الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في كينونة الوجود السيزيفي للمرأة

انوار طاهر
باحثة

2016 / 3 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في كينونة الوجود السيزيفي للمرأة...

بقلم: أنوار طاهر*


تستدعي ظاهرة الاحتفال العالمي "ألقسري" بأعياد تقع تحت مسميات مختلفة لها علاقة وثيقة بالإنسان وتكوينه النفسي/ والجسدي، إلى قراءة ابستمولوجية تستند على التحليل ألحجاجي والفلسفي والسوسيوثقافي.

ويعد "عيد المرأة" من الطقوس التي نجح مؤسسوها من الطبقة المسيطِرة والحاكمة والمتحكِمة عن بعد عبر أدواتها المنتشرة في جميع أنحاء العالم سواء في شكل وكلاء مختصون متواجدون في خنادقهم من: "مراكز دراسات"؛ "مؤسسات أكاديمية"؛ "جمعيات إنسانية"؛ "منظمات مجتمع مدني" ومؤسسات إعلامية/مصانع تعليب العقول ومسخ الأجساد. مساهمين جميعا يدا بيد في ابتكار حالة من "التآلف السلبي" للغاية مع الخطابات الثقافية النوستالجية الهادفة لتمييع البؤس والتخلف والفقر والحرمان بكافة صوره وأشكاله والإقصاء والنبذ و"ثقافة اللااعتراف" وغيرها من الظواهر الاجتماعية اليومية التي أصبحت تشكل جوهر "الوجود اللاانثوي" في العالم.

لذلك ولغيره من وجع الأسباب التي جارت على المرأة وعلى الرجل بالضرورة، ألا ينبغي علينا طرح سؤالا يقع في غاية الأهمية، وهو عن أي "امرأة" نتحدث ونُهدي لها التهاني والتبريكات؟ هل هي صورة "المثال الافلاطوني" العالق في سماء الحقائق والشعارات الأيديولوجية المزيِفة للواقع؟ أم عن "امرأة" الطبقات النخبوية المنتفعة في جميع الحقب المختلفة؟ أم عن تلك "المرأة الكادحة" التي جرى استخدامها واستنزافها واستغلالها بوصفها احدّ اليافطات الدعائية ومجرد ديكور وزخرفة من الزخارف اللفظية التي ننسبها إلى مسوخات نطلق عليها كلمة "امرأة"، دون عمل جاد من "أشباه منظمات المجتمع المدني المزعومة" أو حتى توجه مسؤول وفاعل من قبل المؤسسة الأكاديمية في البحث والتحليل اللغوي والفلسفي والسوسيولوجي.

الواقع اليومي ينضح بمآس يشيب لها الرأس، وطاولات الطعام والبوفيهات تزدهر بوكلاء السلطة المنتفعين مما يُسمى أيديولوجيا بـ "يوم المرأة العالمي"... كان الله في عونكِ أيتها المرأة المكافِحة والملتِزمة رغم شظف العيش والحرمان...كان الله في عونكِ من استغلال أمثال هؤلاء المتقنعين بأقنعة الدفاع عن المرأة وهم من أكثر المستغلين والملتهمين لحقوقها...كان الله في عونكِ أيتها المرأة التي تسلق على أكتافك وما زال الكثير والكثير من المتزلفين والمتوفرين بكثرة في جميع المؤسسات التعليمية والأكاديمية والسياسية....كان الله في عونكن أيتها الأرامل اللواتي دفعن وأطفالهن ثمنا غاليا وما يزلن...

لنترحم على كل امرأة ماتت جوعا وحسرة مع أطفالها؛ وكل امرأة انتحرت حرقا جبرا لا اختيارا؛ وكل امرأة تزوجت زواجا عشائريا قسريا؛ وعلى الملايين من الأرامل والمطلقات و و و و ... ولنترحم معها أيضا على الفلسفة والعلوم الإنسانية التي ما زالت تعيش في حالة من السبات العميق وتعمد إلى وأد كل محاولة إبداعية تسعى إلى إعادة ألمسكوت عنه في تاريخ نبذ وإقصاء المرأة وذلك من خلال المحافظة على نفس النهج التقليدي الأرثوذكسي في التعاطي مع مثل هذه الموضوعة الإشكالية كتابة؛ بحثا؛ واسلوباً لغوياً يسعى إلى خلق حالة من العزلة بين النص الفلسفي خاصة؛ والثقافي عامة وبين الواقع اليومي المأزوم والنازف جراحاً قاهِرة لإرادة المرأة والرجل على حد سواء، ومؤدية بهما نحو هاوية الانكسار والنكوص والتضخم بثقافة الكراهية والامتلاء بـ "ذاكرة الأحقاد" والضغينة، وها هنا تكمن أعراض أمراض إنساننا السايكولوجية والجسدية المزمنة. وكلما زادت العلل المرضية لمسوخات البشر المتناثرة والمبعثَرة هنا وهناك في واقعنا التراجيدي، عاش وكلاء السلطة في المؤسسة الأكاديمية والثقافية في بحبوحة/وديمومة أبدية.

ختاما...يبدو أن المثقفين والأكاديميين والمتفلسفين لم يتعظوا بعد من حكمة عالم الاجتماع الجليل علي الوردي (رحمه الله): (لقد اُبتلينا في هذا البلد بطائفة من المفكرين الأفلاطونيين الذين لا يجيدون إلا إعلان الويل والثبور على الإنسان لانحرافه عما يتخيلون من مُثلٍ عليا، دون أن يقفوا لحظة ليتبنوا المقدار الذي لائم الطبيعة البشرية من تلك المُثل.)... في إشارة من الوردي إلى ضرورة معالجة قضايانا وإشكالاتنا الثقافية معالجة تاريخية وعلمية....


*باحثة ومترجمة من العراق-مختصة في الدراسات الفلسفية والحجاجية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مونت كارلو الدولية / MCD البث المباشر – أخبار دولية, أبراج,


.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24




.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و


.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد




.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز