الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطرف الديني أسبابه وعلاجه (2)

طاهر مسلم البكاء

2016 / 3 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الشبهات والفتن :
ولم يسلم بلد او دين او فكر من الفتن والشبهات ،وتسمى بالشبهات لأن صاحبها يحيكها قريبة من الواقع او انها قريبة الشبه بالحق ، ويتطلب رفض الفتنة وعدم الأنسياق لها وعي وفطنة المتلقي وهو ما لايتوفر للجميع وبالتالي يكون الأنسياق الى الفتن سهلا ً ،أشبه بمسير النار في الهشيم ،لابل يصبح من الصعب رفض الفتنة والوقوف ضدها،وهذا ماابتليت به بلادنا وعلى فترات طويلة من التاريخ الأسلامي .
إن الإسلام هو دين الوسطية كما قال تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} (البقرة: 143) وهو يدعو إلى الاعتدال وعدم الإفراط والتفريط ،
أما الكفر فهو قائم على التشدّد والإفراط. فعن الإمام علي (ع): ( يقوم الكفر على أربع دعائم: على التعمق، والتنازع، والزيغ، والشقاق، فمن تعمّق لم يَنب إلى الحق )، ومن هنا كفر الذين غالوا في الدين أو في الأولياء ،وبنفس السياق يقول أيضا ً : هلك فيّ اثنان، محب غالٍ ومفرط غال .
سيماء المتطرف :
لايقتصر التطرف على فئة عمرية ،ولكن نسبه تتصاعد في سن الشباب ،لما للشباب من دور مهم ولطبيعتهم التكوينية ،كونهم الثروة المهمة للبلاد فان استغلت كانت ثروة ايجابية كبيرة وان أهملت وهمشت ،حملت بؤر الأنحراف والجروح العميقة في جسد المجتمع ،وأبرز ما يتصف به الأنحراف :
1- التعصب مصحوبا ً بالأنغلاق الفكري والديني .
2- ادعاء الأعلمية ،واعتبار الآخرين على خطأ أو جهل بالحقيقة .
3- صفات فضة كالغلظة والفظاظة .
4- سوء الظن بالآخرين والأعتقاد انهم خارجون عن الدين ولن يأتوا بشئ مفيد .
وهذه تولد بؤر سوداء في بنية المجتمع مؤدية الى الفتنة واعمال العنف ومحاولة خلق تيارات مضادة لحركة المجتمع ،ومن أخطر ما تؤدي اليه هو ارتمائهم في احضان العدوفي أول فرصة ، والعمل بالضد من مصلحة البلاد .
ولذا فأن مواجهتهم بالعنف تكون غير ذات فائدة ،بل من الأفضل ان يعالج التطرف بطرق مريحة من مثل التربية النفسية والأجتماعية وتوفير فرص العمل ،حيث ان البطالة من أكبر الآفات التي تعشعش بداخلها الأمراض الأخرى ومنها التطرف ، ومحاولة كسبهم بالحوار الهادف ،و التوعية البعيدة عن المواجهة ، ومن أفضل أنواع الترويح ،الأكثار من النوادي الأجتماعية الموجهة،التي توفر الأحتكاك الأيجابي وتوضح الرؤى الصحيحة بطريقة ناعمة .
مجتمعنا يعاني من التطرف الغير مدروس :
لازلنا نواجه العنف بالعنف دون ان ندرس الأسباب التي تؤدي الى التطرف والأنغلاق ، فنحن نصر على اعتبار الماضي الملئ بالأحداث السلبية هو اساس تعاملنا وطريقنا لسياسة الناس ، ونجد ان التاريخ يدرّس في كل دولة اسلامية بشكل وبطريقة تلائم الحاكم وطريقة اتخاذه من الدين وسيلة لأستمرار سلطته ،والأغرب اننا نجد ان التاريخ يتم تناوله بصور مختلفة في البلد الواحد ، وبأتجاه لايخدم سوى الفرقة والتقزم .
وهناك خطورة كبيرة على حياة الدعاة الذين ينتقدون التطرف ،ويبرزون حقائق الدين الصحيحة ،حيث يمكن ان تتعرض حياة هؤلاء الأصلاحيين الى الخطر وبسهولة تامة ،ومن الأمثلة على ذلك ان التكفيريون عند احتلالهم للمدن العراقية ، قتلوا مئات العلماء من أهل السنة الذين رفضوا تطرفهم ودعوا الى الأعتدال والديانة الحقة ،والحقيقة ان الحكومات الضعيفة والفاسدة تساعد هؤلاء المتطرفين من حيث لاتقصد ،بتوفيرها الأسباب التي تدعم تحريضهم الناس بأتجاه أفكارهم ، فعندما يغيب الحق والعدالة وفرص العمل الكريمة ،ويشعر المواطن انه مهمش في وطنه ،وهناك من يفضّل عليه بالفرص والأمتيازات دون وجه حق ، فأنه سرعان ماينساق بأتجاه دعاة الغلو والتطرف .
ان انتحال التكفيريون والأرهابيون صفة أعتناق الأسلام ، وادعائهم انهم يمثلون الأسلام والمدافعون عن مبادئه ومن ثم الأساءة اليه بما يظهرون من سلوكيات لا تمت للأسلام بصلة ، كالهجوم على دوله وتخريبها وقتل المسلمين وتهجيرهم والأعتداء على المدنيين بدعوى الجهاد ،وقتل المسلمين الأبرياء من مختلف البلدان الأسلامية ،واستهداف المدنيين في كل مكان يصلون اليه وكذلك تحطيم التماثيل وهدم أضرحة الأولياء والكنائس، والتمثيل بالجثث ،والمتاجرة ببيع الأعضاء البشرية ،والنيل من معتنقي الأديان الأخرى ،هي جميعها بعيدة كل البعد عن تعاليم الدين الأسلامي السمحاء ، دين السلام والهداية والرحمة الذي خاطب الناس جميعا ً، أينما كانوا ، قبل ألف وأربعمائة سنة :
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ . .الحجرات... 13 .
أن المسلمين في عصرنا الحالي تعرضوا إلى الاحتلال المباشر والغير مباشر ،وواجهوا أعتى عدوان أستيطاني عنصري ، واستغلت ثرواتهم الهائلة ،التي أنطلقت أكبر احتياطيات الطاقة فيها ، ببركات محمد ودينه الحنيف ، في ذات الصحراء النجدية التي شع فيها الإسلام إلى العالم، استغلت لتأخير المسلمين والبطش بهم وتشويه دينهم وسمعتهم ،وهم يتعرضون اليوم الى اكبر هجوم مباشر من فرق مستولدة من قبل اعداء الأسلام، و للقتل والتهجير وتخريب دولهم وكذلك لأكبر عملية تشويه واساءة يتعرض لها الدين الحنيف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah