الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الإصلاح

أحمد العروبي

2016 / 3 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الإصلاح يحتاج بلاشك إراده من الحاكم لكن هذا وحده ليس كافي مهما كان الحاكم يتقزز من التقاليد و الرجعية في الارض التي يحكمها فلن يقدر علي عمل أي إصلاحات جذرية تنقل المجتمع الذي يحكمه نقله نوعية , الحاكم هنا يحتاج إما لدعم تيار معتبر من شعبه للإصلاح أو إلي إنقلاب و عمل عمليات تخريب من المحافظين التقليديين أو الرجعيين ضد هذا الحاكم تتيح له فرض إصلاحات ردا علي هذة المحاولات التخريبية و الإنقلابية و وقتها لن يقوم الشعب بالثورة عليه و تعين حاكم أخر لانه في نظرهم سيكون المذنب هو من حاول التخريب و ليس الحاكم الذي لم يعتدي عليهم من قبل .

النموذج الابرز علي هذا هو نموذج بيتر الاكبر في روسيا حيث كان يعشق كل ما هو غربي و كل ما هو جديد و في المقابل كان يكره الحياة الروسية المحافظة و التقاليد و كل شئ قديم و هذا لان روسيا لم يكن بها عصر نهضه كأوروبا و لم يكن بها ثورة إصلاح ديني كأوروبا بالتالي كانت جزء من العصور الوسطي بالفعل حين وصول بيتر الاكبر للسلطة فيها و التي لم يهتم بها سريعا لكراهيته للكرملين و تقاليده و هو وقتها كان يحكم إلي جانب أخوه إيفان تحت وصاية أخته صوفيا التي كانت تتمني لو تحكم لولا إن في هذا الوقت كان من الصعب قبول إمرأه تحكم روسيا , بيتر ذهب بعيدا عن الكرملين ليعيش مع الغربين الموجودين في روسيا حيث كانت لهم حياه غربية خاصة في أماكن خاصة بهم و هذا يشبه لحد كبير وضع الهولندين في اليابان حيث كان لهم مكان خاص يعيشون فيه حياتهم الغربية و في هذا المكان أعجب بيتر بالازياء الغربية و الاسلحة الغربية و تعلم كل ما يقدر علي تعلمه و شخصيته القيادية كانت واضحه من عمر ال10 سنوات و في عمر ال17 كانت قوته العسكرية هذة أقوي من قوات الكرملين مما سهل عليه الدخول للكرملين و أسر أخته صوفيا و سجنها في دير حتي يمكنه حكم روسيا و تطويرها كما يريد علي النموذج الاوروبي الغربي و من هنا بدأ الصراع مع الرجعيين و التقليديين الذين لم يقبلوا ملابس قيصرهم الغربية و رحلاته للغرب و التي كان سببها بسيط جدا هو تطوير العسكرية الروسية خاصة في البحر حيث كانت روسيا دوله حبيسه حين إستلمها بيتر و كانت تحتاج لميناء في البحر الاسود ثم فيما بعد في المتوسط و هنا إستطاع بيتر في البداية سحق القوات العثمانية في ميناء أزوف لكن الدعم البحري من العثمانيين للميناء جعلهم يصمدون و فيما بعد قام ببناء أسطول روسي إستطاع عزل الميناء عن الدعم العثماني و هنا سحقه و سيطر عليه في أول معركة بحرية في تاريخه بعد أن كان مجرد هاوي مراكب قبل سنه واحدة , بيتر حينما ذهب لاوروبا حاول تعلم كل شئ من النجاره حتي العمليات الجراحية و هذا رغم إنه قيصر الدولة الاكبر مساحة في العالم وقتها إلا إنه لم يكن لديه مشاكل في التعلم من الحرفيين الهولندين النجارة و الجراحة , لكنه في نفس الوقت الذي يقوم فيه برحلاته هذة قامت محاولة إنقلابية ضده من المحافظين و هو ما مكنه منهم و كأنه كان ينتظر هذة الفرصة للإنقضاض عليهم حيث سحق التمرد قائد قواته في روسيا حتي يرجع بيتر و بمجرد أن رجع بدأ في ممارسة أبشع الجرائم في حق المحافظين و طبقة النبلاء الروسية حيث قام بقتل الالاف من هؤلاء الإنقلابيين المحافظين منهم من قتلهم بيده و هذا شئ صعب تخيله من قيصر في هذا الوقت و أيضا قام بنفسه بحلق لحي رجال الدين و الارستقراطيين و قام بقص ملابسهم الطويلة و إكراههم علي أن يرتدو الملابس الاوروبية (هذة الفعلة أثرت فيهم بشكل كارثي هذة الفعله تشبه لو قمت بعملها في اليابانيين قبل الحداثه مع ملابسهم التقليدية و شعرهم الطويل هذا كان شرفهم تقريبا) و من هنا كانت بداية الإصلاح الحقيقي في روسيا و الذي لم يكن علي المستوي الميكانيكي العسكري أو العلمي التطبيقي فقط بل علي المستوي الثقافي أيضا حيث أكره النبلاء و رجال الدين علي التعامل مع الثقافه الاوروبية بدلا من الخوف منها و كراهيتها .

الثقافة الروسية فيما بعد إنفتحت علي الحداثة و كانت بداية مرحلة تشكل للهوية الروسية الوطنية كما حدث في بقية أوروبا فيما بعد حيث كان عصر النهضه ثورة ثقافية مهدت للوصول للمرحلة القومية و هذا لان عصر النهضه حدث نتيجة إحياء الفن و الادب القديمين في الثقافة الاتينية و اليونانية بعد أن كان البحث الدائم في أوروبا و المشرق العربي في كتب اليونانين الطبيعية و المنطقية و ليس أكثر من ذلك و هذا لا يعني عدم قيمة الطبيعة (العلم) و المنطق بل عدم وجود قدرة علي توجيههم في إطار تقدمي سوي في ظل دولة قومية و الدولة القومية هذة يجب أن يكون أساسها ثقافة قومية تجمع البشر فيها و هذا علام يبدو من الفوارق التي فرقت بين مصر و روسيا تحت قيادة دكتاتور مرعب مثل بيتر الاكبر هو محمد علي فعلي كان كبيتر يريد الحداثه لكنه لم يهتم أبدا للثقافة الاوروبية بل ظل ذو فكر رجعي إسلامي في المقابل كان بيتر تحرري بالكامل من الاورثذوكسية و معادي لاي تقاليد دينيه حتي إن الاوروبين أنفسهم المتحررين كانو بستغربو من جو العربدة و الفجور الذي يعيش فيه في الليالي عندهم بعد الصباح حيث التعلم , لكن مع ذلك علينا أن نتذكر أنه لم يحارب الكنيسة في عقائدها مما يؤكد وجود خطوط حمراء في النهايه لا يمكن تخطيها إلا كما قلنا بعد أن يكسر المحدد هذا نفسه بقيامه بمغامرة ضد الحاكم إما تنجح أو تفشل , و هذا عموما شئ لم يكن مطلوب من علي خاصة أنه ظل غير قادر علي عزل ولايته عن الدولة العثمانية بالتالي أي حرب ضد الازهر كانت ستكون كارثية عليه و حتي سحقه لعمر مكرم كان عن طريق إظهاره بمظهر الظالم وقت إنخفاض منسوب النيل و ليس بسبب تدينه أو بسبب تهديده لسلطة محمد علي السياسية و لذلك فقط ما كان مطلوب هو محاولة إحياء الثقافة المحلية ثم إجبراها علي الإنفتاح بقدر الإمكان مع الاوروبية حتي يكون هناك أساس لدولة قومية يضمن بقاء الإنجازات في العلوم التطبيقة البحته باقية و تطور فيما بعد إلا إن هذا لم يحدث و حتي لم يكن هناك مشروع إسلامي خاص بمحمد علي و لا حتي مشروع عربي و هو علام يبدو ما سهل حدوث التراجع الشديد بعد موته حيث كانت الملكات السياسية و الدكتاتورية لخلفائه وضيعه بالفعل , أيضا لم يكن مطلوب سحق الثقافة المحلية بالكامل لاجل الاوروبية فهذا فشل في أفغانستان و تركيا لكن المطلوب إحياء و إنفتاح و حتما ستثار دماء في الطريق لهذا لكنها ستكون مثمرة في المستقبل .

في النهاية النموذج الروسي قد يكون أقرب لنا من أي نموذج أخر سواء في الشرق الادني أو الغرب لنعرف من خلاله مشكلتنا مع الحداثة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال