الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غسيل دماغ ..

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2016 / 3 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


غسيل دماغ ..
دخل هذا المصطلح الى اللغة بواسطة الصحافي الأمريكي ادوارد هانتر ،الذي كان متخصصا في الشؤون الشرقية ، والمصطلح هو ترجمةٌ للكلمة الصينية"hsi-nao". وايّاً يكن مصدر هذا المصطلح ،فالمقصود به، هو "تدجين" العقول لكي لا تُفكر بحرية ، بل أن تُفكر كما يُريد لها صاحب "المغسلة " !! ولكل صاحب مصلحة أو "إِنتِرِس" مغسلةٌ خاصةٌ به .
وفي رأيي الشخصي ، فاستعمال مصطلح "غسيل الدماغ" في هذا السياق يُجافي الحقيقة ويُمثلُ وجهة نظر الطبقات السائدة والمُتحكمة وصاحبة المصالح .. فالغسيل هو عملية تنظيف الأوساخ التي علقت بالجسم ، الأواني ،المنازل والملابس ، مما يستدعي عملياً الاستنتاج بأن الأفكار أو الآراء التي تتعارض مع الطبقة المهيمنة أو صاحبة المصلحة ، ما هي الّا أوساخ علقت بالدماغ ،لذا يجب تنظيفه من هذه الأفكار والآراء . لذا فأنا شخصيا أُحبذ استعمال مصطلح التدجين العقلي أو السيطرة على العقل ،كوسيلةٍ للسيطرة على البشر واستعبادهم ..
لذا ترى بأن "أصحاب المغاسل" على كافة معتقداتهم وأيديولوجياتهم ، يُصوّرون التفكير المتحرر، على أنه أوساخ لحقت بالثوب الأبيض الناصع لفكرهم .
فالوهابية مثلاً ،تعتبر كل التيارات والمذاهب المخالفة ، كفرٌ وشرك ، لذا تجب تنقية الدين منها، وكذا هي الفاشية والنازية ، القومجية والرأسمالية التي تعبد السوق الحر .
غسيل الدماغ يهدف الى إقصاء كل فكرة مُخالفة وتمجيد الفكرة المستحبة والمرغوبة على النظام ،سواءً كان هذا النظام ، سياسياً ،إقتصادياً أو دينياً. التمجيد يقود الى التقديس والتأليه لاحقاً .. حتى على مستوى عبوة الكوكا – كولا ، فهي وفي مسيرة تسويقها ، نفت كل مُغاير أو مُخالف، ترمز للسعادة والشباب الدائم ، تبعث على المتعة والإنتشاء ، بحيث تحول غسيل الدماغ هذا الى تحويل قنينة الكوكا- كولا إلى "معبودة الجماهير" والتي لا غنى لهذه الجماهير عنها ..
ولطالما تساءل البعض وأنا منهم ، عن ظاهرة انتماء الشباب الى داعش ، والتي لا تمثل إلّا ما يناقض الحياة. والوسيلة الوحيدة لذلك هي الغاء كل البدائل وطرح البديل الوحيد ..مع تمجيد وتقديس لهذا البديل ،بحيث يسهل على الشاب التضحية بنفسه من أجل هذا المقدس ..
إنها أشبه بحالة الإنتشاء ، مع ما يحمله الإنتشاء من احساس بالسعادة الطاغية ،حيث لا هموم ولا صعوبات .. حالة الانتشاء والناجمة عن كيمياء الدماغ ،الذي يُفرزُ مادة شبيهة بالمورفين تقضي على الاحساس بالألم وتُعطي شعوراً بالراحة والسعادة ..
وعلى ذكر السعادة ، فتقول دراسة حديثة بأن الشعب الدنماركي هو الأكثر سعادة في العالم ، وذلك بناءً على معايير دقيقة .. لكنني شاهدتُ فيلماً عن كوريا الشمالية ، يقول فيه أحد المواطنين الكوريين الشماليين بأنهم الأكثر سعادة في العالم بعد الصين . وأنا أُصدقهم في ذلك ..
فالكوريون الشماليون تعرضوا لعملية تدجين للعقل على مدار عقود ، ووسائل الاتصال الوحيدة لهم مع العالم هو التلفزيون والراديو الرسمي الذي يبثُ وبمكبرات الصوت على مدار الساعة . يقول لهم يومياً بأن الزعيم والرئيس الأبدي لكوريا (رغم أنه ميت) هو إله ، وسلالته هي سلالة "الهة الأولمب " . وقمة السعادة لديهم في هذه الحالة هي الالتقاء بالقائد ولزعيم الذي يمثل المقدس الأعظم .
لذا لا عجب أن تجهش النساء بالبكاء حين لقاء الزعيم الكوري ، وان تدمي ايدي الرجال من شدة التصفيق عند رؤية أنواره البهية ..إنها حالة النشوة العظمى أو الإكستازا التي يحصلون عليها ..
فغسيل الدماغ هو تشويه وتدجين للعقل ، وما زال سلاحاً قوياً وفعالاً في ايدي الطبقات المسيطرة ، وما تمثله من مصالح دنيوية وأُخروية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في الإمارات.. مغامران يركضان على مسار جبلي بحواف حادة في تجر


.. القناة 12 الإسرائيلية: الجيش يطلب مهلة 4 أسابيع أخرى لاستكما




.. أحداث قيصري تُثير موجة غضب واحتجاجات عارمة في إدلب وحلب| #ال


.. سرايا القدس: استهداف آلية عسكرية إسرائيلية متوغلة في حي الشج




.. مراسل الجزيرة: خروج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة بعد الإخلا