الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد الشافعي، الحلقة (1 / 29): المقدمة

انور سلطان

2016 / 3 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نقد الشافعي, الحلقة (1 / 29 ): المقدمة.

في حقيقة الأمر ما سيتم نشره تحت هذا العنوان هو مخطوطة كتاب انتهيت منها منذ حوالي سنتين. وقد حالت أسباب عدة دون نشره. وفكرت في نشره على شكل مقالات, لكن لم أجد موقعا عربيا حرا يمكن أن اثق به. ثم وجدت موقع الحوار المتمدن, لذلك فضلت نشره هنا في هذا المنبر الحرعلى شكل حلقات عددها تسع وعشرين حلقة مع المقدمة والتمهيد.

وسنبدأ في هذه الحلقة بالمقدمة.

مقدمة الكتاب

يتناول هذا المؤلف ما جاء في كتاب الرسالة للشافعي باعتبار أنه كلام ورأي بشري، وليس كلاما إلهيا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ومن يتعامل فعلا، وإن أنكر قولا، مع ذلك الكتاب وكأنه كتاب إلهي، فلن يعجبه نقد الشافعي. ومن هكذا حاله فهذا شأنه وحده. أما نحن فنتعامل مع الشافعي، وغير الشافعي، على أنه بشر، ليس له مكانة دينية في أعناقنا، ولم يبعثه الله نبيا ولا رسولا إلينا، ولم يجعله حجة علينا. ولأنه بشر فليس فقط عرضة للخطأ، بل عرضه لإتباع الهوى، والانحياز للآراء المسبقة. وكتاب الرسالة للشافعي وثيقة إدانة لتحيز الشافعي وإتباعه الهوى لا الدليل. إنه مثال واضح لتطويع النصوص وتحريفها عن معانيها المقصوده التي سيقت من أجلها إلى معان اصطلاحية لم تكن مفهومه وقت نزول الوحي، ولا يمكن أن يكون لها وجود، وغير قابلة للتطبيق، في عهد الرسالة.

ما فعله الشافعي في كتابه هذا، هو البحث عن أصل للتصورات الأيدلوجية من النصوص (القران والحديث), التي يمكن تطويعها، بتحريف معناها، لتدل على مراده. وعملية البحث عن دليل لما قام من أفكار، بعد عهد الرسالة، عرفت بالتأصيل.

في عملية التأصيل لا يؤخذ المعنى من النص، وإنما وجد المعنى أولا، ثم بُحث له عن دليل من النص. وقد يكون المعنى تصورا معينا عن الدين، أو رأيا، أو عادة وعرف، أو مأخوذ من وضع اجتماعي وثقافي معين، أو معنى نشأ لاحقا بفعل الصراع الاجتماعي والسياسي والفكري، أو غير ذلك من أسباب.
هناك من الناس من لهم تصور معين عن الدين، مثل الثلاثة الذين استقآلوا عبادة الرسول. وأساس موقفهم هو تصورهم عن وجود تناقض بين الدين والدنيا، وأن العبادة هي الأساس والحالة الغالبة على الإنسان، فيجب التفرغ لله والآخرة والغرق في العبادة، والتخفف من الدنيا إلى الحد الأقصى. ولو جاء هؤلاء النفر بعد عهد الرسالة، في عصر التأصيل (التحريف) وطلب منهم دليل على تصورهم هذا، لبحثوا لهم عن أدلة من القران والحديث، ولاستدلوا بها. ولا مناص أمامهم، في هذه الحالة، إلا حمل النصوص، التي يستخدمونها، على غير معانيها، لتدل على المعنى المراد المسبق الذي نشأ في أذهانهم.
ولهذا فالتأصيل عملية تحريف للنصوص لتدل على المعاني والمفاهيم المراده من قبل المؤصل. وبمرور الوقت تُكتشف أدلة جديدة على تلك المعاني والمقولات. والكل يستدل على تلك المقولات بأي دليل يصلح من وجهة نظره هو، حتى أنهم اختلفوا فيما يصلح دليلا وفيما لا يصلح في بعض المقولات كالقياس. وتعدد الأدلة وزيادتها مع الزمن والاختلاف فيها، يكشف أن تلك المقولات لم تكن لازمة من النصوص، بل محاولة لإلزام النصوص لتدل عليها. فالمسألة هي البحث عن دليل صالح للتطويع، لا فهم من الدليل.

كتاب الرسالة للشافعي في قسم منه جاء ليؤصل لما وجده مستقرا من مقولات واصطلاحات تعكس تصورات بشرية خاصة عن الدين. وفي قسم آخر مجرد بحث لغوي ووصفي. ولا يهمنا من التراث القديم، ومنه كتاب الرسالة، الجانب العلمي منه، كاللغة والتفسير المنضبط الذي لا يخرج عن حدود اللغة والسياق التاريخي، بل يهمنا التصورات المغلوطة التي تمثلت في مقولات معينة، حُرفت النصوص للاستدلال بها على تلك المقولات، مما أحال طبيعة الدين إلى طبيعة أخرى. ونقد الشافعي هو نقد للتصورات المغلوطة في جانبها التأصيلي من كتاب الرسالة. ولأن تلك المقولات إدعاءات نشأت لاحقا، وبالتالي لا دليل عليها، فلم يفعل الشافعي شيئا سوى تكرار الادعاء والاستدلال عليه بحشد النصوص التي لا علاقة لها بالموضوع، أو بتحكم في معنى نص، أو بمغالطة, أو بجميع ذلك.

يمتحور كتاب الرسالة للشافعي حول خمس دعاوى, وهي:

(1) دعوى شمول الشريعة. وهي دعوى تنبني على تقسيم الشريعة إلى قسمين: قسم منصوص عليه وقسم غير منصوص عليه.
(2) دعوى أن الدين محل لاجتهاد البشر. وتمحل في إثبات هذه الدعوى.
(3) دعوى القياس. وقد حصر الشافعي الإجتهاد في القياس.
(4) دعوى الإجماع.
(5) دعوى إلزامية حديث الآحاد.

وعليه, قُسم الكتاب إلى خمسة فصول. يتناول الفصل الأول مقولة شمول الشريعة، وكيفية بيان الشريعة الشاملة، وهل حرم الإسلام فعلا التشريع الوضعي, وهل هناك من أوكل الله اليهم معرفة احكامه الغائبة. بينما يتناول الفصل الثاني الأدلة التي استدل بها الشافعي على وجوب الاجتهاد، ووضع الله الدلائل على أحكامه الغائبة. ويتناول الفصل الثالث القياس. والفصل الرابع يتناول الإجماع. والخامس مكانة حديث الآحاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب