الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفجديرات عمان صراع بين ارادة الموت وارادة الحياة

مؤيد بلاسم العبودي

2005 / 11 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم يكن ما حدث في عمان فيلما هوليوديا يقتل المجرم في نهايته كل من تعاون معه و أمده بالعون المادي و الإعلامي ...
وليس هو مثل تلك الحكاية التي بثها المؤرخون القدامى في كتب التراث المعتق حول عجوز أخذتها الرأفة بجرو ذئب يتيم فربته فلما كبر افتتح حياته الدموية بنعجتها الوحيدة ..
بل هي نتيجة حتمية لتضارب بين سلوكين و منهجين مختلفين في الفكر والحياة ...
و هو نهاية مفجعة للتحالف غير المعلن بين عصابات الإرهاب القومجي والسلفي الطالباني وبين الحكومات والمجتمعات العربية المغرر بها إعلاميا ضد الشعب العراقي ..
انه الوجه الآخر للخديعة التي تم تمريرها على الشعوب العربية في المنطقة ، فبعد المليارات من الدولارات التي كان يصرفها فرعون العوجة لتحسين صورته الإعلامية في العالم العربي تولت فضائيات خليجية مشبوهة التمويل والتاريخ ومجموعة من أيتام صدام في الداخل والخارج بتصوير المذابح التي كان يتعرض لها العراقيين عموما والشيعة خصوصا على يد فلول الصداميين ومجانين القاعدة على أنها مقاومة و راحوا يعقدون لها مؤتمرات الدعم في الأردن ولبنان وسوريا ومصر والخليج بل وحتى في فلسطين التي عجز أبناؤها عن تحرير شبر واحد من أرضها ..
لم يتحول الزرقاوي إلى مجرم و إرهابي خطير عندما كان وزملاؤه من أحفاد عبد الرحمن بن ملجم وميشيل عفلق يحرقون ارض العراق ويفجرون المساجد والمستشفيات وتجمعات الأعراس والمآتم والمدارس والمطاعم ويوقعون بالآلاف من الأبرياء..
بل كانت كما يصفها الكثير من علماء السوء ومن السلفيين العرب حرب ضد فرق أهل الردة... ويقصدون بهم الشيعة .
كان يتحالف مع الزرقاوي - في عقد غير مقدس - ضد الشعب العراقي مجموعة من البعثيين الجبناء الذين يحلمون بقائد ضرورة وزعيم ارعن يفتتح صباحه بفطائر لحم العراقيين و مخلمة جثثهم المقطعة والمغمسة بشلالات الدماء البريئة .
هؤلاء المجرمون ...كانت تصرف لأجل احترافيتهم في القتل ميزانية أغنى بلد عربي وأفقر شعب عربي على الإطلاق ..
كان العراق يستورد خبراء في القتل والتعذيب بدلا من خبراء التنمية والاقتصاد يحرم مواطنيه من خيراته ويسرف في هباته لجيرانه و ( أشقائه العرب) ..
بينما تفترش السيدة السومرية المجيدة بعبائتها السوداء الساحة الهاشمية وتنام على إسفلت عمان الذي بلط من نفط العراق وتحلم برغيف خبز أردني وهبه نمرود العراق إلى مملكة الأردن مستخسرا أن يأكله جياع العراق...
وما أكثرهم !!
لقد سجلت أحرف التاريخ بحبر المرارة كيف كان الطالب العراقي المتفوق ممزق الأكف وهو يعمل ويدرس في نفس الوقت الذي تطارده الأعين السرية لمخبري الأمن والاستخبارات والطوارئ والمخابرات والحزب والشرطة السرية و الأمن الوقائي وفدائيو صدام والجيش الشعبي و جيش القدس و في نفس الوقت يسهر الحثالات التي كانت توبئ العراق من الطلبة العرب حتى الصباح الباكر في حفلات حمراء .. وقد كانوا يلعبون ويمرحون ويلهون بأموال عراقية ويرشون الأساتذة لينالوا النجاح بأموال عراقية أيضا .
وبعد أن أنقذنا الله من شر الحكم الشمولي الطائفي البغيض وخلنا إننا خلصنا من عقدة الطاغية وحقده وجماعته على أبناء العراق الاصلاء ..
وبعد أن رأى العالم اجمع المخزون الاحتياطي من بقايا شهدائنا الذين دفنهم صدام في بحار الصحراء ...لا جريمة لهم إلا كونهم شيعة أو أكراد عراقيون يعشقون غمائم الحرية وارض المنائر الذهبية وبلاد السواد الأخضر وجبال كردستان الشماء .. ويكرهون الدكتاتورية الفاشستية وبداوة البعث العفلقي الهجين ..
كنا نتوقع أن يكف – أخوتنا - العرب عن الولوغ في دمائنا البريئة ..ويتركون عادة النظر بعين واحدة .. هي عين التمييز الطائفي والعنصري الأهوج كما يفعل الأستاذ خير الدين حسيب (الذي يؤكد على أن المذهب الشيعي هو مذهب فارسي لم يكن له وجود في العراق قبل مائتي سنة ) وهو التركي العثماني الذي لا يعرف عن علاقة الهور بالشيعة العرب الأوائل إلا ما يعرفه الاندنوسي عن رحلة بني هلال ..
وبعد أن سقط وثن القومية الشوفينية ...
جاءتنا كالسيل العرمرم مجاميع من الخائبين والمرضى نفسيا ومن مرتكبي الكبائر والمحرمات و أصحاب العقد الطائفية والمشاريع الخرافية ليجعلوا من عراق السماء مزبلة لأجسادهم العفنة وليحرقوا نخيل العراق وأطفال النعيرية و منائر النور ومواكب العشق الحسيني وعمائم الرسول وبخور المجالس وحناء الإعراس .. بسياراتهم المفخخة و أحزمتهم الناسفة .
وحينما كانت حكوماتنا المؤقتة تناشد العرب كل العرب كلمة استنكار واحدة ..كانوا يوصدون أبوابهم الذهبية المصنوعة في بلاد العم سام ويقولون لنا : إنها مقاومة ضد المحتل .. يجب أن تدفعوا الضريبة .. ضريبة سقوط صدام ...
قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر ... وذبح شعب كامل مسالة فيها نظر ؟
ولكن ...
بعد تفجيرات الأردن - والتي شمتُّ أنا بها كثيرا - اخذ يتساءل الكثيرون من أين جاء الإرهاب إلى الأردن ؟ هل أن الكلب الذي رباه الأشقاء العرب ليحرقوا به العراق في أتون الحرب الأهلية انقلب على مروضيه ؟ ..
هل أن نار الإرهاب.
التي اندلعت في العراق ستمتد إلى الجيران ..
الصحافة المصرية كانت قبل تفجيرات شرم الشيخ تسمي الإرهابيين في العراق بالمقاومة الباسلة حتى حدثت تفجيرات شرم الشيخ وذاقوا مرارة الإرهاب الذي صفقوا له ..
كنا نقول لهم إنهم يذبحوننا فيقولون – قد تكونون متوهمين –
ويقتلوننا ... فيقولوا : إن كل شئ قضاء وقدر وهذا هو قدركم .. و لا شئ بدون ثمن ونحن في مصر دفعنا ثمن التحرير عامك 1919 دماء عدد من المدنيين ..
لكنهم لما ذاقوا الكأس التي اعتدنا عليها تهستروا وتحول الزرقاوي من مقاوم وطني إلى مجرم وحشي بقدرة قادر .
وبمجرد أن نقل عمليات إجرامه من العراق إلى البلدان العربية المجاورة أصدر مفتي الأزهر فتوى بخروجه عن الإسلام وبوجوب قتله بينما كان ساكتا سكوت أبي الهول كما يقول المثل الفرنسي عن كل عمليات القتل الجماعي التي تعرض لها العراقيون الأبرياء.
حتى انزل الله بهم العذاب من اليد التي أطعموها فانقلب السحر على الساحر و بائوا بتفجير من الزرقاوي الذي مدحوه نكاية بالشيعة وسادة آل البيت فتحققت النبؤة وحدثت ( الشارة ).
وهكذا كانت الصحافة الأردنية تدافع عن هذا المسخ بصورة خارجة عن التعقل حتى امتدت يد القتل الوحشي إليهم وقدمتهم على طبق من نار في مذبح الإرهاب .
هل للعراقيين حق في أن يشمتوا – مثلي - بالدول والشعوب العربية التي دعمت الإرهابيين في حربهم ضد الشعب العراقي ؟
هل أن الطائفية السياسية قد أعمت العرب شعوبا وحكومات حتى جعلتهم يسلمون أعناق العراقيين إلى سيوف الطالبان الفلوجية أو القائمية ؟..
لماذا كل هذا الظلم الواقع على الشعب العراقي الكريم ؟؟
ا ليس حقا ما يقال عن أن :
وظلم ذوي القربى اشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند
.....
لقد تم التفجير بعد أيام قليلة فقط عن مؤتمر مجاهدي الانبار وهم حفنة من الإرهابيين على ارض عمان ثم عادت مجموعة إرهابية تنتمي إلى القرون الوسطى من نفس مدينة الانبار لتفجر فنادق عمان التي كانت تحتضن مؤتمرات المقاومة المزعومة وتصفق لها ..
إن ثقافة الإرهاب المتأصلة في نفوس بائسة وتعيسة والحقد الطائفي والفئوي الذي يحركها لتدمير الذات والآخرين هي السبب الأساس لخلق ثقافة الموت التي يروجون لها في حربهم ضد الحياة وضد الإنسانية التي أراد لها الله تعالى أن تكون خليفته في الأرض ..
يبدو أن العرب لم يتعظوا من التجربة الأمريكية في أفغانستان حين احتضنت هذا الدراكولا الوهابي القذر الذي لا يحب النظافة واستخلاف الله و إعمار أرضه ونشر نور التسامح الإسلامي.
لأن بعض الأعراب الذين أتخمهم النفط مثل الصراصير تتأذى من النظافة والطهارة كانت تكيل هجمات تلو هجمات ضد مراقد الأطهار من آل بيت النبوة ..
إن الإرهاب الدولي عبارة منظمات عابرة للحدود لذا فيجب على كل مواطن شريف وكل دولة تحرص على سلامة مواطنيها أن تكافحه بكل الطرق التي تراها ضرورية ورادعة.
وهناك حقيقة يجب أن تقال لكي نستطيع علاجها وهي أن التعامل العربي بمكيالين مع ملف الإرهاب في العراق وملفات الإرهاب في الدول العربية جعل العراقيين ينظرون بكثير من الاحتقار والكره بل وحتى الحقد لهذه الدول والمجتمعات التي تغذي دراكولا الإرهاب الذي يستهدفه جماعات ووحدانا ، و قد أثبتت تفجيرات الأردن ولله الحمد إن الإرهاب لا صديق له إلا الدم والخراب .
أراد الله تعالى للإنسان أن يكون خليفته في إعمار الأرض في حين أراد له إسامة بن لادن و أبو مصعب الزرقاوي مزيدا من الخراب والقتل والدمار..
ولنر ماذا فعل إسامة بن لادن من خراب مدفع في أفغانستان بينما ترك أمواله تتحرك في استثمارات اقتصادية تغمر أراضي السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة ..
أسامة بن لادن الذي كان يسمح لابنة أخيه وفاء بن لادن بالرقص وغناء البوب في حفلات داعرة بلندن حتى الصباح الباكر.. بينما يحرم فتيات أفغانستان من التعلم والقراءة والكتابة بسبب مخاوفه من إنهن إذا تعلمن القراءة والكتابة فسوف يراسلن أصدقاء لهن ويصنعن علاقات غرامية .
الفكر الإرهابي لتنظيم القاعدة لا يعرف إلا لغة الدمار وهو يكفر كل المسلمين الشيعة ويحلل دمائهم صغارا وكبار بالإضافة إلى ذلك فهو يكفر السنة الذين يشكون بكفر الشيعة وكذلك يكفر السنة الذين لا يؤمنون بنظام الخلافة الإسلامية المبني على فلول التقاليد المروانية و السفيانية البائدة ..
لذلك وجب على العرب قبل غيرهم تشكيل لجان لدعم الشعب العراقي في مواجهة الإرهاب الذي يستهدف وجوده بدلا من التفرج أو دعم جزاري العراق ..
لأنه شعب طيب ودود مضياف كريم وشجاع وفي نفس الوقت هو ذكي و لا ينسى كل من وقفوا معه أو وقفوا ضده في محنته التي لابد من زوالها في يوم ما .
ومن يقف ضد إرادة الخير والصلاح في العراق فنحن نقول بكل صدق : اللهم أعطهم ما يتمنون لنا . اللهم آمين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستوطن يحتفل بزفافه في ساحة المسجد الأقصى وسط حراسة الاحتلال


.. المسلمون في الهند يواجهون التمييز بعد إجبار المطاعم على عرض




.. إبراهيم عيسى يسأل: هل يحق للمؤسسات الدينية أن تؤسّس مدارس تع


.. صورة لهاريس مع رجل دين إيراني تثير الجدل.. وتقرير أميركي يحذ




.. -داعية الرولكس- التحقيق مع داعية سلفي ألماني من أصل مغربي مت