الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شبهة وردود-1- يسوع سارق الحمير

طوني سماحة

2016 / 3 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شر البليّة ما يضحك. احترت في أمري وأنا أقرأ مقال السيد حسن محسن رمضان على صفحات الحوار المتمدن "هل كان يسوع سارقا؟" أأبكي أم أضحك؟ لا شك أن للدمعة مكانها في زمن الجهل كما للضحك فوائده. كان يسوع سارقا، وماذا تراه سرق؟ حمارا! لألفي عاما، بقي المسيحيون الأغبياء يقرأون كتبهم ولم يستطع واحدهم ان يكتشف ان نبيهم كان سارقا للحمير، وكما أيضا سيكشف لنا السيد رمضان في مقالة مقبلة، سارقا للحنطة. لألفي عاما، بقي المسيحيون الذين بنوا تراثهم وثقافتهم على تعاليم المسيح مغفلين. لألفي عاما بقوا عميانا يتبعون رجلا ظنوا انه مثال الاخلاق بينما هو ثعلب محتال. لألفي عاما ظن أولئك الذين غزوا الفضاء واستعمروا الأرض وأناروا الليل ورافقوا الطيور على أجنحة الغمام وأبدعوا في الشعر والفلسفة والرياضيات والعلوم والادب، لألفي عاما، لم يستطع أولئك المغفلون ان يكتشفوا سرقات يسوع المدونة في الاناجيل الأربعة الى ان أتى من يخبرنا أن يسوع كان سارقا وانا كنا عميانا، بلهاء، حمقى، ومغفلين. شكرا سيد رمضان لأنك فتحت عيوننا وأنرت ظلماتنا وقدتنا الى الحقيقة. والآن دعونا نذهب الى الدليل، دليل الجريمة. دعونا نرى يسوع هذا وقد أمسك في الجرم المشهود. دعونا نفتح المحكمة وننطق بالحكم على المتهم. يكفيه أنه تفلت من العقاب لألفي عاما. دعونا اليوم نوجّه التهمة اليه بالدليل الدامغ ونطرحه في سجن التاريخ.

عندما أطلق السيد رمضان الحكم على يسوع، طبعا دون اتهام ومرافعة وشهود ومحاكمة، استند على الرواية التالية التي وردت في مرقس 6 "ولما قربوا من أورشليم إلى بيت فاجي وبيت عنيا، عند جبل الزيتون، أرسل [أي يسوع] اثنين من تلاميذه، وقال لهما: اذهبا إلى القرية التي أمامكما، فللوقت وأنتما داخلان إليها تجدان جحشاً مربوطاً لم يجلس عليه أحد من الناس. فحلاه وأتيا به، وإن قال لكما أحد: لماذا تفعلان هذا؟ فقولا: الرب محتاج إليه. فللوقت يرسله إلى هنا. فمضيا ووجدا الجحش مربوطاً عند الباب خارجاً على الطريق، فحلاه. فقال لهما قوم من القيام هناك: ماذا تفعلان، تحلان الجحش؟! فقالا لهم كما أوصى يسوع. فتركوهما."

طبعا، يستخلص السيد رمضان من هذه الرواية أن يسوع قد سرق الحمار. اعتمد الكاتب على الترجمة الحديثة فوجد ان الناس المتواجدين هناك كانوا bystanders أي متواجدين بالصدفة، وليس people standing there أي أناسا واقفين هناك ، كما وردت في ترجمات أخرى. الدليل دامغ. وما حاجتنا بعد للتحري والاستقصاء والدراسة؟ بدأ من اليوم فصاعدا، سيتغير مجرى التاريخ وتقفل الكنائس، وتغلق الجامعات أبوابها امام الدراسات المسيحية، وتستقيل الجمعيات الخيرية، وتنهار آلاف، لا بل ملايين الدراسات التي جرت خلال الالفي عاما الماضيين حول المسيحية، لأن ثمة من اكتشف ان يسوع كان سارقا. وبما أن السيد رمضان سرح في خياله الخصب ليقول ما لا يقوله النص، أود أنا أيضا أن أسرح في خيالي الخصب لأزيد القصة تشويقا وإثارة. "كان يسوع السارق يخطط لسرقة حمار. أرسل أفراد عصابته (أي التلاميذ) ليراقبوا الحمير في مدينة اورشليم. احتار التلاميذ في أمرهم. فكل مالكي الحمير ساهرون عليها خشية السرقة. بدأ التلاميذ يتذمرون، فسرقة الحمير أمر صعب. قال لهم يسوع "إن لم تسرقوا حمارا، لن يكون لكم نصيبا معي في ملكوت السماوات، كما لن أسمح لكم بعد اليوم بالركوب على الحمير". أخيرا، فُرجت. وجد أحد التلاميذ حمارا مربوطا في مكان يقل تواجد الناس فيه. تمت مراقبة الحمار لشهر كامل. دوّن التلاميذ الأوقات التي لا يراقب فيها أصحاب الحمير حيواناتهم. أخيرا، دقّت ساعة الصفر. أصدر يسوع أمره بسرقة الحمار. قال لتلاميذه " سوف يكون الامر سهلا. لكن، فيما لو تواجد هناك أحد بالصدفة ( bystander) قولوا له أن المعلم أمرنا بذلك. فيترككم."

وجدت نفسي وأنا أقرأ تحليل سرقة الحمار أمام رواية عجزت فيها أغاثا كريستي مخترعة شخصية شرلوك هولمز عن مجاراة حبكتها. لكن، فات السيد رمضان تفصيل صغير. فاته ان يقوم ببعض البحث كي يوّفر علينا كتابة هذا المقال. طبعا، وما قيمة البحث عندما يتخيل واحدهم قصة ويصدقها ويسردها؟ وهل من حاجة للقراءة والدراسة؟ هل من حاجة للاستماع لوجهة نظر أصحاب القصة؟ هل خطر ببال السيد رمضان العودة لشروحات مفسري الكتب المقدسة على مر العصور؟ هل خطر ببال الكاتب العودة للنص اليوناني للتحقق من الكلمة المستعملة للتدليل على من كان هناك؟ لا، لا حاجة لذلك بالنسبة له. أما بالنسبة لي، أود أن آخذ كلا من القارئ الكريم والسيد رمضان للرواية ذاتها التي كتبها لوقا الطبيب " ولما قال هذا تقدّم صاعدا الى اورشليم. وإذ قرب من بيت فاجي وبيت عنيا، عند الجبل الذي يدعى جبل الزيتون، أرسل اثنين من تلاميذه قائلا: اذهبا الى القرية التي أمامكما، وحين تدخلانها تجدان جحشا مربوطا لم يجلس عليه أحد من الناس قط. فحلاّه واتيا به. وإن سألكما أحد: لماذا تحلانه؟ فقولا له هكذا: إن الرب محتاج إليه. فمضى المرسلان ووجدا كما قال لهما. وفيما هما يحلاّن الجحش قال لهما أصحابه "لماذا تحلاّن الجحش؟" فقالا: الرب محتاج أليه." وأتيا به الى يسوع، وطرحا ثيابهما على الجحش، وأركبا يسوع."

سيّد رمضان، ليتك قرأت هذه الجزئية للوقا، لوجدت أن الواقفين هناك كانوا أصحاب الجحش، ولاستنتجت بسهولة أن يسوع كان متفقا معهم مسبقا على استعارة الحمار، ولوفّرت علينا وعلى القراء هذا التحليل الاستخباري البوليسي. بل سيّد رمضان، ليتك عدت لمعجم اللغة الإنكليزية التي استشهدت بمفرداتها لتبني عليها دلائلك. لكن بالمناسبة، قمت أنا بالتحري بدلا عنك لترجمة معنى كلمة " bystander"، فوجدت المفردات التالية , spectator, eyewitness, witness, watcher, onlooker looker-on, passerby, non-participant ". لو قمنا بترجمة هذه المفردات للعربية لوجدناها تعني "مشاهد، شاهد عيان، مراقب، ناظر، عابر سبيل، من ليس مشاركا في العمل". وهنا نطرح السؤال على السيّد الكاتب " هل يعقل ان يكون المتواجد في المكان صاحب الحمار وشاهد عيان في آن معا؟ هل يعقل أن يكون المتواجد في المكان صاحب الحمار وناظرا، أو مراقبا، أو مشاهدا في الوقت ذاته، أم يتوجب على المتواجد في ذلك المكان أن يكون متواجدا بالصدفة، مع انه ليس في النص الإنكليزي ما يوحي بذلك؟ سيّدي الباحث الكريم، أنت سيّد الباحثين، وتدرك ان للبحث قواعده وأنه لا يجوز أخذ كلمة من هنا وجملة من هناك نبني عليها افتراضات ونطلقها على أنها حقائق. البحث في المسيحية، سيّدي، يتطلب منا إلماما بالثقافة اليهودية واللغات اليونانية والعبرية والآرامية التي كتبت بها الاناجيل. البحث يتطلب الاطلاع على كافة المصادر ومقارنتها والخروج باستنتاجات منطقية.

عذرا نيوتن المفكر المسيحي، مكتشف نظرية الجاذبية التي ندرّسها اليوم في مدارسنا، واضع قوانين البصريات، أب الرياضيات والفيزياء الحديثة. عذرا بليز باسكال، الرياضي والفيزيائي والفيلسوف، صاحب التجارب على السوائل في مجال الفيزياء، مطوّر نظريات الاحتمالات في الرياضيات ومخترع الآلة الحاسبة. لقد كنتما عبقريين ما زلنا نكن لكما الاحترام فيما يخص اكتشافاتكما وانجازاتكما الفلسفية والفيزيائية والرياضية، إلا أنكما كنتما مغفلين بإيمانكما بالمسيح السارق. رغم ذكائكما الخارق ضحك عليكما هذا الحرامي. عذرا أيها المسيحيون على مدى العصور، عامة ومفكرين، رجال دين وعلمانيين، كنتم كلكم تجار دين وأغبياء على مدى ألفي عاما. وقعتم ضحية نصّاب احتال عليكم وأقنعكم بما هو ليس عليه وطلت عليكم الخدعة وصدقتموه. أيها المسيحيون المغفلون، يبدو أنكم كنتم تقرأون ولا تفهمون. آن لكم ان تستفيقوا من جهلكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
nasha ( 2016 / 3 / 14 - 07:23 )
الأستاذ طوني سماحة المحترم
لا يا استاذ ما كان يجب أن ترد على هذا الكاتب لأنه في رأيي لا يستحق الحوار معه لأنه يدعي أنه باحث والباحث يجب أن يكون موضوعي ومنطقي بعيد عن العواطف والمهاترات .
إنه يطبق مبدأ شمشون والمعبد علي وعلى أعدائي.
عدم الاعتراف بالخطأ و الاعتذار مفقود في الثقافة الإسلامية والمسلم يتم تدريبه منذ نشأته على الاستعلاء والتنجس من غير المسلم وخصوصا النصارى واليهود ولذلك من الصعوبة البالغة لدى المسلم المتعصب القبول بنقد معتقده بدون أن يرد الصاع صاعين حتى لو كان على خطأ واضح للعيان.
المشكلة مع الكاتب حسن رمضان انه باحث والباحث الحقيقي يجب أن يكون منطقي محايد لكنه ليس كذلك.
تحياتي


2 - سرق النساء
نيسان سمو الهوزي ( 2016 / 3 / 14 - 11:14 )
لا اعلم هل سألتم السيد رمضان عن انواع السرقات ودرجة خطورتها وجرمها ام انه لا يفرق بينهما ! فمثلا أيهما ابشع وأعظم سرقة النساء والأرامل او سرقة حمار !
سبي الفتيات ام سرقة الحنطة !
قتل الرجال ونحرهم وشقهم ام سرقة رغيف خبز !
نهب الأموال وحرق البيوت وقتل وتهجير أصحابها ام سرقة سمكة !
ووووووو الخ
وووووووو الخ
وووووووووالخ
ام سرقة طماطاية
شر ألبلية عندما تأتي من ابلى !!
تحية


3 - Paolo Vendi
طوني سماحة ( 2016 / 3 / 14 - 20:05 )
شكرا على المرور والتعليق. أهلا بك


4 - Mustafa Fadel Ali
طوني سماحة ( 2016 / 3 / 14 - 20:07 )
شكرا سيّد مصطفى أهلا بك صديقا


5 - nasha
طوني سماحة ( 2016 / 3 / 14 - 20:12 )
أخي العزيز ناشا
لم أرد الرد بادئ الامر، ولا أعرف إن كان عليّ الرد أم لا، فحتى التفكير بسرقة يسوع لحمار أمر سخيف. لكن فكرت أن هذا التشويش الذي يمارسه البعض في حق السيد المسيح ليس سوى
بتشويه للحقيقة، لذلك قمت بالرد يسعدني الحوار معك مرة أخرى وسلام


6 - نيسان سمو الهوزي
طوني سماحة ( 2016 / 3 / 14 - 20:14 )
أستاذي العزيز نيسان
شكرا للمشاركة. لا شك ان السيد رمضان لا يرى ما يجري حوله من ذبح وقتل وسبي وتيتيم إذ كل ما كان يشغله هو سرقة يسوع للحمار. شكرا مرة أخرى. تسعدني مشركتك. سلام


7 - السيد طوني سماحة
muslim aziz ( 2016 / 3 / 19 - 01:11 )

السيد طوني سماحة
انا اعلم ان عائلة سماحة من اهل لبنان الاصلاء. وان كنت انا في تعليقاتي اهاجم الكتاب المسيحيين والذين يهاجمون الاسلام الا انني قمت بالتعليق على موضوع يسوع وسرقة الجحش وكتبت تعليقا تحت عنون(مسلم يدافع عن يسوع) وقلت ان المسيح عليه السلام عندما طلب من رفاقه الذهاب لذالك البيت المربوط فيه الجحش وفكه والاتيان به قال لهم(ان رأكم احد فقولوا له الرب بحاجة اليه) فهذا يعني ان اصحاب الجحش يعرفون ان الرب هو يسوع وهنا تبطل شبهة السرقة لأن الكاتب لم يقرأ النص بتمعن وشكرا سيد طوني


8 - سرقة يعفور هي السبب الرئيسي
مروان سعيد ( 2016 / 3 / 19 - 13:46 )
تحية للاستاذ طوني سماحة وتحيتي للجميع
الاخ حسن رمضان لم يعلق كيف عرف يسوع بان هناك وبهذه المنطقة بالتحديد حمار مربوطا وجاهذا للاخذ وهذا يدل على ان المسيح يعرف بالغيب والمستقبل وهذا دليل على الوهية المسيح فهذه غطى عليها
اما بالنسبة لعقدة المجاهد حسن رمضان صعب عليه ان يكون نبيه سارقا قتالا ومغتصبا للنساء وخاصة الصغار السن مثل عائشة فلم يرى خطئ بالمسيح يسوع يقارنه بنبيه الا سرقة الحمار حسب اعتقاده فصرخ وجدتها وجدتها
فاحب ان يقارن سرقة يعفور بعد قتل اصحابه واغتصاب نسائهم فقال في نفسه لايوجد احد احسن من احد ها يسوع المسيح سرق حمارا
ولكن الشمس لاتحجب بغربال يا حسن دور على غيرها
ومن اجمل اقوال هذا المجاهد بان على زمن المسيح لايوجد ديك في اورشليم فكيف صاح الديك عندما نكر بطرس المسيح ثلاث مرات
مع كل الاحترام والمودة للجميع