الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين تتحجر الأفكار أو تتطرف أو تحلق في الغيب

سامر أبوالقاسم

2005 / 11 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من المأثور عن الدكتور محمود إسماعيل قوله: »الأفكار تتحجر حين تتقوقع، وتتطرف حين تضطهد، وتحلق في الغيب حين تعجز عن حل مشكلات الواقع«، ص: 293، الجزء الأول، سوسيولوجيا الفكر الإسلامي.
فأما التحليق في الغيب، في حالتنا الوطنية، فيمكن الحديث عن الخرجة الإعلامية الخاصة ببناء المعالم الدستورية للنظام السياسي المغربي، حيث تم الجمع بين صلاحيات الملك من خلال الدعوة إلى الفصل بين السلط، وصلاحيات إمارة المؤمنين من خلال إضافة صلاحيات دينية على ما له من سلطات دستورية حالية. وحين تم تناول الديمقراطية كآلية، مع الإصرار على عدم اعتبارها محددا ومقوما أساسيا في الرؤية أو التصور. وحيث تم تعليق البناء الدستوري على اعتبار الإسلام مرجعية عليا، والشريعة مصدرا أسمى للتشريع، وتكبيل الممارسة السياسية بمجموعة من الأحكام والمقاصد والثوابت والقطعيات، دون امتلاك ناصية المنهج العلمي في تحديد هذه المفاهيم المستعملة، وكأنه يراد بناء دستور يحلق في سماء دلالات غيبية ملتبسة في تصور أصحابها ذاتهم.
وأما التطرف في حالات الاضطهاد، فالتاريخ الإنساني عموما، والمغربي على وجه الخصوص، يشهدان على صدق هذا الاستنتاج، فآخر محطة أوضحت هذه القاعدة للمغاربة قاطبة هي أحداث 16 ماي 2004 الإجرامية، إذ عبرت بما يكفي على أن اضطهاد فئات أو شرائح، أو على الأقل تهميشها، سواء اقتصاديا أو اجتماعيا أو ثقافيا أو سياسيا، بمعزل عن المقاربة الشاملة في البناء التنموي والديمقراطي لإدماج بنات وأبناء الوطن، يعتبر دافعا أساسيا وقويا لبروز التطرف بكل أشكاله وأنواعه؛ الديني والسياسي والاقتصادي والثقافي والسياسي ... إلخ.
وأما التحجر والانغلاق عند التقوقع، فهو بيت القصيد في كل نقاشاتنا مع من يذهب في اتجاه الدعوة إلى التشبث بوحدة المذهب المالكي والتمسك بالتحكيم الملكي. إذ اعتبرنا من جانبنا، وحسب تقديراتنا، أن هذه الدعوة هي عبارة عن تقوقع وانغلاق لا يمكنه أن يجيب على وضع الاحتقان السياسي والاجتماعي المغربي، وقد أكدنا على ذلك في السابق حين قلنا إن مواجهة إكراهات هذه المرحلة من تاريخ المغرب المعاصر، والاستجابة الواعية لمتطلباتها الملحة، والانخراط الفعلي والعملي في التدبير اليومي والمباشر لمجمل الخيارات الواعدة التي تشكل عناوين رئيسية للمشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي، كل ذلك يتطلب المزيد من الانفتاح لا التقوقع والانغلاق.
وتبرير التقوقع بالتخوف من استفادة غير الديمقراطيين من الانفتاح الديمقراطي، هو تبرير يتخذ لنفسه طابعا افتراضيا، والتقدير السياسي لا يبنى على مثل هذا النوع من الافتراضات غير المدعومة ولا المسنودة علميا أو سياسيا، مثله في ذلك مثل التقدير الفقهي. ودليلنا في هذا هو تجارب مختلف البلدان التي قطعت أشواطا على مستوى التقدم التنموي والديمقراطي، والتي كان ديدنها هو المزيد من الانفتاح وليس الانغلاق، علما بأن هذا الانفتاح غير قابل للتمييع من جهة، ومن جهة أخرى هو لا يتعارض ولا يتنافى مع الحزم والصرامة المطلوبين في إطار التعاطي القانوني مع كل الظواهر الاجتماعية والسياسية المرضية، التي تهدف إلى النيل من الديمقراطية ذاتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 134-An-Nisa


.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم




.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس


.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي




.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س