الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدجل الطبقي - الطبقة بين الواقع و التجريد

موسى راكان موسى

2016 / 3 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قبل الخوض في الفهم أو التحليل الطبقي ، فإن تحديد الطبقات شرط للبدء ، لكن هذا التحديد يسبقه بالضرورة (منطلق عام) ، و إلا كان التحديد في جوهره عبث و غلط ــ هذا المنطلق العام يمكن تلخيصه بالآتي [ للتبسيط ] :

# إن (تحديد) كل طبقة يختلف ، فليس الـ(تحديد) واحدا ؛ و هذا الإختلاف يفرضه الواقع و إن رفضه التجريد ــ لهذا كان لا بد من الإنطلاق من المجتمع ككل لتحديد الطبقات ، لا الإنطلاق بتسليم وجود طبقات قبل بحث و درس المجتمع ككل .

# الطبقة هي عبارة عن أفراد ، إلا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكونوا متماثلين ؛ فالفرق بينهم حتمي ــ إلا أن الفرق رغم كونه كائن إلا أنه لا يُخرج الفرد من الطبقة ؛ و هذا يدفع إلى تمييز بين نوعين من الفرق :
* فرق ضمن نطاق الطبقة الواحدة ؛ و الذي قد يكون (فرق إعتراض) أو (فرق عدم تماثل دون إعتراض أو تناقض) .
* فرق طبقي ــ أي محدد طبقي ؛ و الذي يكون (فرق تناقض) .

# الواقع حين يكون بمعنى النظر في ظاهره السطحي و هو يصرّح عن نفسه لكل من هب و دب ، لا تكون حينها للطبقة علاقة بالواقع ؛ و هذا فعليا ليس إلا جزء من الواقع ــ لكن الواقع حين يتجاوز السطح إلى العمق [ أو ما يمكن تسميّته بما وراء الواقع ] ، تكون حينها للطبقة علاقة بالواقع ؛ و في هذا شمول للواقع [ ككل ] قدر الإمكان ، في محاولة إستحذار نقص أو سوء الفهم الإجتماعي .

# الغاية من التجريد هو التمكين من التعميم ، إلا أن التعميم قد يكون سببا في تضليل و تشويه الفهم الإجتماعي ــ لهذا يسترعى الحذر قدر الإمكان في التعميم .

# في تحديد الطبقة تنعدم التقييمات الأخلاقية و المثالية ، و يُكتفى في تحديد الطبقة بتحديد الدور الذي تلعبه في المجتمع ، أو الإتجاه الذي تنزع نحوه ــ و يجب التفريق بين (التقييم الأخلاقي و المثالي) و (تحديد الدور الطبقي ، الإتجاه الذي تنزع نحوه الطبقة) .

# الطبقة مفهوم لا ميتافيزقي ؛ إذ الواقع يفرض نفسه على التجريد ، ضمن علاقة تقويضية فعّالة دائمة في تكوين و تشكيل مفهوم الطبقة .

# لا وجود لطبقة ذات حضور دائم أو حضور طوري يتجاوز الطور الواحد ؛ فالتغييرات الطورية [ أي من طور إلى آخر ، من حيث النوع ] تمس لا البناءات على إختلافها و حسب ، بل و كذلك مكونات و عناصر هذه البناءات ــ فرجال الدين مثلا في الطور الإقطاعي ليسوا هم هم رجال الدين في الطور الرأسمالي [ و إن كان رجال الدين فئة طبقية أكثر من كونهم طبقة ] .

# هناك طبقات مرتبطة إرتباط عضوي بالكل الإجتماعي ؛ لأن محدداتها مرتبطة بالكل الإجتماعي ــ فالبروليتاريا مرتبطة عضويا بالرأسمالية ، فلا وجود لبروليتاريا إن لم يكن الكل هو رأسمالية [ لكن هل العكس صحيح أيضا ؟! ، هذا ما سيتم تناوله مستقبلا ] .

# ميدان المجتمع الكلي هو ميدان لا عقلاني ، نواجهه ببنية عقلية في محاولة لعقلنته ؛ لهذا فإن النكوس و النكوص في هذه المحاولات لا يعني النهاية ــ كما لا يعني أن محاولة العقلنة بحد ذاتها هي محاولات سيزيفية ، لأن اللا عقلانية أمر حتمي في هذا الميدان المُتغيّر ، إذ تقوم النسبية بدور الوسيط بين محاولات العقلنة و الميدان اللا عقلاني ؛ و هو ما يغري لدفع عملية العقلنة لأقصى ما يمكن في هذا الميدان ، كما لو أن الشعار هو (( فلنعقلن كل ما يمكن عقلنته ؛ وجوبا )) .

# إن تكوين و تشكيل الطبقات لا يخضع لعقل كلي ؛ فإن تكوين و تشكيل الطبقات بخصائص و كيفيات مُعيّنة في المجتمع نزولا عن رغبة أو نزوة مفرطة في العقلانية هو عته ، إلا أن هذا لا يمنع محاولات من هذا القبيل ــ ففي المجتمع الخاضع للملك الإله ، يملك الملك قدرة و لو محدودة لتشكيل و تكوين طبقات ، إلا أن المجتمع ميدان لا عقلاني ، بالتالي فليس بغريب أن تكون هناك تمردات و مؤامرات هي من خصائص الطبقات في الكل الإجتماعي ، و التي قد تؤدي لتقويض المجتمع ككل [ أي كطور أو مرحلة ] ، و الملك نفسه يكون ضحية هذا التقويض .

# التشابه بين أفراد الطبقة الواحدة لا يعني إنعدام الفرق بينهم [ فرق داخل الطبقة ] ، إذ يمكن على أساس هذا الفرق التمييز بين أفراد الطبقة الواحدة نفسها كـ(فئات) ، كما يمكن التمييز بين أفراد الطبقة الواحدة نفسها كـ(وحدات مهنية) أو (عرقية) أو (جندرية) أو (عمرية) ... إلخ .

# جدّية البحث و الدرس العلمي تدفع إلى نبذ تحديد الطبقة (إعتباطيا) أو (إبتذاليا) أو كـ(ترف فكري) [ هذا لا يمنع من أن تتحدد وفق ذلك ــ لكن أقله ليس إن توخى المرء الجدّية ] .



في الختام ــ دفع الحرص على تجنب الوقوع في عرض تسلسلي لظهور الطبقة في الفهم الإجتماعي ، و التركيز على المنطلق العام في تحديد الطبقة ، بـ(المنظور) إلى موقع مُقصى من الطرح ؛ فتحديد الطبقة لا يكتفي بالمنطلق العام إلا و يسنده المنظور . و المنظور الذي نستند عليه هو النزوع للقوة ؛ و هو نزوع إجتماعي حتى في هيئته الفردية [ شرطيّ القوة (التملك ، التفاعل) تجعل الطابع الإجتماعي حتميا ] ، و تتمثل تمظهرات هذا النزوع في البناءات و بين البناءات ضمن الكل الإجتماعي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا