الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات إمرأة مسلمة (2)

منال شوقي

2016 / 3 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بينما كانت نهي منهمكة في كي ملابس زوجها جائتها أصغر بناتها رقية و قالت لها : ماما ، عندي سؤال .
نهي : إسألي يا لمضة ما أنا عارفة أسئلتك مبتخلصش
.
رقية : هو ليه الأسانبسير بيقول سبحان الذي سخر لنا هذا و ما كنا له مقرنين ؟
.
نهي : لأن ربنا وفقنا ليه و من غيره كان هيتقطع نَفَسِك كل يوم و إنتي طالعة السلم .
.
رقية : لكن الأية دي مش عن الأسانسير ، إحنا درسناها في المدرسة و المس لما شرحتها مجبتش سيرة الأسانسير خالص ، إتكلمت بس عن الفلك و الحمير حتي شوفي : والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون
فين بقي الأسانسير ؟
.
توقفت نهي للحظات عن الكي و هي تنظر لإبنتها في حيرة ثم قالت .
نهي : قوليلي ، مش الفلك و الانعام كانت وسيلة مواصلات زمان قبل إختراع السيارة و القطار و الطيارة ؟
رقية : أيوه
نهي : طيب يا حبيبتي زمان علي أيام الرسول صلي الله عليه و سلم مكانش في الحاجات دي ، كان الناس بيستخدموا الدواب في سفرهم و علشان كده ربنا سبحانه و تعالي ذكر الحاجات اللي الناس كانوا يعرفوها في الوقت ده و لم يذكر السيارة و القطار و الطيارة و الأسانسير لأن الناس ما كانوا يعرفوهم ، لكننا الأن نعرفهم و علشان كده إحنا فهمنا إنهم من المسخرات لينا طالما إننا بنستخدمهم في نفس الغرض و هو الإنتقال من مكان لمكان .
.
بدا أن رقية لم تعجبها إجابة أمها علي سؤالها فوضعت إصبعها في فمها و نظرت للأرض و لم تتكلم ثم استدركت قائلة .
رقية : طيب قبل الناس ما يخترعوا الفُلك مكانش ربنا لسه سخرها ليهم ؟
و قبل ما يخترعوا الطيارة مكانش لسه كمان سخرها ليهم ؟
.
نهي : لا طبعاً كان مسخرها ليهم لكن مكانوش لسه إخترعوها .
.
رقية : لكن الناس ماخترعوش الأنعام و ربنا هو إللي خلقها و الناس ركبوها من غير تعب ، ليه بقي ربنا مش إخترع هو الفلك و القطار و السيارة و الأسانسير و سخرها للناس زي الأنعام ؟
.
نهي : ( و قد بدأت نبرة صوتها تعلو مما يشي بنفاذ صبرها ) يعني إنتي عاوزة كل حاجة علي الجاهز ؟ مش عاوزة تتعبي أبداً ؟ أومال ربنا خلقلك عقل تعملي بيه إيه ؟
.
رقية : ( معترضة ) ما هو يا ماما لو الناس هما اللي خلقوا الحاجات دي يبقي هي بتاعتهم هما و ربنا ماخترعهاش يبقي إزاي يقول إن هو اللي سخرهالهم ؟!
.
نهي : ( مُحاولة أن تتمالك أعصابها ) : أولاً ميصحش تتكلمي عن ربنا بالطريقة دي ، ثانياً ، مش ربنا هو اللي خلق العقول إللي إخترعتها ؟ خلاص يبقي ربنا هو إللي هدانا ليها و كده يبقي هو إللي سخرها لينا .
.
رقية : طيب سؤال ، مش ربنا خلق الناس بعقول من زمان ؟ ليه بعقولهم دي ماخترعوش الأسانسير ؟ ما طول عمرهم عندهم عقل ؟
.
نهي : لأن عقولهم كانت بسيطة و احدة واحدة إتعلموا و تقدموا ، باين مش هنخلص من أسئلتك النهاردة و هتصدعيلي دماغي كالمعتاد .
.
رقية : أومال أسأل مين يا ماما بس ؟ لما بسأل المس بتقولي إن عقولنا صُغيرة و لا يمكن تفهم حكمة ربنا و أنا الأسئلة بتيجي في دماغي و مش بقدر أوَقفها !
.
نهي : لما تيجي في راسك أسئلة زي دي إستعيذي بالله من الشيطان الرجيم و اتفلي ثلاثاً عن يسارك زي ما علمنا الرسول عليه الصلاة و السلام .
.
رقية : يعني إيه أتفل ؟
.
نهي : ( بغل ) يعني إبصقي ، يعني تفي علي وشه .
.
رقية : و اتف علي وشه ليه ؟
.
نهي : علشان يغور في داهية
.
رقية : طيب ما هو بيرجع تاني و مع ذلك أهوه ( تبصق ثلاث مرات علي يسارها ) رجع تاني يا ست ماما و جايبلي سؤال
.
نهي : اووووووووف ، قولي
.
رقية : إنتي قولتي إن الناس زمان كانت عقولهم بسيطة و اتعلموا واحدة واحدة ، صح ؟
.
نهي : أيوة مظبوط
.
رقية : إنتي متأكدة من الكلام ده ؟ يعني الناس دلوقتي عقولهم أحسن من عقول الناس زمان و بيفهموا أكتر منهم ؟ يعني اللي إخترع الطيارة عقله أحسن من عقل الناس زمان إللي كانوا بيركبوا الناقة ؟
.
نهي : تمام ، عليكي نور ، أخيراً فهمتي ، إمشي بقي خليني أشوف إللي ورايا !
.
رقية : ( وهي متجهه لباب الغرفة ) هههههههههههه ، ماما
.
نهي : إيه تاني ؟
.
رقية : الرسول كان بيركب ناقة ، واتولد زمان زي الناس إللي عقولهم بسيطة و انتي قولتي إن الناس دلوقتي عقولهم بتفهم أحسن من عقول الناس بتوع زمان . الشيطان جابلي الفكرة دي في راسي بعد كلامك .
.
نهي ( متمتمة ) أستغفر الله العظيم .
.....
إستقبلت نهي نبأ ولادة ضرتها إبتسام بمزيج من الغيرة و الخوف فقد رزقها الله بالولد و مَنَ به علي زوجها ناجي بعد ثمانية بنات شاركت هي فيهن بثلاثة .
و ابتسام و هي زوجته الرابعة تصغره بسبعة و عشرين عاماً إذ تزوجها منذ عشرة أشهر و عمرها أربعة عشر عاماّ بينما يسلغ هو الأن الثانية و الخمسين !
و الحق فقد صبِر عليه زوجها لمدة أربع سنوات لم تحمل هي خلالها قبل أن يتزوج زوجته الثانية أميرة و التي وَلَدت له هي الأخري ثلاثة بنات أيضاً قبل أن يتزوج تغريد المُطلقة و لديها طفلان لتُنجِب له بنتان هي الأخري رغم أن الحاج تزوجها لسابق إنجابها ولدين ظنا منه - و هو المُتعِلم - أنها ستأتي له بالبنبن لأنها سبق و فعلت من زوجها السابق .
.
جاء الولد أخيراً إذن و عَلِمت نهي من ببعض قريباتها أن زوجها أولم وليمة ثاني يوم ميلاد إبنه مازال الناس يتكلمون عنها و اليوم سيقيم شادراً كبيراً في الشارع و قد ذبح أربعة عجول و سيُحيي الحفل باقة من نجوم الغناء الشعبي إلي جانب فرقة التنورة و عدد من المبتهلين .
و قد أمرها أن تستعد للذهاب في المساء للذهاب هي و البنات لبيت ابتسام لتُبارك لها و أعطاها أيضاً سلسلة ذهبية غليظة بها مُصحف و تزن تقريباً 100 جرام لتقديمها لضرتها كهدية .
لا تنكر نهي أن زوجها كان يُولم لبناته في سبوعهن بشاه كما أمرنا الرسول ( صلعم ) و لكنه اليوم لا يتبع السُنة النبوية و يُولم لميلاد إبنه بشاتين و إنما ذبح بالفعلين عجلين و هاهم أربعة أُخر في طريقهم الذبح اليوم ، فهل هذا عدل ؟
هكذا سألت نهي نفسها ثم انتبهت للشيطان الذي يُحاول أن يعكر عليها صفو حياتها و يبذر بذور الضغينة بينها و بين ضرتها بل و يزرع في قلبها النقمة علي زوجها الذي لم تره منذ جاء الولد إلا مرة واحدة فاستعاذت بالله و قامت تتوضأ و تصلي لتطرد هذا اللعين من رأسها .
في المساء إرتدت نهي أبهي ثيابها تحت العباية السوداء ، فستان عاري الأكتاف من الدانتيل الأرجواني بينما قامت الكوافيرة الإسلامية التي أتتها في البيت بتصفيف شعرها و تجميلها فبدت كعروس في ليلة خطبتها رغم بلوغها الرابعة و الأربعين .
و كذا فعلن بناتها فالحفل مقسوم لقسمين أحدهما للرجال في الشارع حيث الشادر الكبير و المُزين بالأضواء المبهرة و الثاني للنساء المسلمات منقبات و محجبات في بيت ابتسام حيث مُتاح خلع العبائة و النقاب .
كانت إبتسام تجلس في مواجهة باب الصالون ، طفلة تحمل طفلاً و كانت تلك المرة الأولي التي تراها نهي رغم أنها رأت ضرتيها الأخريتين في أكثر من مناسبة إلا أن الحاج ناجي و الذي كان حريص فيما سبق علي جمع زوجاته في مناسبات مختلفة - كإفطار عدة أيام سوياً في رمضان أو في العيدين الكبير و الصغير- لم يواصل عادته و لم يجمع النساء الثلاثة بابتسام و الأن هي تعرف السبب ، فلابد أن مظهرها الطفولي هو ما أثناه عن أن يفعل إذ لن يتردد أحد في الإعتقاد في أن ابتسام هي إبنته إن رأهما معاً ، و لما لا و هي في عُمر ثاني بناته و ليس أكبرهن !
.
جلست نهي بجانب أخت زوجها بعد أن قدمت التبريكات لأم الولد و ألبستها السلسلة بنفسها فصار في رقبة إبتسام خمسة منهن كل واحدة منهن أثقل من الأخري ، ثم و علي حين غرة قامت ضرتها الثانية أميرة و جلست بجانبها و همست لها : عاجبك اللي بيحصل ده يا ام البنات ؟
نهي : لا حول و لا قوة إلا بالله ، خير يا أميرة إيه اللي بيحصل ؟
أميرة : ( بنفاذ صبر ) لا بقولك إيه ، مش وقت الدروشة بتاعتك دي خالص .
نهي : أنا مش فاهمة إنتي قصدك إيه ،و بعدين إشمعني أنا اللي جايه تشتكيلي ما عندك تغريد
أميرة : تغريد إيه و بتاع إيه ؟ سيبيها تربي عيالها من جوزها الأولاني ، هي كانت لاقية حد يأكلهم بعد طلاقها ؟ دي ف نعمة دلوقتي و بتبوس إيدها و ش وضهر ، تقدر تفتح بؤها !
نهي : و عاوزة إيه بئا يا ضرتي العزيزة ؟
أميرة : ضرتك إيه يا خايبة ده إحنا إخوات ( مبتسمة )
و صحيح أنا اللي بعدك و خدته من عليكي لكن أهي جات التالته اللي خدته من عليا
نهي : إسمعي يا أميرة أنا محبش أسمع الكلام ده ، إيه اللي خدتيه و خدته ؟ هو الحاج ناجي عيل لا سمح الله ؟ ده راجل و عارف بيعمل إيه و اللي عمله شرع ربنا و محدش يقدر يلومه ، حقه و ربنا أذنله .
أميرة : ربنا يكملك بعقلك يا أم البنات ( ممصمصة شفتيها ) ، أحب بس أوجه عناية سيادتك إلي أن الحاج بيبني للسنيورة فيلا في المقطم .
نهي : ( متفاجأة و ناظرة لأول مرة في إتجاه أميرة ) جبتي الكلام ده منين ؟
أميرة : طبعاً ما إنتي معتكفة في غار حراء بتاعك ، إنتي دارية بالدنيا !
.
و بينما أميرة تحملق في الطفلة أم الولد و التي ستسكن فيلا بعد عشرة أشهر من الزواج بينما هي و بعد عشرين عاما من الزواج تسكن شقة فخمة في إحدي عمارات زوجها إذ دخلت هناء أخت زوجها الصغيرة من أبيه و كانت تبدو سعيدة كما لم تراها من قبل و توزع الضحكات و القبلات علي كل من صادفها .
أميرة : مالك ؟ مستغربة إنها مش لاوية بوزها و حاطة مناخيرها في السما كالمعتاد ؟
نهي : ( تنظر لأميرة بصمت )
أميرة : فاروق جوزها كان هيتجوز عليها و الحاج فرمله ( تضحك )
نهي : ( متسائلة ) فرمله ؟
أميرة : ( متهكمة ) أيوة فرمله ، يعني كتمه ! هدده إنه هيخرب بيته و يرميه برا الشركة و يسجنه لو إتجوز علي أخته و لما فاروق قاله ده ما يرضيش ربنا ياحاج , ربنا قال مثني و ثلاث ورباع و إنت بركتنا و عملتها قبلي ، رد الحاج و قاله : أنا ليا عذر علشان كده إتجوزت ، و إنت مراتك جابتلك الولد و البنت ، مش تفهم كلام ربنا قبل ما تنطقه ؟
راح فاروق قاله طيب مش ربنا هو اللي قال : يهب لمن يشاء إناثاُ و يهب لمن يشاء الذكور !
قام الحاج قاله إسمع يا فاروق ، هي كلمة واحدة تتجوز علي أختي هبهدلك و اقلب حياتك جحيم ، و لما الشيخ عوض صاحبه راح يكلمه و قاله إنت بتحلل لنفسك و تحرم علي غيرك و ده مش عدل و ما يرضيش ربنا ، قام الحاج كاتمه بحديث ( مقهقهه )
نهي : حديث إيه ؟
أميرة : فكره بحديث الرسول لما علي حب يتجوز علي بنته السيدة فاطمة لما قاله : إنما فاطمة بضعة مني يؤذني ما أذاها و يغضبني ما أغضبها ، ثم متمتمة : أستغفر الله العظيم ، العدل حلو برضه !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حلوة شخصنة
طاهر مرزوق ( 2016 / 3 / 6 - 20:30 )
الأستاذة الدكتورة/ منال شوقى
أخلص تحية وتقدير على اسلوبك القصصى الرشيق والسرد الممتع للإعجاز والسبق العلمى فى تعريف اهل قريس بوظيفة الأنعام حيث كشف لهم وضعية الإستواء على ظهور البغال والحميل والجمال والبقر.
ولولا تلك المعلومات الهامة عن الأنعام لما أستطاعت قبائل قريش ويثرب وغيرها التعرف على وظيفة تلك الانعام على عكس البلاد المجاورة لهم التى كانت تعيش فى حضارة مثل بلاد مصر والشام مثلاً، ولو كان جاء احدهم إلى بلادنا أى مصر وقال هذا الكلام لسخرت منه الناس!!
عموماً أنا شايف إن كلمة شخصنة كلمة كبيرة قوى على الأخ مسلم فى الفيسبوك، أخشى إنه يفهم أنك تقصدى عكننة وانا مش عايزه يزعل منك. .. خلينا نضحك شوية
وشكراً لك على هذا الأدب الجميل والمعرفة التى لا تحتاج إلى تأويل وتفسير رجال دين وإلا السلام على عقول البؤساء من شعوبنا العربية.

اخر الافلام

.. تفاعلكم | القصة الكاملة لمقتل يهودي في الإسكندرية في مصر


.. عمليات موجعة للمقاومة الإسلامية في لبنان القطاع الشرقي على ا




.. مداخلة خاصة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت


.. 108-Al-Baqarah




.. مفاوضات غير مباشرة بين جهات روسية ويهود روس في فلسطين المحتل