الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الاعتصام المفتوح في الجامعة الأردنية

فاطمة محمد وشاح

2016 / 3 / 7
التربية والتعليم والبحث العلمي


عن الاعتصام المفتوح في الجامعة الأردنية
" الإنسان أغلى ما نملك " هكذا جاء في أحد الخطابات الملكية، شعار كثر تداوله وبه يصير وطنا ما أولاً، وعلى الرّغم ممّا يتضمّنه هذ االشّعار من تمجيد للفرد " الإنسان " بغضّ النّظر عن جنسه وعرقه وانتماءاته السّياسيّة والفكريّة والدّينيّة، بل وبغضّ النّظر عن كونه مواطنًا يحمل الجنسيّة أم لا - مهاجرين وأنصار ولاجئين - وعلى الرّغم من كلّ ذلك لا تملك جموع ذاك الوطن إلّا أن تسير حاملةً عبء علامتَي استفهامٍ وتعجّب..
في وطنٍ علّمونا في مدارسه - وتحديدًا في وحدة الدّيموغرافيا والسكّان- أنّه مجتمع "فتيّ" يشكّل الشّباب النّسبة الأكبر من سكّانه، وفي كلّ أيلول تبثّ شاشته الرّسميّة تقريرًا يكاد يكون شبيهًا بتقرير السّنة الماضية عن أعداد الطلّاب الجدد الذين التحقوا بالمدارس، وفي " دولة المؤسّسات " حيث تَحيد تلك المؤسسات عن مصلحة الإنسان وتنحاز إلى المال، يستمرّ المجتمع الفتيّ بركض ولهاث لا نهاية له خلف لقمة العيش التي يُضحّى بها في معظم العائلات الأردنيّة من أجل تعليم أحد أفرادها، لقد أصبحت العائلة التي تُدرّس جامعيّاً أو أكثر مثيرةً لكلّ كلمات التّعاطف..
أمّا بالنّسبة لمفهوم " الوعي " الذي تضجّ به المدارس ومؤسّسات الإعلام الرّسميّة، والذي يُقدّم بصورة واجب وطنيّ وفرض شبه دينيّ ومقدّس، فإنّه يتحوّل إلى خطر عندما يمسّ بصورة أو بأخرى قرارت تصدر عن تلك المؤسسات !!
إذن ماذا علينا أن نعي؟ نحن نعي جيّدًا أنّ الوعي الذي يتطلّب الكثير من المعرفة والمناهج العلمية والبحثية قد صار أمرًا صعبًا في مؤسّسات أكاديمية تُقدّم نفسها على أنّها الأفضل وفي ذات الوقت يُخطئ رئيسها أثناء حفل تخريج للطّلبة المتفوّقين وطلّاب الطبّ والدّراسات العليا أكثر من خمسين خطأ لغويّ في خطاب لا يتجاوز الصّفحة! وينسف في مقابلة إذاعيّة احترام هذا المجتمع الفتيّ بإساءته للطلّاب، بل ويناقض نفسه عدّة مرات؛ إذ يقول عن اعتصام طلابيّ أقيم احتجاجًا على رفع أسعار الرّسوم بأنّ الاعتصام أمر مشروع، ثمّ يقول بأنّ معظم الطلّاب المعتصمين من الاتّجاه الإسلاميّ واليسار وذلك كلّه بصيغة اتّهام، وبهذا يظهر عدم احترامه لدولة المؤسّسات التي لن يكون لها معنى دون وجود أحزاب وتيّارات متعدّدة بالضّرورة، كما لم يسعفه تعليمه وشهاداته عن ارتكاب أغلوطة التّعميم، واعتماده في بيانه على معلومات مغلوطة، فالحقيقة والواقع يؤكّدان تفاهمًا لا مثيل له في جامعة تعدّ أما للجامعات وصرحًا علميّا علمًا يحوي جميع الأطياف الفكريّة والسّياسية، إنّه تفاهم قَلَّ ما يحدث في جامعة يصل فيها الاختلاف حدّ العنف أحيانا ...
لا نريد عنفًا، نريد وعيا يعزّزه العلم لا التّقليد، وتنقله من صورة المفهوم النّظريّ إلى صورة الواقع ممارسة حقيقيّة حرّة بصورة أحزاب واتّجاهات وتيّارات، المعارضة لم تكن يومًا أجندات خارجيّة، نحن أبناء الوطن فهذا الوطن والمربى والملجأ، فيه يريد الشّباب أن يكبر وينجح ويضحّي من أجل قضيّة عادلة، وهذا لن يكون دون تعليم متاح للجميع، تعليم حقيقيّ لا تضطر أن تشرح فيه وزارة التّربية معنى الانتماء والولاء في كتاب التّربية الوطنيّة، بل وتقدّم هذين المفهومين بصورة الطّاعة وممارسة الأنظمة والقوانين ضمن الإطار المحدّد سلفًا، دون أن تعلّم الطلّاب توسعة هذا الإطار أو توضّح وهمه، ودون أن تعلّمهم أنّ الطاعة العمياء رديفة الجهل وسبب العنف الذي يعدّ العنف الجامعيّ أحد أشكاله!
في الاعتصام المفتوح القائم منذ ثمانية أيام في الجامعة الأردنية والذي سُبِقَ على مدار سنتين باعتصامات واحتجاجات كثيرة، لم تُحترم حتّى الآن حقوق الطّلبة في الحصول على التّعليم بأسعار معقولة، ولم يُلغى قرار رفع أسعار السّاعات بنسب تتجاوز المئة بالمئة في جامعة هي حلم الكثيرين من الطلّاب، ولم تتحرّك الوزارات التي تهتمّ بالتّعليم والشّباب ...
اقترب عيد الأم، وفي الجامعة الأم، العيد بدأ منذ ثمانية أيام، ف" بأيّ حال جئت يا عيد؟ " و" يا يمّة في دقّة عبابنا" والأبواب مغلقة حتّى الآن !!!
فأين أنتم من هموم الطلاب وأغنيات اعتصامهم الذي جمع الأطياف والأطراف على هدف واحد؟ على أبواب رئاسة الجامعة الأردنيّة حيث اعتصم الطلّاب ثمانية أيّام وباتوا سبع ليال اقترب الخلق من الاكتمال، هنا سماء وأرض وإنسان ينتصر للحق، فخطيئة المعرفة هي الأشهى والأجمل على الإطلاق، معرفة الحقّ والحقيقة والسّير بنورهما ...
أدام الله وحدتكم، وكلّل هدفكم بفرحة التّحقيق ...
فاطمة محمد وشاح
( من خريجي الجامعة الأردنية )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشييع الرئيس ابراهيم رئيسي بعد مقتله في حادث تحطم مروحية | ا


.. الضفة الغربية تشتعل.. مقتل 7 فلسطينيين بنيران الجيش الإسرائي




.. هل ستتمكن إيران من ملئ الفراغ الرئاسي ؟ وما هي توجهاتها بعد


.. إل جي إلكترونيكس تطلق حملة Life’s Good لتقديم أجهزة عصرية في




.. ما -إعلان نيروبي-؟ وهل يحل أزمة السودان؟