الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة الحب: من التمركز الوضعي الى جدلية المنهج والنظرية والبراكسيس

انوار طاهر
باحثة

2016 / 3 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


فلسفة الحب: من التمركز الوضعي إلى جدلية المنهج والنظرية والبراكسيس

بقلم: أنوار طاهر*

قد لا نبالغ في القول أن موضوع "الحب" يعد من أكثر الموضوعات شيوعا وتداولا في الخطاب الثقافي إلى حد بعيد. غير أننا نلاحظ أن التعاطي مع ظاهرة "الحب" لطالما كان مقتصرا على المعالجة النمطية والتقليدية المحكومة بأطر قبلية وصور محددة وأحكام مسبقة تسعى إلى سجن هذه الظاهرة السوسيوثقافية ضمن أفق إفلاطوني/رومانسي/ايديولوجي احادي ضيق، يعمد إلى تغييب المخاطب/المتلقي العادي والخطاب السائد والسياق الثقافي العام.

ويمكننا أن نتبين ذلك في اغلب الكتابات الفلسفية خاصة؛ والثقافية عامة والتي لم تتحرر بعد من سيطرة ما يُعرف بالنماذج الوضعية (اللاتاريخية)، هذه النماذج التي لطالما عملت على إخضاع ثيمات وقضايا الفلسفة الأساسية لسيطرة أيديولوجيا التقييس المنطقي الشكلاني. وقد انعكس ذلك سلبا على طبيعة واسلوبيات المنشور الفلسفي التي ظلت تتعامل مع مجمل إشكالات الفلسفة بطريقة نظرية وافتراضية، وليس بوصفها معبرة عن ازمة في بناء وتكوين/وإعادة تكوين مفهوم النظرية في الفلسفة عامة وتشكيل خطاب نظرية الممارسة/وممارسة النظرية خاصة. وهذا يعود في أحد اهم أسبابه، الى أيديولوجيا الفصل السياسي بين كل من: مفهوم النظرية؛ والمنهج والممارسة.

وبالطبع، لا يمكن للفلسفة ان تتخطى ذلك الفصل، إلا عندما يتحول المنهج الى نقد وممارسة بذاته، لان المنهج سيصبح حينئذ "قوة مادية" حالما يعمل الفلاسفة والمفكرين على اعادة اكتشافه وتأويله. ومن ثمة، سيصبح في الإمكان إعادة نقد وتفكيك المنطق الوضعي والسيطرة الوضعانية في تناول وكتابة ثيمات الفلسفة وتياراتها ومذاهبها وتاريخها، ناهيك عن برامج الدروس اليومية التي لم تتجاوز هي الأخرى مفاهيم الحقيقة الاحادية ذات الأصول الوضعية الكلية والمطلقة.

وهذا ما جرى التعامل وفق ضوابطه عندما تمّ البحث في ثيمة الحب وخطابها الفلسفي. حيث نلاحظ أن طرح هذه القضية الاشكالية جرى أيضا من خلال مفاهيم وضعية مطلقة وكاملة وصادقة بالضرورة منفصلة عن سياقها التاريخي والسوسيوثقافي. وهذا ما جعل اغلب تلك الطروحات تفتقر الى ابسط المداخل الاصطلاحية والثقافية والمنهجية، لأنها تنطلق على الدوام من ما هو مؤَسَس وجاهز في فضاء الفلسفة الغربية. وربما تكون "الفلسفة النسوية" هي الخطاب الإشكالي الذي عبّر خير تعبير عن منطق التبعية والولاء لـ "كولونيالية فلسفة الآخر الغربي المغايرة"، هذا المنطق الذي يعبر عن حالة من الولاء لأيديولوجيا سيطرة النظرية في الداخل الفلسفي المنعكِس في تبعيته لكولونيالية الغرب الفلسفية.

أن العرض الإشكالي هذا إنما يحيل ويشير الى موضوع رسالتنا الجامعية الموسومة بـ (فلسفة الحب: كيركجارد؛ نيتشه وسارتر أنموذجا) من عام 2002، والتي عملنا فيها على إحداث أكثر من قطيعة: فمن القطيعة الاسلوبية على مستوى الطرح والتناول؛ الى القطيعة المنطقية على مستوى تفعيل التفكير النقدي والحجاجي في تناول فلسفات الحب؛ والى القطيعة مع مفاهيم النظرية والمنهج المنفصلة عن الممارسة التاريخية والثقافية خاصة في فلسفة الحب التي قدمنا من خلالها مجموعة من القراءات والتأويلات لفلاسفة الوجود الذين طالما تم التعامل معهم بطريقة وضعية لاتاريخية؛ مرورا بالقطيعة الاصطلاحية والتي يمكن القول اننا تجاوزنا معها مفهوم "الفلسفة النسوية" الاستاتيكي الأرثوذكسي بالفطرة، داعين الى تأسيس "مادية تاريخية نسوية/براكسيس المنهج النسوي" الذي ينطلق من الخطاب النقدي للوجود النسوي في العالم بهدف إعادة اكتشاف نظامه المنطقي واللساني والابستمولوجي الخفي والمتحكِم في تاريخيته واستمرار إنتاج/ وإعادة إنتاج هويته الأيديولوجية المجندرة.

لقد سعينا في هذه الرسالة الى إعادة "ابتكار واستذكار" سؤال الخطاب النسوي في الفلسفة وتاريخه، لكن ليس من خلال الاستعراض التقليدي للفلسفة وتياراتها، وإنما من خلال ربط هذا السؤال بالواقع والسياق الثقافي وبكينونتنا السوسيوسياسية والانطوسياسية. وبهذا نكون قد عملنا أيضا على ربط هذا السؤال بكل من النظرية؛ والمنهج والبراكسيس الفلسفي.


*باحثة ومترجمة من العراق-مختصة في الدراسات الفلسفية والحجاجية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أبرز القضايا التي تصدرت المناظرة بين بايدن وترامب


.. الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه ترامب يتبادلان الاتهامات بع




.. هل يتنحى بايدن؟ وأبرز البدلاء المحتملين


.. توثيق اشتباكات عنيفة في رفح جنوبي قطاع غزة




.. آيزنكوت: يجب على كل الذين أخفقوا في صد هجوم السابع من أكتوبر