الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التأصيل التاريخي في جواز احتفال المسلمين بعيد الحب

عبد السلام بلحسن

2016 / 3 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تعودنا دائما مع كل مناسبة احتفال قيام بعض المسلمين بإعادة التساؤل حول جواز أو عدم جواز الإحتفال بهذه الأعياد، خصوصا تلك الأعياد التي لها طابع عالمي وتستمد أساسها من وقائع تاريخية يخلدها البشر والحديث هنا عن مناسبة الإحتفال العالمي بعيد الحب، لكن جريا على عادة المسلمين في رفض كل ما يأتينا من الغرب الكافر أو بمعنى أدق الغرب المسيحي واليهودي، فإننا نجد دعوات لتحريم الإحتفال بمثل هذه الأعياد المسيحية المنشأ تطبيقا لأوامر الإسلام والرسول التي تدعوا المسلمين إلى ضرورة مخالفة أهل الكتاب في كل شيء، في الصيام ( رمضان وعاشوراء، أيضا لليهود يوم مقدس هو السبت وللمسيحيين يوم الأحد والرسول وضع للمسلمين يوم الجمعة أو يوم العروبة كما يسمى قديما جريا على عادته في مخالفة أهل الكتاب) وحديثنا هنا يقصر فقط على مناسبة عيد الحب ويحق لنا هنا أن نتوجه للإسلام بمجموعة من الأسئلة من قبيل: هل الإسلام حرم الحب؟ و إذا كان الجواب بالنفي فما المانع إذن من الإحتفال به؟ أم أن الأمر لا علاقة له بالحب و إنما تجسيد لرغبة أنانية في مخالفة أهل الكتاب فقط ومنه يأتي تحريم الإحتفال بعيد الحب ؟ و إذا أردت ان أكون دقيقا يمكن أن أتساءل ما موقف الرسول من الحب؟ ألا يمكن للحب أحيانا أن يتفوق على الدين وينتصر عليه؟
لمقاربة هذه الأسئلة يمكن أن نبحث في كتب السير والأحاديث لنقف عند قصة مشهورة تثير حفيظة فقهاء الدين فحاولوا تجميلها وتحريفها على غير حقيقتها، وهي قصة زينب بنت الرسول و أكبر بناته مع زوجها أبو العاص بن الربيع وفي ما يلي بعض الشواهد:
1- فقد روى ابن سعد والحاكم بإسناديهما إلى عائشة رضي الله عنها: ((أن أبا العاص بن الربيع كان فيمن شهد بدراً مع المشركين فأسره عبد الله بن جبير بن النعمان الأنصاري. فلما بعث أهل مكة في فداء أسراهم قدم في فداء أبي العاص أخوه عمر بن الربيع وبعثت معه زينب بنت رسول الله، وهي يومئذ بمكة، بقلادة لها كانت لخديجة بنت خويلد من جزع ظفار، وظفار جبل باليمن وكانت خديجة بنت خويلد أدخلتها بتلك القلادة على أبي العاص بن الربيع حين بنى بها، فبعثت بها في فداء زوجها أبي العاص، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، القلادة عرفها ورق لها وذكر خديجة وترحم عليها وقال: إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا إليها متاعها فعلتم. قالوا: نعم يا رسول الله فأطلقوا أبا العاص بن الربيع وردوا على زينب قلادتها وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم على أبي العاص أن يخلي سبيلها إليه فوعده ذلك ففعل))
2...وروى الحاكم بإسناده إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ((أن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إليها أبو العاص بن الربيع أن خذي لي أماناً من أبيك، فخرجت فأطلعت رأسها من باب حجرتها والنبي صلى الله عليه وسلم في الصبح يصلي بالناس فقالت: أيها الناس: إني زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني أجرت أبا العاص، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة قال: أيها الناس إنه لا علم لي بهذا حتى سمعتموه ألا وإنه يجير المسلمين أدناهم))
ومما نستشفه هنا مايلي:
أولا: زواج زينب بأبي العاص كان قبل بعثة الرسول بعشر سنوات تقريبا، ولما بعث إليه واشتد الصراع بينه وبين قريش قامت قريش أو هو بتطليق بناته الأخريات من أبناء أبي لهب ، وهاجر النبي وأصحابه إلى المدينة ، وهاجرت معه رقيَّة و فاطمة و أم كلثوم ، وبقيتْ زينب في مكة مع زوجها الذي ظل متمسكًا بوثنيته، وأمر النبي أبا العاص أن يترك زينب ، ولم يتركها ولم تتركه أيضا أي أن الحب الذي جمعهما أقوى من أي شيء رغم مخالفته لأمر الرسول ولنا في هذا أكثر من علامة استفهام. لماذا قبلت بناته الأخريات بالطلاق ولم تقبل به زينب؟ ألم تصدق بعثة أبيها؟ أولم تعلم أن زواجها إذا افترضنا أنها أسلمت بأبي العاص باطل شرعا مادام غبر مسلم؟؟؟؟
ثانيا: جرى أسر أبي العاص لمرتين بعد هجرة النبي محمد إلى المدينة المنورة، حيث خرج أبو العاص مع قريش محاربًا ضد المسلمين في غزوة بدر سنة 2 هـ، وبقيت زوجته زينب في مكة، ومع انتهاء الغزوة لصالح المسلمين، وقع أبو العاص أسيرًا بأيدي المسلمين، وكان الذي أسره اسمه خِرَاش بن الصِّمَّة. ولما أرسل أهل مكة الأموال في فداء أسراهم، أرسلت زينب في فداءه بقلادة كانت لها من أمّها خديجة بنت خويلد، فتأثر النبي محمد لذلك، وقال لأصحابه الذين أسروه: «إن رأيتم أن تُطلقوا لها أسيرها وتردُّوا عليها مالها فافعالوا»، فأطلقوا سراحه وردّوا مالها. وقد كان النبي محمد قد اشترط على أبي العاص أن يخلّي سبيلها ويأذن لها بالهجرةإلى المدينة المنورة، فوفّى بذلك جريا على عادة العرب في احترام العهود رغم حبه الشديد لزينب" وجرى أسره للمرة الثانية أيضا و كأن الأمر مقصود وبعد علم زينب بذلك دخلت زينب إلى أبيها، ترجوه أن يجير أبا العاص ، فخرج النبي على المسلمين قائلا: (أيها الناس هل سمعتم ما سمعتُ؟" قالوا: نعم. قال: "فوالذى نفسى بيده ما علمت بشيء مما كان حتى سمعت الذي سمعتم، المؤمنون يد على من سواهم، يجير عليُّهم أدناهم، وقد أجرنا من أجارت").
ثالثا: من الأكيد إذن أن رابطة الحب بين زينب وزوجها كانت أقوى و أمتن وتجرعوا على إثرها العذاب والأسر والمحن وبقيا متشبتين ببعضهما البعض رغم ما صدر من الرسول في حقهما نتيجة عصيانهما لأوامر وهذا أيضا يطرح أكثر من علامة استفهام.
استنتاج:
الحب رابطة إنسانية نبيلة لا تختص بدبن محدد ولا بجغرافية محددة ولا بمجتمع محدد، الحب هو ما يجمعنا و أسمى تعبير عن مشاعر الإنسان ولا يستطيع أي دين مهما بلغت سطوته أن يسطوا عليه. فاحتفلوا قدر ما تشاؤون و وأحبوا بإخلاص ووفاء وعيد حب للجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلمون يؤدون -رمي الجمرات- أثناء الحج


.. أمطار ورعد وبرق عقب صلاة العصر بالمسجد الحرام بمكة المكرمة و




.. 61-An-Nisa


.. 62-An-Nisa




.. 63-An-Nisa