذ القدير السيد سيلوس العراقي أنقله بحرفيته :
" يفقد الإنسان قيمته حين يحرم الآخر من حريته في أن يكون مختلفاً، فكل واحد منا هو (الآخر) ".
برأيي المتواضع، مفردة (مستنير) لا تصلح أبداً كبديل.
فكما أن كلمة (الملحد) مطعون بها فإن ـ المستنير ـ كذلك عليها المآخذ.

مستنير؟ كلمة مطاطة يا سيدي .. ككلمة الاعتدال.
ماذا يمنع المتدين بكل أطيافه، أن يعتبر نفسه (مستنيراً) معتدلاً ؟
ألا يوصف الأزهر بمناهجه العنصرية الرجعية بالجهة المتنورة وأصحابه بالمتنورين المعتدلين؟
ألا يُعتبَر السيد جمال البنا، المفكر المتنور؟
والدكتور أحمد صبحي منصور؟
ومع أن الدكتور مصطفى راشد والشيخ القبانجي في نظري من كبار المتنورين، ومساهمَيْن بفعالية كبيرة وإيجابية نادرة بين الشيوخ في تقريب المذاهب لبعضها البعض، فهما في نظر المتدينين كافران خارجان عن أصول العقيدة، كاذبان لا يعول على كلامهما.
ورغم اعتدالهما الواضح وميلهما إلى تبسيط شؤون الدين، فإن رمْيَهما بالمروق والانتهازية والتلاعب بثوابت الدين، وسيلة الخصوم للهجوم عليهما.
منْ يصف المفكر سيد قطب بالتعصب والتطرف إلا نحن ؟ لكنه برأي أتباعه خير من قدّم التنوير للساحة الإسلامية.
فهل يتساوى قطب الإخوانجي، مع الراوندي الملحد، مع جمال البنا المجدّد، مع السيد القمني مع..... في التنوير؟
لا يمكن بالتأكيد. ومع ذلك، فإنهم بين مريديهم متنورون وقامات سامقة ومبهرة.
سيصبح الأمر خلطة كريهة مرفوضة من العقل المفكر وهو يرى أن شيوخ الفضائيات دخلوا في دائرة التنوير.
ساحة التنوير برأيي المتواضع، تأبى أن تجمع الأستاذ (المستنير) الباحث المثقف بارباروسا، الذي دخل في صولات وجولات نقاشية ومقارعات حادة، مع منْ يعتبرون أنفسهم رواد التنوير لنهضة إسلامية جديدة.

وأسألك :
ألم يكن الرؤساء العرب الأبديّون، حاملي مشاعل المعرفة والتنوير، وآباء بلادهم الحديثة ؟ ثم سقطوا في الحفرة ! وما زال الكثيرون يدْعون بطول العمر ويهتفون للملوك والأمراء الأزليّين، رواد التنوير والأخذ بنا إلى التحديث من أوسع أبوابه.

كما ترى سيدي، سيدخل تحت عباءة (المستنير) أي كان، وستصبح وصفاً صالحاً للتداول المبتذل لكل من له مصلحة، فيجيّش الأتباع لإضفاء هالة إيجابية على عمله الجليل بنظره.
بنظره ولكن ليس بنظر الآخر المختلف !

ولا تنس أخي الفاضل أن هناك كلمات لها مدلول نفسي كما يقول اللغويون.
فكما أن كلمة ملحد أصبحت تعني القذارة والنجاسة فوق ما تعنيه في الحقيقة لغوياً، فإن كلمة : مستنير سيستغلّها المتسلّقون على المعرفة (كعادتهم) لنسْبها إلى أفعالهم، حينذاك ستخرج على أياديهم كلمة (التنوير) من منطوقها اللفظي، لكي تُوائِم مصلحة منْ يثبت أنه الأكثر فاعلية على الساحة.

العلوم البحثية واللغوية والقانونية تتوخّى الدقة في انتقاء المفردات، للتعبير عن حالة واقعة بحيث لا يتسرب الشك للطعن في دلالتها. ويظل اختيار المصطلح أو المفردة السليمة تعبيراً عن سعة الاطلاع، والتمكّن من اللغة والإحاطة باحتياجات الإنسان الطبيعية.

على الإنسان أن يتقبّل بتعقّل واحترام وانفتاح كل اختلاف في وجهات النظر، شاء أم أبى، وليس له اشتراطات عليك، وليس لك المهادنة أو الاستجابة كرمى لعينيّ الخصم الرافض لفكرك، المتغوّل عقله بتفوق مزعوم ما عاد معه يستطيع أن يتقبّل الاختلاف أو النقد.
ملحد كافر لا ديني ... لا يهم أي لفظ استخدمتَه، ألا يؤدي الغرض نفسه ؟
بعد أن شاع المعنى وتمكّن من العقول، هل على الملحدين أن يبدؤوا من جديد بعمل لا ندري إن كان سيؤدي إلى نفس النتائج القديمة التي تعب المصلحون السابقون حتى رسّخوها ؟
التغيير الذي تطالبون به شكلي، لا يتناول المضمون.

الأستاذ القدير كامل النجار اختار اللفظ الأدق : اللاديني.
وأراه أفضل من أي لفظ آخر. فالكافر من الأديان الأخرى مغضوب عليه.
والملحد قذر ونجس وعدو الله.
أما اللاديني فكلمة حديثة، بدأنا نسمعها مع انتشار الأنترنت. وإن كانت الظنون القاتمة تحيط بها، إلا أنه لم تتلبّسها الصفات الشنيعة التي علقتْ بأخواتها. ورغم أنها في نفس دائرة الكفر، فما زالت في مأمن من الطعن العميق، وفي منأى عن السهام التي يُرمى بها من يفاخر بأنه ملحد.

المستنيرون، (الإيلوميناتي) أو الطبقة المستنيرة في التاريخ، هي منظمة سرية باطنية (كما يُردد)، تعمل بمؤازرة الماسونية والصهيونية على حبك المؤامرات، وقلب نظم الحكم التي لا تتفق معها، والتحكّم بشؤون العالم وإدارته من خلال الشركات والمنظمات الأهلية القوية بحسب مصالحها !
وما زالت الشكوك تحوم حول أحفاد (المستنيرين) إلى اليوم.
فإن كانت المنظمات الأهلية (حركات المجتمع المدني) قد قوبِلتْ بالاستهجان، فهل يا ترى يصلح استخدام هذه اللفظة المشبوهة (المستنيرون) للتعبير عن واقع الإلحاد في بلادنا أهل نظرية المؤامرة ؟ وأهل المنهج الثابت في رمي كل مختلِف بكل قبيحة ورذيلة ؟
وأخيراً .. هل حقاً كل الملحدين مستنيرون ؟ أخلاقيون ؟ إنسانيون ؟

تفضلوا التقدير ، والسلام عليكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دردشة مع الأخ سامح
شاكر شكور ( 2016 / 3 / 5 - 21:26 )
الحقيقة الإلحاد فلسفة قد لا تكون دائما المحطة الأخيرة في حياة الملحد ، فالحياة مستمرة وإلإنسان معّرض لإنقلابات فكرية قد تجعله احيانا يتذبذب بين الإيمان والإلحاد ويمكن ان يصاب المؤمن بالشك فيأخذ درجة من الإلحاد لفترة معينة ، كلمة الملحد تشبه كلمة المحتج على صحة شيئ معين فيغير الشخص الأتجاه عن مسار الجماعة لكن الناس استخدموا الكلمة كرفض الإيمان بالله ، أما كلمة مستنير فهي وصف يدل على الغرور ، برأيي لا يجوز إطلاق تسمية اللاديني على الملحد لأن اللاديني يمكن ان يؤمن بوجود خالق للكون لكنه يرفض منهج الأديان لتعريف الله اما الملحد فله فلسفة تختلف ، قد تتفاجأ إن قلت لك ان الإنجيل نفسه لا ديني لأنه يدعو الى تكوين علاقة شخصية بين الخالق والمخلوق دون الحاجة لوسيط بشري وكل ما تقوم به الكنائس هي طقوس بشرية غايتها تمجيد الله وتثبيت المؤمن على ايمانه وهذا لا يدعو الى إنشاء دين ، احيانا يكون الدين هو السبب في الإلحاد فالصدمة تأتي عندما تكون اخلاق الدين ومبادئه ادنى مستوى من اخلاق المجتمع اوعندما ينسب دين معين الى الله تصرفات بشرية متخلفة فذلك يزيد من استهزاء الناس بذلك الإله ، تحياتي اخ سامح


2 - لا دينية
ماجدة منصور ( 2016 / 3 / 6 - 01:49 )
أنا أفضل أن اسمى ( لا دينية) و لكني أؤكد لك..استاذ..بأنه سرعان ما ستطال هذه التسمية اللعنات المباركة0
و الله و رسوله اعلم


3 - كلمة (مستنير) وصْف يدل على الغرور ولا تعني الإلحاد
سامح ابراهيم حمادي ( 2016 / 3 / 6 - 10:04 )
تحياتي الفاضل الأستاذ شاكر شكور

أهلا بك سيدي. دردشة تدل على استنارة صاحبها.
أخي الكريم

مفردات : الاستنارة،المنير،المستنير،وما شابهها من مرادفات، صفات إذا أطلقناها على الأشخاص فهي مقبولة
و يسعدني أن المستنيرين، كالحضرات الذين أحاورهم في مقالي، وفي التعليقات الآن، يطرحون مقدمات لحوارات بنّاءة

أما أن نطلق كلمة(مستنيرون) على فلسفة الإلحاد، فهذا يعني تخصيص هذا الاتجاه بالاستنارة وحرمان الاتجاهات الأخرى من المعنى القيمي الذي تحمله الكلمة

وفي عنوان ردّي أعلاه اخترت من تعليقك الكريم العبارة التي وقفت عندها ووجدتُ أنها أكملتْ وأضافت إلى فكرتي

رؤية رحبة للدين تفضلت بها

أسعدتني مشاركة أستاذ قدير أكنّ له الاحترام


4 - ملحد كافر لا ديني) تتلبّسها الصفات الشنيعة)
سامح ابراهيم حمادي ( 2016 / 3 / 6 - 11:05 )
تحياتي سيدتي الفاضلة الأستاذة ماجدة منصور

فلسفة التجربة والبرهان العقلي، تحت مسمى إلحاد، تعبر عن اتجاه يرفض حكم الآلهة للبشر، وسقوط الإنسان في الاستعباد
والمترادفات: كافر، ملحد، لا ديني، تؤدي إلى معنى لا تحمله كلمة : استنارة(ملحدون مستنيرون)

حتى لو استبدلنا بكلمة إلحاد مفردة استنارة، فإن اللعنات ستطولها
كل ما حصل أن التسمية تغيرت وبقي المضمون على حاله

شرّفتِني شكراً لك


5 - هل كل الملحدين مستنيرون؟ أخلاقيون؟ إنسانيون؟
سامح ابراهيم حمادي ( 2016 / 3 / 6 - 11:37 )
الأستاذ الفاضل يحيى سعيد (من الفيسبوك)

أخي الكريم

لا الإلحاد ولا الدين يجعل الإنسان أخلاقي السلوك إنساني النزعة
وأرى المتدين شرساً مرهِباً عنيف الميول نرجسي الهوى، وهو يستعلي على الآخر المختلف، ويعتبر نفسه متميّزاً عن الآخرين الذين لا يماثلونه في طرق التفكير والحياة

ما يجعل الإنسان مستنيرا أخلاقياً إنسانياً هو تشرّبه قيم الحداثة

القانون الوضعي، قلّم أظافر الإنسان وقوّم نظرته لمسؤوليته عن أفعاله في الحياة

انتفت مع القانون، ومع مبادئ حقوق الإنسان فكرة مغفرة الله لخطايا البشر مهما أجرموا
وأصبح مسؤولا مباشرة عن علاقته كفرد في المجتمع عليه أن يعمل للنهوض به لينهض بنفسه

الملحد الفاجر، هو منْ مسّ قيم الحداثة من خارجها ولم يتمثلها بعقله وداخله
وما أكثر هؤلاء في حياتنا

شرّفتني مع احترامي


6 - تحياتي وتقديري
بارباروسا آكيم ( 2016 / 3 / 6 - 13:54 )
بالنسبة لكلمة [ مستنير] فلست أَنا من إِقترح المصطلح بل كان السيد الحكيم البابلي ، وبالنسبة لهذا الموضوع بالتحديد أَي [ تعريف المصطلحات ] فقد طرحه الأُستاذ سامي الذيب في برنامج ( الجهر بالإلحاد )

لأَن المصطلحات العربية كلها مطاطية ولاتؤدي المعنى المطلوب ، يعني كلمة ملحد في قواميس اللغة العربية لاتساوي اللاديني بل تعني ببساطة المائل أَو المخالف . والإسلام يفترض أَساساً إِنه دين الفطرة ، فكل مائل عنه هو مائل او مخالف للفطرة يعني ملحد ..وهذا عكس المنطق ، فكل طفل يولد لاديني ويكتسب لاحقاً ( الدين والأَديولوجيا والأَفكار والعلوم ) من المحيط

قضية أُخرى هناك مصطلح يوناني قديم هو اللاإِلهية ، ولكن اللادينية لاتعني بالضرورة اللاإلهية لأَن كثير من الملحدين ربوبيون أَو لاادريين ، كما ان واحدة من الديانات الكبرى ( البوذية ) ديانة عديمة الآلهة ومع هذا فلا يمكن ان نعتبر البوذيين لادينيين او ملحدين


7 - المصطلحات العربية مطاطية تدل على عقل لا فلسفي
سامح ابراهيم حمادي ( 2016 / 3 / 6 - 23:48 )
الفاضل القدير بارباروسا آكيم

كل معلومة من قارئ مثقف خارج ما طُرِح في المقال إضافة ثرية لمنْ ينشد المعرفة
وقد أشرت حضرتك ولو بإيجاز إلى مصطلح(اللاإلهية)اليوناني

سيدي آكيم
كلما غصنا في المعرفة اكتشفنا عظمة اليونانيين،وكلما طالعنا أحداث تاريخنا وجدنا الدور الكبير الذي قام به الأفذاذ السريان لإغناء ثقافتنا العربية

مقارنة مجحفة لو وازنّا بين ما كانوا عليه وما أصبحنا اليوم عليه
هل يقارن الثرى بالثريا؟

لو لم يُحجَر على العقل الفلسفي لكنّا في مقدمة شعوب العالم اليوم،فكل الوسائل كانت بين أيدينا
بعد أن تجمد العقل العربي أصبحنا نتخبّط في ترجمة المصطلحات
لم يعرفوا بماذا يترجمون الكلمة فقالواعن التلفزيون:الرائي!

عندما لم أجد مشاركة تلقي ضوءاً على فكرة الزميل ميشو وجدت أن أطرح ما لدي
وأنا أعلم أنك لست من اقترح المصطلح
أرجو أن تقبل اعتذاري لعدم توضيحي الأمر،فقد خشيت أن يظن الزميل أني أعمد إلى المشاحنة فتجاوزت الإشارة إليه

من جهتي أشرتُ في المقال إلى أن العلوم البحثية واللغوية والقانونية تتوخّى الدقة في انتقاء المصطلحات بحيث لا يتسرب الشك للطعن في دلالتها
وهذا كان هدفي

أشكرك على مشاركتك
احترامي

اخر الافلام

.. تونس: المرسوم 54.. تهديد لحرية التعبير ومعاقبة الصحافيين بطر


.. الجزائر وليبيا تطالبان المحكمة الجنائية الدولية باعتقال قادة




.. إعلام محلي: اعتقال مسلح أطلق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا


.. تحقيق لـ-إندبندنت- البريطانية: بايدن متورط في المجاعة في غزة




.. مستوطنون إسرائيليون يضرمون النار في مقر وكالة الأونروا بالقد