الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رعاية الجرحى .. لتكن من أولويات الاصلاح

عبد الحسين العطواني

2016 / 3 / 10
المجتمع المدني



لا احد يتجاهل أو يقلل من حجم الدمار الذي تلحقه الحرب بالشعوب من تدمير بنى تحتية , وخسائر مادية وبشرية واقتصادية , فضلا عما تلحقه من آثار نفسية لدى اليتامى والأرامل والثكلى لم تنتهي بانتهاء الحرب , وهو ما يمكن أن يعمق الشرخ الوطني ويضيف المزيد من عوامل عدم الاستقرار , ويحرف مؤسسات الدولة عن وظائفها الأساسية ليستشري الفساد, ناهيك عن زعزعة الاندماج الوطني الحقيقي بين إفراد المجتمع .
فقد حقق الجيش العراقي انجازا كبيرا ومهما في مجال الدفاع عن الوطن , لاسيما ما يواجهه حاليا من تحديات لقوى الشر والضلالة المتمثلة بزمر داعش الارهابية لما من تشكله من خطر على ارض العراق ومستقبل أبناءه وسيادته , ليبقى الجيش متمسكا بنهج الدفاع حتى القضاء على ما تبقى من زمر الإرهاب وركائز التطرف, وهو يتمتع بقدر عال من الكفاءة والانضباط والانتظام , فقد استطاع الجيش العراقي أن يربط حلقات الماضي بالحاضر والمستقبل لرباط من التفاني والإخلاص , وهذا المفهوم الكامن من أهم الأسباب التي جعلت من طاقاته كامنة قوية.
وكما هو معروف فان المؤسسة العسكرية هي مؤسسة محترفة غير متحيزة سياسيا أو طائفيا إلا للوطن وحده , وهي تقوم على أساس الخبرة والتخصص والكفاءة والنزاهة واعتبار المعيار الوطني هو أساس الانتماء إلى هذه المؤسسة وليس الانتماء ألمناطقي أو السياسي , غير أن ما تعرض إليه الجيش بشكل خاص , والقوى الأمنية والشعبة بشكل عام من أضرار جراء الحرب على داعش وخسارة الكثير من مقاتليها , من شهداء وجرحى , يتطلب ومن باب الإنصاف تعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم من جراء هذه الحرب المستمرة , سواء أكان أولئك من أفراد القوات المسلحة الذين لايزالون في الخدمة , أم من الذين تضرروا من الحرب وقتل وجرح الآلاف منهم , حتى لا تؤدى إلى تنامي حالة السخط والى الشعور بالغبن والضيم , نتيجة لعم وجود آلية تحافظ على قيمة وكرامة هؤلاء المقاتلين كأقل تقدير مقابل تضحياتهم , لذلك ينبغي البحث في آليات أخرى غير الآليات المعتمدة , تتولى تعويضهم , وتقديم الرعاية المادية والمعنوية لاسر الشهداء , والاهتمام بمعالجة ورعاية الجرحى .
لذلك يتطلب الأمر مراعاة ظروفهم , لا أن يتعامل مع جميع الأفراد وفي جميع الظروف بشكل واحد , بل يجب التعامل معهم بشكل مختلف عن الشكل الذي يتعين مع المقاتل الذي يتعرض إلى إصابات طفيفة ويمكنه من مواصلة مهامه القتالية , مع العسكري الجريح الذي أصبح مقعدا , وان يكون التعامل من منطلق المسؤولية والمحبة والهداية والشفقة , وان يشعر الجريح بهذا المحبة وهذا الإشفاق , لا أن يحمله على تصور , انتهاكا لحرمته وتشويه لسمعته وعندها ستأخذه العزة بالإثم ويتصدى للدفاع عن نفسه,وربما يبرز لديه فعل الشر والتمرد , وبالتالي لم يبق هناك من أمل لإصلاحه , مما لحق به من فقدان لشخصيته والتشكيك في الذات , ولذلك فان كل مسؤول في هذا النظام السياسي , هو موظف بالإشراف الكامل على تطبيق القيم , ومكافحة أسباب الفساد ضمن دائرة مسؤوليته عن أي عمل من شأنه يؤدي إلى احتقار الناس واستضعافهم والاحتيال عليهم , وفسح المجال لسيطرة المفسدين والضعاف والعاجزين , وعدم التزام الصمت إزاء الانحرافات , فالمروءة هي الشجاعة في العطف والإقدام لدحر الظلم , مع أن الحقوق ليست استجداء واستعطاء بل هي حقوق مغتصبة ينشدها الشعب بكل طبقاته , فلا حياة لأمة أو لشعب بدون شعور أفرادها بالكرامة والاعتداد بالنفس , فالعدل فرضا وأمرا , والعدالة الاجتماعية لصالح الجميع .
.إن العمل بمنطق الإنسانية من أفضل الطرق للارتباط بالله والتقرب منه , لأنها تكمن في عمق ارتباطه بالآخرين بما ينسجم مع المسائل الاجتماعية والعلاقات الإنسانية , وكذا الإنسان يكمن في الارتباط مع الناس في مناخ مجتمع سالم يتمحور حول الحق , فيجب على المسؤولين التكفل بحمل مالا يستطيع الأفراد حمله , بوصفه يمثل درجة عالية من حقوق الآخرين , وقطع الطريق على من يحاول إساءة استغلالها , مستفيدا من ضعف المراقبة والقانون .
والذي نريد أن نقوله ويشغل بال الكثير من المجتمع العراقي خاصة الطبقة الفقيرة والذي وقع عليها بعض الحيف من عدم الاهتمام , وهي معاناة الجرحى الذين سقطوا دفاعا عن الشرف والكرامة والعزة في أثناء تصديهم البطولي ضد زمر داعش الإرهابية , بعد خروجهم من المستشفيات , بإصابات مختلفة , كالذين فقدوا لجزء من أعضاء أجسامهم , والبعض الأخر خضع لعمليات جراحية كبرى شلت قدرتهم على الحركة , وأصبحوا في صراع دائم مع الحياة , وتحت رحمة الآخرين .
فعندما يخرج الجريح من المستشفى كأجراء علاجي أولي باكتساب الشفاء , يواجه صعوبة بالغة في الأيام اللاحقة لإكمال علاجه , منها شراء الأدوية والتضميد المستمر يتم على نفقته الخاصة , والأمر الأخر أن البعض يحتاج إلى عمليات جراحية وتكميلية ( تجميلية ) وهذا يتم أيضا على نفقته الخاصة , كما أن عملية نقل الجريح من دار سكنه إلى الدوائر الطبية لإغراض العلاج تتم على حسابه مضافا إليها صعوبة حركة البعض بسبب شدة الجرح, فضلا عن المراجعات المستمرة للمستشفيات لتجديد إجازاته المرضية وبقاءه لساعات طويلة في الانتظار وبوضع صحي متردئ , حتى يمكن الحصول عليها , لما تقدم وبما أن اغلب العسكريين والمقاتلين تعتمد معيشتهم بشكل أساسي على المرتب الشهري , وحينما يتحمل نفقات العلاج وأجور النقل والتبعات المشار إليها تشكل عليه عبأ إضافي لم يستطع بمرتبه المحدود من إيفاءها , مما انتهت الحالة بأغلبهم إلى ملازمة الفراش لينتظر مصيره الى الهلاك .
ولكي ننصف هؤلاء الجرحى وإخراجهم من هذه المحنة التي قد تودي بحياتهم بسبب الإهمال. نضع بعض المقترحات التي يمكن عن طريقها وضع الحلول اللازمة عسى أن تسهم وتقدم لهم ولو جزء بسيط من المساعدة فمنها مثلا : ليس من الصعب إنشاء مراكز صحية في بغداد, وفي باقي المحافظات تختص وتعنى بمعالجة ورعاية الجرحى وبأوقات مجدولة ومحددة للمراجعة , مع ضرورة الالتفات إلى توفير وسائط نقل تتولى نقلهم من دار سكناهم إلى المراكز الصحية وبالعكس ضمن آلية معينة , والأمر الأخر إمكانية قيام الدولة بإرسال الجرحى ممن لديهم حالات صحية مستعصية إلى بعض دول العالم الداعمة لجهود العراق في مكافحة الإرهاب لاستقبالهم ومعالجتهم في تلك الدول .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود


.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023




.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة


.. تفاعلكم الحلقة كاملة | عنف واعتقالات في مظاهرات طلابية في أم




.. كل يوم - خالد أبو بكر يعلق على إشادة مقررة الأمم المتحدة بت