الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تخريفات مفلس للخروج من الخرابة

سعيد رمضان على

2016 / 3 / 8
المجتمع المدني


التخريفات التي تأتى من المفلسين أمثالي ، افضل للشعب من المقترحات التي تأتى من الأغنياء.
خد مثلا نجيب ساويرس الذى يملك اكثر من 12 مليار دولار تبعا لمجلة فوربس- ماذا فعل لتنمية الاقتصاد وتحسين اوضاع الشعب ؟
أي ملياردير في مصر لا يمكنه ان يقول :
- كل من يملك مليار دولار يدفع مائة مليون دولار لدعم خزينة الدولة.
وربما اذا امتلك بعض الشجاعة سيقوله فقط ، لمجرد تحسين صورته، لكنه لو حث عصابته من الأغنياء فعلا في مصر على دفع مائة مليون دولار عن كل مليار ، عبر اصدار قوانين ملزمه ، سيكون مصيره السلخ حيا .. لذا هو يساهم بطرق اخرى لا تلزمه بشيء، كفرض الضرائب على صغار المزارعين ،ورفع الدعم عن السلع ، وهم بذلك يجعلون مع العدالة والقانون مهزلة .. فأنا مثلا لكوني مفلسا لا يمكنني اصدار قانون ، لكن أي ملياردير يمكنه في العلن أو من وراء ستار اصدار قانون يلزمني عند حدى ، لكى أتحول الى أخرس بحجة الحفاظ على النظام ، فلو قاومت اشبعت ضربا ، لكن لو قاومت اكثر مع اخرين وقمت بمظاهرة سيكون مصيري السجن او الاعدام .
الظاهر انك شيوعي ... ان مقترحك هذا اشبه بتأميم الثروة .. !!
لا أبدا .. فالمليون دولار فيه سته اصفار او لنقل الف الف دولار .. والمليار بالمثل فيه ستة اصفار أي الف الف مليون دولار .. فما قيمة مائة مليون عند من يملك الف الف مليون ؟ ... ثم ان السؤال الذى يدهشني .. هو ماذا سيفعل رجل بمليار دولار ؟ انه رقم خيالي فما بالك ب 12 مليار .. اضربهم في عشرة جنيه سعر الدولار حاليا ، فيكون الناتج 120 مليار جنية .. حتى لو أكل صاحبها كل يوم استاكوزا، وصبح على مصر يوميا بخمسه الاف جنية فسيظل عنده فائض هائل يتضاعف مع الارباح . ثم يموت يوما ويترك وراءه المليارات لأولاده .. ربما أثنين او ثلاثة او حتى دسته ، لكنهم بحكم الارث والتقسيم هم اطفال ولدوا ليكونوا من اصحاب الملايين ، ولدينا الى جانبهم ملايين المعدمين يعيشون حياة البؤس ، ويموت واحد منهم كل فترة في الشوارع بجوار صناديق الزبالة .
ماذا نفعل امام هذه الحالة ؟
لو طرحت هذا السؤال بجدية وجها لوجه امام ملياردير ، فسيرتعش من الشر الذى يراه فيك ، وسيتصل بمستشفى المجانين ، طالبا منهم سحبك وايداعك في اعمق مكان بالمستشفى .. الأيام الأولى بالمستشفى ستكون صعبة شوية .. لكن بعد اسبوع لن يكون لك عقل ولا صوت، كأنك شربت مائة كرسي معسل في جلسة واحدة وشوفوا الراحلين عماد حمدي واحمد رمزي في فيلم ثرثرة فوق النيل .
ومع ذلك فاقتراحي البسيط هو اقتراح أخلاقي وديني .. فعلينا ان نحث الاغنياء ان يتبرعوا من خلال وصية قانونية بثلث ثرواتهم بعد موتهم للدولة من اجل صالح المجتمع .. حينها سيرضى عنهم الله ويدخلهم فسيح جناته، وسينظر اليهم الناس بعد موتهم كنبلاء وأخيار بدلا من الحرامية الذين كانوا يسرقوهم طول عمرهم .
مقترحي الثالث منبثق من "عزومة السمك " والفكرة انه بدلا من ان يعزم محافظ وزير على اكله سمك بستة عشر الف جنية ضاعت في بطن الوزير واصحابه بجلسة واحدة في الإسكندرية .. اقول بدلا من ذلك ، بدلا من السمك وبدلا ما نحرم الوزير وأصحابه من الطعام، فلنعزمهم على طبق فول وبجانبه طبق مخلل و حزمه فجل وجرجير، وهو طعام أهل مصر كل يوم .
فهل يوجد ابلغ من ذلك عدلا .. ؟؟
فلنطبق الفكرة على كل رحلة وزير ومحافظ ومدير ... ولنضرب ناتج التوفير في عدد الوزراء والمحافظين والمدراء وهلم جرا بطول وعرض مصر المحروسة .. وشوفوا الناتج كام ..
وأنى اؤكد لكم أننى لست حسودا ، فبحكم كونى إسكندراني اكلت سمك وجنبرى ، وبحكم كونى موظف سابق اشتريت كل طعامي من مرتبي وليس من المال العام ، وحاليا اعيش بمعاش وليس من ثروة جمعتها بالنهب.
أما الوزراء والمحافظين وسكرتيري العموم والمدراء ، فلديهم مرتباتهم وحوافزهم وبدل حضور جلساتهم وسيارات حكومية وسائقين حكوميين ، يعنى مبسوطين .. ويمكنهم شراء الأستاكوزا والكافيار الروسي .
ويقال ان عمر بن عبد العزيز كان يناقش امور الدولة على شمعة واحدة ، فاذا تطرق الحديث الى أحواله الشخصية يطفئ الشمعة ، لأنها من المال العام وليس من ماله الخاص.
نصل الان لتخريف الغاء بناء السجون :
ان جملة" السجن اصلاح وتأهبل " هي ترجمة مهذبة لجملة " السجن مزرعة تفريخ الاجرام "
فليقل لي احدا .. السجن في مصر بيصلح ايه أو بيؤهل ايه ؟
العسكري السجان مثلا متوحش، يمارس وحشيته بحجة حفظ النظام في السجن ، لكنه يتحول في لمح البصر لرجل مهذب باسم الوجه مقابل علبة سجاير .. او خمسة جنيه محشورة بين الاصابع .
وقديما قال اليونانيون " إضمن أولا دخلا مستقلا ، ثم مارس الفضيلة "
والسجان نفسه لا يمكنه ان يمارس الفضيلة حتى لو كان اصلا رجل فاضل ، فمرتبه يساوى صفر. ولذا فهو بحاجة لزيادة الصفر الى واحد، فيتخلى قليلا عن الفضيلة ، ومع ارتفاع الاسعار سيتخلى اكثر عن الفضيلة لزيادة الواحد الى اثنين .. لكن الراتب يظل يـتأكل ويصبح توفير طعام الغد غير مضمون ، غير الملبس والمسكن ومصاريف التعليم والانتقالات وفواتير الغاز والكهرباء والاتصالات.
هذا عن عسكري قادر بحكم موقعه على زيادة دخله ، فماذا عن باقي المواطنين اصحاب الاجور المتدنية ، هذا غير ملايين تحكمهم البطالة ويعيشون تحت خط الفقر، لا يملكون أي دخل مستقل يسمح لهم بممارسة الفضيلة .
وهكذا يخنقهم المجتمع ويدمر أي فضيلة فيهم ، ثم تسحقهم السلطة بسلب حريتهم اثناء مطالبتهم بالعدالة ، ثم تبنى لهم السجون بحجة الاصلاح والتأهيل .. وفى نفس الوقت تفسح المجال للصوص الحقيقيون عبر سرقة البنوك بالقروض والمضاربات بقوت الشعب ،والاستيلاء على الأراضي ، وبناء ابراج سكنية يصل قيمة الشقة فيها الى ربع مليون جنية .. أيوجد ظلم ابلغ من هذا الظلم ؟
علينا حقا ايقاف بناء سجون وبناء مصانع ،وتحويل كثير من السجون الحالية الى اماكن انتاجية لسحب البطالة ، وتخفيف احكام المساجين الحالية ليخرجوا مبكرا مع اطلاق سراح سجناء الرأي . وهكذا يمكننا تخفيض ميزانية السجون الى النصف في مرحلة اولى، تتبعها مرحلة ثانية لتخفيض النصف الاخر الى النصف مع اضافة ارباح
الانتاجية وسحب البطالة وشوف الناتج كام .
طبعا سيصرخ حرامية ميزانية السجون كمأمور السجن " حتودى البلد في داهية "
وهم يقصدون طبعا الحفاظ على مستواهم الاجتماعي من الرخاء، عبر نهب طعام المساجين ، طبعا يوجد مجرمون بالفطرة ، ولكن الغالبية سيحكمهم الضبط الاجتماعي عندما تمارس العدالة بشكل صحيح .
والان نصل للقضاء ... صدر قرار بمنحهم مكافأة كل اربعين يوم بمبلغ خمسة الاف جنية .. غير راتبهم الأصلي . فلنضرب مبلغ المكافاة في عدد قضاه مصر المحروسة .. لنصل الى الملايين تصرف كل اربعين يوم ... لماذا ؟؟
ربما لأن القاضي افضل من الناس العاديين ... ويقوم بعمل اهم .
طبعا نحن نحترم القضاء واحكامه ، وهى الجملة الخبيثة الشائعة هذه الايام حتى لايتهم من يقولها بإهانة القضاء،
المهم ان الاحترام شيء واعتبار القاضي افضل من الآخرين شيء اخر .. احترامي له يعكس احترامي لذاتي ، صاحب محل الفول والفلافل، راجل محترم مساوى للقاضي وعمله عندي أهم من عمل القاضي .. وكذا البناء والمحار وبائع العرقسوس والجرجير.. هؤلاء الناس محتاجين اليهم بشكل يومي .. حتى بائع الفول احتاج اليه ثلاث مرات في اليوم .. اما القاضي فليس على هذه الدرجة من الأهمية .
ومن ناحيتى افضل بائع الفول فهو لا يحكم على برئ او يدين طفل .. او يسجن صاحب رأي حر.
حقا ان القاضي مطلوب لضبط العدالة، لكن الكثير الان يخلون بشكل جسيم بالعدالة .. وضبط العدالة يتحقق افضل من خلال العدالة الاجتماعية .. وبها يمكننا ان نمنع كثير من الناس من السرقة والنهب والتزوير والحرق .
طبعا في مصر من القضاة، رجال شرفاء بلغوا درجه عالية من النزاهة ، ويوجد قضاة ساخطين على تكدس القضايا امامهم بسبب تعنت الحكومة وضيق افقها ، أحد القضاة في الاسماعيلية ضج من كثرة القضايا الخاصة بصرف الحوافز ، فارسل خطاب للمحافظ يطلب منه الصرف وبلاش تكدس قضايا .. لكن المحافظة طلبت حكم على كل طلب حتى لا تتحمل المسؤولية .. وهكذا هربت من مسؤولية شيء القانون يلزمها بمسؤوليته، والنتيجة قضايا ظلت في المحاكم لمدة تصل من أربعة الى ثمانية سنوات ،من اجل صرف حافز يقل احيانا عن خمسة الاف جنية .
حقا ان مصر تفتقد لشروط كثيرة لتكون مجتمعا عادلا ، يتمتع بشروط الحياة النظيفة، هناك خراب ودمار كثير
في الاقتصاد وفى الشخصية ، ونقاد جميعا للانتحار بأكاذيب مدوية .. وكل يوم حرب بين تحزبات تؤكد ان افكارهم افضل ، رغم ان مصر جربت افكارهم كلها من خلال كل انواع الحكومات .. وكله اوصلنا للخراب!!!
ربما يكون لدينا مفهوم واضح للعدالة، لكننا لانعرف عن يقين كيفية تطبيقه .
لنفرض أننى مالك مصنع ، وطردت عامل فيه لسبب التوفير وليس لركود المصنع ، وامام البطالة الحالية في
مصر لن يجد عملا اخر وسيجوع ، ولو تصادف انه متزوج ولديه اولاد فسيجوعون ايضا ، وربما لن يستكملوا التعليم ويتشردوا في الشوارع .. وهكذا اضخ للشارع اجرام مستقبلي . وربما يسرق العامل ويقبض عليه ويسجن .. فيخرج من السجن مجرما حقيقيا وصاحب خبرة ، وأنا المتسبب في ذلك كله لا يقبض على وبحكم القانون انا برئ .. مع أننى ارتكبت جرما فظيعا في حق العامل وأسرته وحق المجتمع كله بالتسبب في توحش احد افراده .
سيقال ان هناك محاكم يمكنها ان تحكم لصالح العامل... بالله عليكم ، العامل الشغال نفسه لا يملك مالا لقضايا تظل سنوات بالمحاكم ، فكيف يكون حال عامل مطرود ومفلس ؟؟
وهكذا نرى قوانيننا لا تستهدف الضبط الاجتماعي من خلال تحقيق العدالة ، بل تستهدف الحفاظ على كيانات فاسدة بحجة سيادة دولة القانون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جبال من القمامة بالقرب من خيام النازحين جنوب غزة


.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق




.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟


.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع




.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد